تفسير سورة ق للشعراوى
تفسير سورة ق
للشعراوى
بسم الله الرحمن
الرحيم
( ق والقرآن المجيد ) ق حرف من حروف الهجاء من الحروف
المقطعة حرف معجم ليس له معنى إلا فى التكوين فى الكلمة لأن الحروف
( 3 ) أقسام :
1 ) حرف يكون فى بناء الكلمة وليس له معنى آخر .
2 ) حروف مقطعة لا هى مبنى ولا معنى فالحروف المقطعة فى
القرآن فى
( 28 سورة ) فالله أعلم بمرادها وستظل غيبا لها عطاء لأن
العطاء ليس من الضرورى فهمه فالانتفاع بالشىء ليس من الضرورى أن تكون على دراية به
فمعرفة الشىء غير الاستفادة من الشىء .
فى حرف الجيم يوجد ( 3 أشياء ) .
1 ) عقائد تعمر القلب 2 ) تكليف فعل الجوارح 3 ) كلام يؤدى لمن يشاء .أمر قلبى للعقائد وأمر
تكليف للجوارح وتعبير باللسان .
فكل واحد من ال ( 3 ) به نوعان :
1 ) العقائد التى تعمر القلب والتكليف فعل الجوارح وتعبير اللسان :
1 ) فيه غيب 2 ) فيه مشهد
فالايمان بالاله الواحد ( الله عز وجل ) فالعقل يدركه فالقرآن فضح الملاحدة فى
شيئين :
1 ) ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ولئن سألتهم من خلقهم
ليقولن الله ) لأن الإنسان الأول ( آدم عليه السلام ) وجد الكون فهو طرأ على الكون
فهذا تحدى فى الكون وجاءت دعوة من القوة التى خلقت ( الله هو الذى خلق الكون ) .
فالله وجدت فى مفهوم الناس والمفهوم فى اللغة أن المعنى يوجد أولا ثم يوجد
الإسم له فمن أين وجد فى لغة الإنسان لفظ الله فالله لا بد أن يكون موجودا .
2 ) صدقت القضية نقدا وعقلا فالله الذى خلق الكون والذى يخلق شيئا يحدد له
مهمة لأننى بصفات الكمال المطلق خلقت الإنسان والكون فمهمة الإنسان عبادة لله عز
وجل فيوجد قوة ومتلقية عن القوة فالقوة التى يتلقى عنها يوجد عنده جلد للتلقى فلا
يوجد أحد يستطيع التلقى من الله مباشرة فيختار الرسل معدين للرسالات السماوية (
اليهودية وكتابها التوراة والمسيحية وكتابها الانجيل والاسلام وكتابه القرآن ) ويتلقوا
عن ملك مختار ( جبريل عليه السلام ) فلا نتلقى من الملك مباشرة وإنما نتلقى من رسل
الله أجمعين عليهم صلوات الله ورحمته فيأتى رسول من الملائكة مصطفى أى مختار من رب
العالمين لانزال الرسالات على رسل الله فى الأرض ( جبريل عليه السلام ) لهداية
البشرية لطريق الحق ونبذ طريق الباطل فالمصطفى من الرسل مصطفى من البشر عن الله عز
وجل فلا بد من مبلغ للإنسانية فالمبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مبلغ عن
جبريل عليه السلام والذى تلقى الرسالات من الحق سبحانه وتعالى .
بدليل أن موسى عليه السلام قال لرب العالمين ( دعنى أنظر إليك قال لن ترانى
ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف ترانى فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر
موسى صعقا ) فموسى رأى صاعقة المتجلى عليه فكيف إذا رأى المتجلى فالعقل الذى يحكمه
بوجود قوة عليا هى التى خلقت وعقل حكم بضرورة البلاغ عنها لا بها لكن بوسائط أخرى
عن طريق الأساليب والفصاحة والبلاغة فالعرب صنعوا معرضا للكلمة سوق عكاظ فرسول
الله صلى الله عليه وسلم يأتى بالقرآن من جنس ما بلغ فيه القوم من الكلمة والفصاحة
والبلاغة والأساليب ( قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به ولكنه شاء أن
أتلوه عليكم وأن أدريكم به فلقد لبثت فيكم عمرا قبله أفلا تعقلون ) فأول درجات
الأمانة فلما يأتى التحدى بالبلاغة والفصاحة وحسن الأساليب بلغة اللسان فلا بد من
تحدى أمة بليغة فلا بد أن تكون أحسن منها فى الفصاحة والبلاغة وحسن الأساليب فلو
كانت خامات الكلام مختلفة ( الحروف ) فمن أين أتت البلاغة ؟ فالمتكلم هو الله عز
وجل فالكلمات المقطعة جاءت لتسند القرآن من ناحية أخرى لأن القرآن به الكثير من
الحروف المقطعة ( ألم / حم / ألمص / كهيعص / ص
ق ) فالكلمات اللسانية بها مشهد أما العقل به غيب .
فالصلوات الخمس ( الفجر ركعتان / الظهر والعصر والعشاء أربع ركعات
المغرب ثلاث ركعات ) فهذا غيب فما الذى جعلنى أصدقه ؟ بالعقل عرفت أنه إله
فالذى دل على أنك آمنت بوجود إله فخطط المشهد أن يكلف الإنسان بأمر غيبى لأن ثقتك
به تجعله تصدقه دون فهمه فالقرآن الكريم العظيم حروف مقطعة فى أوائل السور وكلمات
نفهمها جميعا فالحروف المقطعة هى الخامات التى تكون منها القرآن الكريم العظيم
لأنه دليل الاعجاز فالحروف ( 28 حرف ) وجاء ( 14 حرف ) وجعلهم من الحروف المقطعة
فجاء مرة بحرف ومرة بحرفين ومرة بثلاثة ومرة بأربعة ومرة بخمسة .
( ق والقرآن ) هم المكونين للكتاب بل ( ق ) دليل الاعجاز فى ( القرآن
المجيد ) جاء بالدليل والمستدل عليه فالحروف المقطعة لها معانى عديدة
( ق والقرآن المجيد ) وحرف قسم واحد ( والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين
آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )
( والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى
يوحى علمه شديد القوى ) والنجم واو القسم واثنين ( يس )
و ( طه ) و ( حم ) وثلاثة ( ألم ) فالقسم ( 4 ) ( ألمص ) و ( 5 )
( كهيعص ) ( والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين لقد خلقنا
الإنسان فى أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات
فلهم أجر غير ممنون فما يكذبك بعد بالدين أليس الله بأحكم الحاكمين ) ( والطور
وكتاب مسطور فى رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور إن عذاب
ربك لواقع ما له من دافع يوم تمور السماء مورا ) ( والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها
والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها
فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها ) .
فالغيب يأتى بالمعانى الواضحة فالله غيب ولا بد من تصديق ذلك فالقرآن مبنى
على الوصل ( قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذى
يوسوس فى صدور الناس من الجنة والناس ) فموصولة ببسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله
رب العالمين ( الفاتحة ) فالقرآن كله مبنى على الوصل فكل حرف من الحروف المقطعة
جملة لوحده فلا أقول ( ألم ) حرف ولكن ( أ ) حرف و ( ل ) حرف و ( م ) حرف .
( ق والقرآن المجيد ) القرآن المجيد : المجيد : هو اسم نزل من الله عز وجل
ليثبت أن القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم للبلاغ عن الله عز وجل .
فالقرآن دل على أنه مقروء وكتاب دل على أنه مكتوب ( أن تضل إحداهما فتذكر
إحداهما الأخرى ) فالكتب كلها كانت منهجا لا معجزة فالقرآن معجزة ومنهج اجتمع كله
إلى أن تقوم الساعة فكرامة منهج الرسول صلى الله عليه وسلم هى عين الهيمنة .
المجيد : بديع / مرتفع / سعيد .
( بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم ) من تعجب من هذا ؟ ما تعجب من هذا إلا
الكافرون فغير الكافرين لا يتعجبوا لماذا ؟ لأن القرآن نزل فى ( 13 ) سنة فيوجد
أناس آمنفى وا بمجرد أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا رسول الله فآمنوا به
فلم ينزل قرآن إلا أنهم يؤمنوا فحيثيتهم أخذت من سلوك رسول الله صلى الله عليه وسلم
قبل أن يكون رسولا فأبو بكر الصديق رضى الله عنه حينما قال له رسول الله إنى رسول
الله لم يسأل ؟ بل آمن على الفور لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكذب على
الخلق فلا يستطيع الكذب على الخالق فعندما ادعى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه
ذهب لبيت المقدس فى ليلة وعاد فقال أبوبكر إن كان قال فقد صدق فرسول الله صلى الله
عليه وسلم لم يجرب عليه كذبا أبدا بل كان الصادق الأمين ففى آخر سورة الفتح ( محمد
رسول الله ) محمد مبتدأ ورسول الله خبر فكأن كلمة محمد دليل على أنه رسول الله لأن
حياته الأولى قبل البعثة تدل على أنه معد لهذه المهمة ما جرب عليه كذب أبدا ولا
جرب عليه شىء مما يفعله فتيان الجاهلية فرسول الله الذين تعرفون ماضيه وتاريخه هو
رسول الله فأخذوا الصدق من صدق الرسول فى حياته فعندما أراد القوم وضع الحجر
الأسود فى مكانه فى الكعبة المشرفة وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم فى مكانه بيده
الشريفة .
( فقد لبثت فيكم عمرا من قبلك ) ( فقال الكافرون هذا شىء عجيب )
( وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا
رسولا ) فرد عليهم بأنهم يريدون ملكا فلقد آتيتكم ببشر رسول ولو جعلته ملكا
أتشاهدونه على صورته لا بل لا بد من تصويره فى صورة بشر فالوقفة الأولى بشرا أم
ملكا .
( بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شىء عجيب أءذا كنا متنا
وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ) فنقل المسألة من كونه بشرا إلى مسألة البعث ( أءذا متنا
وكنا ترابا سنبعث إذن ( ق والقرآن المجيد ) فيوجد بها جواب أنك لمنذر إلى ( ق
والقرآن المجيد ) إنكم لمبعوثون فالأولى بل عجبوا والثانية ( أءذا متنا وكنا ترابا
ذلك رجع بعيد ) الرجوع إلى حياة بعيد عن الأذهان فيوجد لديكم آثار سيدنا ابراهيم
وسيدنا اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام وتعرفون الله بدليل ( من خلق السموات
والأرض ليقولن الله ) ( ومن خلقكم ليقولن الله ) فابراهيم عليه السلام حينما قال
لربه أرنى كيف تحى الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى
فقال أنا مؤمن وأريد قلبى يطمئن فالإيمان اطمئنان القلب لعقيدة ما
( عقيدة الاسلام ) فكيف يقول آمنت ولكن ليطمئن قلبى فأنتم غفلتم عن السؤال
لأن ابراهيم لم يقل يا رب أتحى الموتى ولكن قال كيف تحى الموتى فإحياء الموتى أمر
مسلم به لأنه يريد معرفة الكيفية فى الاحياء والكيفية لا تقاس وإنما تفعل أمامك
تجربة فعلية .
( فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن
يأتينك سعيا ) الخلق يعاون غيره بأثر قوته فالحق حينما يريد نقل قوته فقال سيدنا
عيسى عليه السلام ( إنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن
الله وأبرىء الأكمه والأبرص وأحى الموتى بإذن الله ) فيوجد فرق بين أثر القوة الضعيف
وبين تعديه القوة للضعيف فيصير قويا ولا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل .
( أءذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ) فالقرآن يرد بقوله ( قد علمنا ما
تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ ) كيف ؟ فكل إنسان له تكوين من
( 16 عنصر ) منها الأكسجين والكربون والهيدروجين والنيتروجين والكالسيوم
فتتخلق العناصر مع بعضها البعض فهذه العناصر معلومة عند الحق ( قد علمنا ما تنقص
الأرض منهم ) وإن كانت العناصر الخارجة عنه لا تزال خارجة عنه لا باختلاف مجموع
العناصر فمن أى الجهات تأتى العناصر ؟ بل تمتد العناصر بحفظ الله عز وجل فحفيظ /
اللوح المحفوظ فالكتاب يقال له ( إقرأ
كتابك ) فعلم الله واسع لا يحده حدود فحافظ بمعنى فاعل وحفيظ بمعنى فعيل ومحفوظ
بمعنى مفعول ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ ) ( بل هو قرآن كريم
فى كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون ) ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) (
وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب
مبين ) ( بل كذبوا بالحق لما جاءهم ) الحق : أمر مفرغ منه فلا تغيره قواعد الحياة
فالحق الشىء الثابت الذى لا يتغير
( أءذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد ) فعن طريق تحليل العناصر وجد أنها تتكون
من جزيئات وذرات فالعناصر لها أسباب فى تكوينها ( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم
وعندنا كتاب حفيظ ) فالمعنويات بين الناس دمرت بسبب البعد عن منهج الله ولا بد من
العودة لمنهج الله ولا بد من العودة لمنهج الله حتى تستقيم المعنويات بين البشر .
( أنزلنا من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما
يوقدون عليه فى النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل
فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض ) فيوجد زبد فى المائع
وزبد فى الجوانب .
( وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا ) فكلمة الله ثابت
لها أنها عالية فالباطل جندى من جنود الحق ( بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم فى أمر
مريج ) المريج : الأمر المختلط .
مرة قال شىء عجيب ومرة قال أمر مكذب ومرة قال أمر مريج فالمريج أثمرت
مفاتحه فى العصبة ليتلألأ فى الصانع فقال الكافرون على رسول الله صلى الله عليه
وسلم بالكذب أنه ساحر وكاهن وشاعر فهم لا يعرفون ما يقولون فى أمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم لأن الحق شىء واحد والكذب أشياء متعددة فالقضية واضحة إن كانوا
صادقين يحكوا عن واقع شاهدوه جميعا وإن كانوا كاذبين كل منهم يحكى رواية مختلفة عن
الآخر فالحق لا يمارى فيه فلا يصح إلا الصحيح ( بل كذبوا بالحق لما جاءهم فهم فى
أمر مريج ) ثم انتقل الله عز وجل لاثبات أشياء فى العقيدة الأولى وهى وجود الإله .
( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها ) ( إن الله يمسك السموات
والأرض أن تزولا ) فالسموات مرفوعة بلا عمد ( أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات
ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن ) ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها
وزيناها وما لها من فروج ) ( والأرض مددناها وألقينا فيها رواسى وأنبتنا فيها من
كل زوج بهيج ) .
المد : بسط الشىء فى حيز أكبر من حيزه الأول ( وجعلنا الجبال أوتادا ) أى
رواسى ( ومن كل شىء خلقنا زوجين ) ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهى تمر مر السحاب )
فالسحاب يمر بالهواء .
( والأرض مددناها وألقينا فيها رواسى وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة
وذكرى لكل عبد منيب ) ( ونزلنا من السماء ماء فسلكه ينابيع فى الأرض ) فيوجد نزلنا
وأنزلنا ( إنا أنزلناه فى ليلة القدر ) ثم نزل به الروح الأمين ( جبريل عليه
السلام ) .
( ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات
لها طلع نضيد ) .
( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزينها ومالها من فروج والأرض
مددناها وألقينا فيها رواسى وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب
) ( ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها
طلع نضيد رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتة كذلك الخروج ) الحق سبحانه وتعالى
حينما تكلم عن السماء والأرض أنه جعلها ظرفا لأشياء ( له ملك السموات والأرض )
والسموات والأرض فيها من العجائب ما لا يحصى والسموات والأرض ظرف لشىء
آخر ( له ملك ما فى السموات وما فى الأرض ) فكأن عطاء الله لا ينتهى بما
نراه فى السموات والأرض ولا نراه بما فى السموات ولا بما فى الأرض ولا بما جهلناه
من غير فى السموات والأرض فعطاء الله لا يتناهى هذا كله ظرف والانسان خليفة مظروف
فيه والمظروف فى ظرف ليس لأحد من المظروفين حظ على الآخر فحظ الظرف على المظروف
واحد ولكن قيمة فى الظرف مختلفة فالانسان المظروف له قيمته الخاصة إنما حظه من
الظرف واحد .
فالنظر للاختلاف وجد الاختلاف لصالح الجميع فالحق سبحانه وتعالى
( حينما رفع بعضها فوق بعض درجات ليتخذ بعضها بعضا سخريا ) فحينما يرفع
الله كل إنسان ليعمل عملا محددا له فى الحياة فالمهندس يهندس المبانى بفكره ورأيه
فهو يحتاج للعامل ليبنى والكهربائى لوضع الكهرباء والنجار لعمل الأثاث والأبواب
والشبابيك والسباك لعمل الأحواض والمراحيض والسيفونات والبانيوهات ) فالقيم لا
تعطى منزلة عند الله فالقيمة عند الله للمتقى فى عمله فلا يوجد أحد أعلى من أحد
فكل إنسان يساوى مجموع كل إنسان فكل إنسان مرفوع فى شىء ومرفوع عليه فى شىء آخر (
لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا
منهن ) فكل البشر يؤدون مهمة واحدة فالاختلاف ليس فى قيمة الأشياء وإنما فى قيمة
بقائها فالامام على كرم الله وجهه يقول ( قيمة كل إنسان ما يحسنه ) فالناس شركاء
فى المظروفية ولكن كل إنسان له قيمته ( ورفع بعضها فوق بعض درجات ) أى بعض مرفوع
وأن بعض مرفوع عليه ليس بالغنى والفقر بل بالصحة والعقل والرضا والسعادة بالأطفال
فكل الزوايا بها درجات فمجموع الإنسان يساوى مجموع كل إنسان فكل إنسان له دور فى
المجتمع فلا يوجد أحد ابن الله فكلنا سواء عند الله عز وجل فالعمل منظم لحركة
الحياة فربط العمل فى الأرض بحاجات ( رضيت بقدرى فأعطيك ) فالدرجات عند الله
مرفوعة بالعمل الصالح فيوجد تحت الثرى ( التراب ) أشياء مفيدة لا بد من استخدامها
الاستخدام الأمثل .
( أفعيينا بالخلق الأول بل هم فى لبس من خلق جديد ) ( أءذا متنا وكنا ترابا
ذلك رجع بعيد ) هناك تكلم عن الكونيات التى حول الإنسان وهنا يتكلم عن الإنسان
وحقيقته لوجود آية ( سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم ) فتكلم عن آيات الآفاق
السماء وما فيها من غيب والأرض وما فيها والمطر الذى ينزل من السماء فيحى به الأرض
بعد موتها والناس المكذبة بالرسالات لأن الأشياء الحادثة فى تكذيب الرسل السابقين
فيها آثار تدل عليها ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين ) سترون آثار عاد وثمود
ولوط من الأمم المكذبة فآثارها موجودة فى الآفاق وفى أنفسكم أى تكلم عن
الإنسان من الذى خلقه الذى خلقه الله عز وجل فالله يخلق شيئا يعرف خباياها
ودقائقها كذلك خلق الإنسان فنعرف الأشياء التى توسوس له بها نفسه فانتقل من قوله
فى الآفاق إلى قوله فى أنفسهم فالسورة موجودة فى سورة ( يس ) ولكنها مقلوبة حيث
جعل النفس أولا ثم ما حوله من الآفاق ثانيا ( وضرب لنا مثلا ونسى خلقه قال من
يحىيى العظام وهى رميم ) فقد خلقت أيها الإنسان من أب وأم لكن موصول بآدم عليه
السلام
فالإحصاء الفلسفى يصدق قول الله عز وجل فى السير نحو الماضى إلى أن يوجد
أحد من البشر أساس تكوين البشرية ( آدم وحواء ) فإذا أراد الله شيئا أن يقول له كن
فيكون فلقد خلقت أيها الإنسان من عدم أولا ( لأنه أحسن كل شىء خلقه وبدأ خلق
الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ) ( خلقكم من نفس واحدة وخلق
منها زوجها ) فردت الأية على ظاهرة الاستنساخ فأول الأجناس النبات ثم الحيوان ثم
الإنسان ففى النبات فهل أحد رأى تقاوى التين الشوكى أو الجميز أو العنب فكل هذا
استنساخ لكنه لم يأت بشىء جديد .
فالاستنساخ فى الحيوان مرتبة ثانية وعمل النعجة ( دوللى ) فلقد ثبت
الاستنساخ فى النبات فستقومون به فى الحيوان ( النعجة ) وجاءت لكم نعجة هنا .
الإنسان والحيوان فمهمة الحيوان التكاثر لأن ليس من المطلوب من الحيوان
تكوين أسرة لكن الإنسان مطالب بتكوين الأسرة والمجتمع بقيمه فالولد يأتى من
الأبوين فتحمل به الأم ( 9 أشهر ) ثم تتم الولادة والخروج للدنيا فالحيوانات كلها
أصغر الكائنات طفولة فالحيوان ينزل من بطن أمه يمشى على الفور لكن الإنسان ينزل
على حجر أمه ليجلس عدد من السنين فالنبات والحيوان للتكاثر أما الإنسان هدفه تكوين
الأسرة المنسوبة إلى خالقه فلا بد أن تنشأ من علاقة وعلاقة مبنية على التجانس لا
على علاقة إرغامية فهى علاقة حب وعواطف فالإنسان له مواصفات فى المرأة التى يريد
أن يتزوجها فالأب والأم يحبون طفلهم ويرعونه حق الرعاية فالإنسان موجود فى أسرة من
أم وأب متعاطفين متجاذبين يقومون بالتربية خير قيام فالاستنساخ قادر عليه الله
بدليل أنه حينما كان آدم عليه السلام نائما فى الجنة خلق الله عز وجل من ضلع آدم
حواء فلما أفاق نظر إليها قال من أنت قالت أنا حواء لتسكن إلى فحنان الأب مسترسل
ولكنه ليس مطلوبا فالشاب عندما يبلغ ليس له حق عند أبيه أو أمه ( وإذا بلغ الأطفال
منكم الحلم فليستئذنوا كما استأذن الذين من قبلهم
وينقلب الحق عند الولد ليصبح عند الوالد فالشباب لا يربى فالشباب طاقة
تستغل فى حركة الحياة فلا بد من حسن التربية الصحيحة واستئناس الطفولة بالتربية
الصحيحة استأنفوا معكم طفولتكم معنا فالاستنساخ موجود فى النبات والحيوان للتكاثر
أما فى الإنسان فمن الصعب وجود تأثير للاستنساخ عليه لأن الإنسان مطالب بتكوين
أسرة فى مجتمع سليم
( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ) الوسوسة : صرف حلى الذهب
فالامام على كرم الله وجهه يقول كيف أعلم الشر الذى فى نفسى هل هو من النفس أم من
الشيطان ؟ فابليس عندما عصى من وسوسة فهو راجع للنفس فابليس يستغل شهوة النفس فى
الإنسان ليعمل المحرمات فقوم إسرائيل حينما تبعهم فرعون بجنوده قالوا لموسى عليه
السلام إنا لمدركون البحر أمامنا والعدو خلفنا فقال لهم موسى عليه السلام ( كلا إن
معى ربى سيهدين ) ثم أمر الله عز وجل موسى بضرب البحر بعصاه فانفلق فأصبح كالطود
العظيم فهذا خلق المؤمن ( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ) فالأعمال لا
تطلب للثراء وإنما تطلب للترف والبطر فلا كرب وأنت رب فالأشياء التى تصب هما :
1 ) ليس فيها سبب 2 ) يوجد لها
سبب .
فالمضطر استنفذ كل أسبابه فالتكليف يحد الإنسان عن الشهوات والشهوات تأخذهم
فسأتذكر إننى إنسان مؤمن فيوجد عملية للنفس وعملية من الشيطان فإذا كانت المعصية
تلح عليك بذاتها فاعلم أنها من النفس فإذا جاءت من الشيطان فسيجعلك تنتقل لمعصية
أخرى وهكذا للأبد إلى أن تقوم الساعة فالتفكر فى المعصية المنقول من الشيطان
والثابت فى منطقة واحدة من النفس فالنفس تريدك عاص من لون محدد لأن الذين طبع فى
النفس من أيام عالم الذرة ( ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) أما عندما جاء للدنيا
الشهوات قامت بسحبه فإذا كان الإنسان نبيه من الأحداث ما تستغل نفسه فالسيف الذى
يصيبك قسمين :
1 ) قسم لك فيه دخل 2 ) قسم ليس
للإنسانية فيها دخل .
فكل شىء فى الكون يصير بحكمة الله فالنفس البشرية تسأل عن الحدث الذى جاء
به وحصل لأحد أولاد تلك النفس البشرية فلا بد من معرفة من فعل الحدث ) قسم أعرف
سببه وإنه منى فسلم أمرك لله فالحكمة بقضية .
2 ) قسم ليس لى دخل فيه : واذكر خليل الله ابراهيم عليه السلام فى ذبح إبنه
اسماعيل عليه السلام فلما قال خالقه ( فلما أسلما ) ( ونعلم ما توسوس به نفسه )
فالهم يشغله .
س : ما أشد جنود الله ؟
ج : أشد جنود الله ( 10 )
1 ) الجبال 2 ) الحديد 3 ) النار
4 ) الماء 5 ) السحاب 6 ) السكر يغلب ابن آدم 7 ) النوم يغلب السكر 8 ) الهم يغلب النوم
فحبل الوريد الذى يغذى الجسم كله بالدم الذى به الطعام ( ونحن أقرب إليه من
حبل الوريد ) وجاء بالمعنى النفسى ( وفى أنفسكم أفلا تبصرون ) بعد ( وفى الآفاق )
( وضرب لنا مثلا ونسى خلقه قال من يحيى العظام وهى رميم قل يحييها الذى انشأها أول
مرة وهو بكل خلق عليم الذى جعل لكم من الشجر الأخضر نارا ) بأن الاحياء الأول عن
موجود والخلق الأول عن غير موجود فالخلق عن موجود أهون فى الخلق عن غير موجود فجاء
بالمعنى النفسى بعد الآفاق ثانيا ( سورة يس ) وفى ( سورة ق ) جاء بالآفاق ثم
بالمعنى النفسى .
( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ( وقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا
قال أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء ) لأن الله خلق الإنسان وخلق جوارحه وبعد ذلك
قال للجوارح أطيعى مراد عبدى فالجوارح خلقت بأمر من الله فهى تعمل العمل وهى غير
راضية ففى الآخرة تقول الجوارح لصاحبها
( وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء )
( إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين والشمال قعيد ) ( ما يلفظ من قول إلا لديه
رقيب عتيد وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ) فمن شدة البيان الابهام
فالابهام أشد البيان احذر أن يأتيك الموت وأنت على معصية الله واحذر من أن تموت
قبل التوبة لأن الحسنات يذهبن السيئات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما أرى
يقينا أشبه بالشك من يقين الناس بالموت ) فالأمل هو الذى يعمر الحياة فالموت قد
يفاجأ الإنسان فى أى لحظة من اللحظات لمقابلة الله بذنب تبت عنه واستغفرت الله
عليه ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه
تحيد ) فنفخ الله نفخة أولى فى الصور فمات كل الناس من على وجه الأرض ثم نفخ فيه
أخرى ( فى الصور ) فبعث الناس من قبورهم للحساب يوم القيامة ( ونفخ فى الصور ذلك
يوم الوعيد وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد لقد كنت فى غفلة من هذا فكشفنا عنك غطائك
فبصرك اليوم حديد ) حديد : حاد ( وقال قرينه هذا ما لدى عتيد ألقيا فى جهنم كل
كفار عنيد مناع للخير معتد مريب الذى جعل مع الله إله آخر فألقياه فى العذاب
الشديد ) الكفار من مادة الكفر : الستر والكفار شديد الستر إما كفار نعمة أو كفار
ألوهية ( لقد كان لسبأ فى مسكنهم أية عن يمين وشمال كلوا من رزقه واشكروا له بلدة
طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتى أكل
خمط واثل وشىء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازى إلا الكفور ) أى كفروا
النعمة
( وجعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السيل
سيروا فيها ليال وأيام آمنين فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلناهم
أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور ) ( وهل نجازى إلا الكفور
) .
( ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد ) والأمر للسائق والشاهد لأن السائق يسوقه
والشاهد يشهد عليه بدخوله النار ( ألقيا فى جهنم كل كفار ) ومادة كفر تأتى للستر
دائما إلا أنه فيه كفر وفيه كفار الكفار كثيرو الكفر والكافر هو الذى كفر مرة
واحدة أما الكفار كثيرو الكفر فكفره يتعدد لماذا ؟ لأن الذى يكفر بالإله كفر به
مرة واحدة أما الذى يكفر بالنعمة فهو كل ما تأتى له نعمة يزيد كفرا بها فالتكليف
إنما يجىء فى كفار النعمة وكفار النعمة قسمين إما أن يكونوا هم الذين ستروا النعمة
فى مكانها ولم يذهبوا إليها بجهد العمل وعرق العافية أو أنه جاءوا بالنعمة فى
جيوبهم ولكن ضلوا بها على المحتاجين فالكفار بالنعمة ( 2 ) :
1 ) سترها لأنه لم يذهب إليها 2 )
جاء بها ولكنه ظن بها على أنه تذهب لدى الغير .
( ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد ) عنيد : لأن الذى يعند عندما تقول له شيئا يعرف
بها ولا شك أن دعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم للناس بالإيمان تتكرر دائما
فكل مرة يعند متمسك برأيه فلا يقبل حجة ولا نقاشا
( ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد ) هذا الكفر بالله وإذا كان فى كفر نعمة عنده
ماذا حتى لو سأله سائل لا يعطيها فالعناد فى الكفر بالله وفى كفر النعمة كذلك (
ألقيا فى جهنم كل كفار عنيد مناع للخير معتد مريب ) مناع للخير تظهر فى من كفر
النعمة والذى كفر بالله مناع للخير فى ماذا ؟ مناع للخير على نفسه ظلم نفسه ومنع
الخير عن الغير بوقوفه ضد صاحب الدعوة لا الإيمان فهنا مبالغة ( مناع للخير معتد
مريب ) معتد : مناع للخير إن كان عنده خير فظن به ومناع للخير إن كان فى الكفر
مناع لغيره ومعتد بأنه عندما تأتى له دعوة لأى أمر لا يهتم أو أنه فى مسألة منع
الخير يمنع الخير إن كان معه ولكنه لا يكتفى بذلك بل يريد أن يأخذ الخير من الغير
فيرتشى ويسرق ويخطف وينصب ويدلس ويختلس كل هذا أخذ نعمة من الغير فمنع الخير إن
كان عنده خير ومنعه عن الناس ويعتدى عندما يريد أخذ الخير بأى وسيلة من غير حل
ونقل المال من صاحبه إلى غيره بصور متعددة بمعنى أنه يسرق والسرقة لها أصول يسرق
نصابا ومن الحرز مثله والرشوة والخطف والغصب كل ذلك صور من أخذ الخير بغير وجه حق
فالسرقة مختلفة ولها نصاب فالخطف خطف شىء من أمام أحد والاغتصاب خطف وأخذ اليد
بالعافية والاختلاف أن يؤمن على شىء
إما سرقة أو خطف أو غصب أو رشوة أو اختلاس فهذا صور الاعتداء على مال الغير
( مناع للخير معتد مريب ) مريب : شكاك عنده شك فنوع الشك يراوده فيرتاب فى أصل أن
يعطى خيرا عنده إلا إذا كان له مقابل
( الذى جعل مع الله إله آخر فألقياه فى العذاب الشديد ) فالعذاب نوعان :
1 ) عذاب مطلق 2 ) عذاب شديد
( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) فالأول عذاب
مطلق غير موصوف بشدة وعذاب موصوف بشدة فالذى أشرك بالله له عذاب مطلق وشديد أما
الذى يعمل معصية ما فربما يغفر الله ذنبه إذا تاب عن الذنب ويستغفر فهو فى رحمة
الله لأن كلمة التوحيد عندما تقال لها أثر فى حماية النفس لدى العاصى فإذا تساووا
فكلمة التوحيد ليس لها معنى فالعذاب الشديد لمن كفر بالله وأشرك به .
وتوجد قضية ( ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) فالغفران قد تكون نهائية وهو حى
وتاب وأناب وبعد ذلك قام بعمل حسنات كثيرة ( أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات )
وإنما إن تاب ولم يفعل حسنات كثيرة يدخل فى العذاب قليلا لماذا ؟ لكرامة كلمة ( لا
إله إلا الله ) ( قال قرينه ) سواء من الانس أو من الجن ( قال قرينه ربنا ما
أطغيته ولكن كان فى ضلال بعيد ) إما شيطان الانس أو شيطان الجن لأنه حينما شاهد
المأزق الذى هو فيه يتبرأ من المسألة ( قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكنه كان فى
ضلال بعيد )
( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) ( قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين )
بالقوة لنجعلنا نكفر ( بل لم تكونوا مؤمنين ) ( وقال الشيطان لما قضى الأمر أوعدكم
وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لى عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى فلا
تلومونى ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخى ) فالسلطان نوعين :
1 ) سلطان قوة وبطش كفر عن قوة بأن يرغمه على الكفر
2 ) سلطان حجة يقنعه بأن يكفر عن اقتناع .
فما هو المصرخ ؟ المصرخ : الذى فى مأزق يصرخ صرخة الفزع ليستدعى بالصرخة من
ينقذه فعندما يصرخ من أجل الإنقاذ يأتى له المنقذ لينقذه مما هو فيه صرخ فأصرخ
فأزال صراخه فيوجد همزة فى اللغة تسمى همزة الإزالة فمعجم اللغة به كلمات غامضه
فيأتى المعجم فيزيل ويخبر معناها فتسمى همزة الإزالة وستصبح معركة بينه وبين الأمم
التى اتبعته وبين الأمم التى فى النار بينها وبين البعض ( قال قرينه ربنا ما أطغيته
ولكن كان فى ضلال بعيد ) فالمعركة لله يشهدها ( لا تختصموا لدى وقد قدمت إليكم بالوعيد
) والخصومة ليست لدى الآن والخصومة تكون زمان فى الدنيا فالذى يفعل الخير له الخير
والذى يفعل الشر له الشر
( قدمت بالوعيد ) لصاحب الشر وقدمت بالوعد لصاحب الخير ( لا تختصموا لدى
وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد ) فهو كلام جبروت
عاقل ( ما يبدل القول لدى ) إياكم أن تظنوا أن هذه مدافعة ( وما أنا بظلام للعبيد
) ظلام من الظلم فلان ظالم هذه مرحلة وفلان أقوى منه فى الظلم ( ظلام ) فالظلم
لديه كثير فلو قلنا فلان عالم وفلان علام فالله عز وجل ( علام الغيوب ) فإذا أردنا
أن نبالغ فى علام فنقول علامة فيوجد بالوصف عالم وعلام وعلامة فعلام من المبالغة
فصيغة المبالغة فى اللغة على مرحلتين المرحلة الأولى أن تكون فى الإثبات فلان ظلام
ثبت أنه ظالم فما دام أثبت له الأقوى فالأضعف من باب أولى أنه ثبت له الظلم أما فى
النفى ( فلان ليس بظلام ) النفى عند نفى الأعلى ما يلزم منه نفى الأدنى فكأنك تقول
هو ليس بظلام وإنما هو ظالم .
وقد يكون الحدث هو القصد لأن الظلم قدرة ظالم على مظلوم إذن الظلم يتناسب
قوة وضعفا بالنسبة لقوة الظالم وعندما يريد الله أن يظلم فهل ظلمه كظلم الناس ( ما
يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد ) للعبيد أى تكرار الظلم فالظالم قادر على
مظلوم ( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد ) لماذا ؟ لأن الحق سبحانه
وتعالى من الأدب يوجد أناس مؤمنين وأناس كفار وعمل للمؤمنين أماكن فى الجنة
وللكافرين أماكن فى النار فعمل فى الجنة أماكن على فرض أن كل الناس مؤمنين وعمل فى
النار أماكن على فرض أن كل الناس كافرين حتى لا تكون هناك أزمة أماكن فلما يدخل
المؤمنين الجنة الأماكن المعدة لهم فى النار يأخذها الكفار وعندما يدخل الكفار النار
فالأماكن المعدة لهم فى الجنة يأخذها المؤمنون ( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول
هل من مزيد وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد ) أزلفت : خربت ( وأزلفت الجنة للمتقين
غير بعيد ) الأصل فى الدنيا أنهم مبشرون بالجنة مبشرون ممن لا يخلف الوعد ( هذا ما
توعدون لكل أواب حفيظ ) أواب من آب : أى رجاع إلى الله إن حصلت منه غفلة فى معصية
فبمجرد حصول المعصية ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون
من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما وليس التوبة للذين يعملون
السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنى تبت الأن ) فالراجع فى توبته كالمستهزىء
بربه ( هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشى الرحمن بالغيب ) الخشية الخوف نوعين :
1 ) خوف تكره الذى تخافه لأنه أقوى منك .
2 ) خوف بهيبة كذلك الخشية من الله مهابة اجلال ( ألم تر أن الله أنزل من
السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلف ألوانها ومن الجبال جدد بيض
وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود إنما يخشى الله من عباده العلماء ) ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك
فهو لم يأت بحكم شرعى فالعلماء الذين يبحثون عن آثار الجمال فى الكون وأسرار
الصنعة ( من خشى الرحمن ) خشى : خوف برهبة واجلال فكلمة رحمن تجعله يخشى مع كونه
رحمن أعظم اجلال ( من خشى الرحمن بالغيب ) فقد علم أنه إله
( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) فمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
ولد فى عام الفيل . ألم تر : ألم تعلم فلماذا لم يقل ألم تعلم ؟ ألم تر
لأن الذى يخبر الله عز وجل أصدق من عينيك فالخشية من العذاب فى الآخرة
والعذاب فى الآخرة إنما قيل عنه فى الدنيا فقالوا لأبو بكر الصديق رضى الله عنه أن
محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادعى الرسالة فقال أبو بكر إن كان قال فقد صدق
( من خشى الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب ) فالمطلوب إيمان القلوب فالعمل فى الإيمان
اجبارى كما أرغمت السماء والأرض والنجوم والجبال أما بالنسبة للإنسان فإنى أريد أن
يجىء وهو قادر ألا يجىء فهو دليل على الحب ( ادخلوها بسلام ) لا تنقلب لغم
أى الملائكة ( ادخلوها بسلام قولا من رب رحيم ) ادخلوها بسلام على من فيها
سلموا على أهلها أى سلموا على الملائكة .
( ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود ) فالإنسان قد يكون فى سلام فى الدنيا
وإنما يؤرقه أمران :
1 ) مخافة أن يترك النعيم 2 )
مخافة أن يفوته ذلك النعيم .
( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد ) فالجنة فيها ما لا عين رأت ولا أذن
سمعت ولا خطر على قلب بشر .
يشاء ما كان يتنزل به فى الدنيا ( وأوتوا به متشابها كلما رزقوا من ثمرة
رزقا قالوا هذا الذى رزقنا من قبل ) ( لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد وكم أهلكنا
قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا فى البلاد هل من محيص ) فكأن الله يعد رسوله
فيعزى رسوله عما يناله من الاتهامات من الصد والإهانة والتكذيب والإتهامات بالسحر
والشعر والكهانة .
فالقرن مائة عام ولكنه قد يزيد إذا كان مربوط بنبى كنوح عليه السلام فلقد
جلس نوح فى قومه ألف إلا خمسين عام ( 950 سنة ) فكم بمعنى كثير ( وكلا أخذنا بذنبه
فمنهم من أرسلنا عليهم حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم
من أغرقنا ) كل هؤلاء مروا على رسل فكذبوهم ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم
بطشا فنقبوا فى البلاد هل من محيص ) نقب : بحث عن غير ظاهر الأرض لأن الأرض لها
ظاهر فالانتقال فى الوطن فى القرآن يأخذ صورتان أمر ( قل سيروا فى الأرض فانظروا )
أمر ( قل سيروا فى الأرض ثم انظروا ) فالعبارتان ليس بمعنى واحد وإنما كل منهما له
معنى مختلف عن الآخر .
( قل سيروا فى الأرض فانظروا ) السيارة ليس لطلب الرزق بل للاعتبار فقط (
قل سيروا فى الأرض ثم انظروا ) سيروا للانتفاع لكن لا تنسوا بأخذ الاعتبار معكم (
وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا ) ( وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما
عمروها ) ( لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ) ( فنقبوا فى البلاد هل من محيص
) ( إن لفى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) السمع : الحدث
فالمسموع بالقلب يجعل العقل يتفكر فيما سمعه ويشغل الفكر فيه ( ولقد خلقنا السموات
والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب ) فالمستشرقين يقولون إن آيات
القرآن بها تضارب بينما فى بعض الآيات تدل على أنها
( 6 أيام ) وبعضها الآخر تدل على أنها ( 8 أيام ) ( أو لم تكفروا بالذى خلق
الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك
فيها وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات فى
يومين ) .
( ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب ) إن
جميع الآيات أو جمهرة الآيات اتفقت على أنها ستة أيام إلا آيات وردت على أنها
ثمانية إذا عدت ( 2 / 4 / 6 / 8 ) وهذه مسألة دخلت فى مجادلة المستشرقين وقالوا إن
القرآن به تضارب ولكنهم لم يهتموا أنه حينما قال ( خلق الأرض فى يومين ) حيث تكلم
فى شىء فى تمام الأرض ( وجعل فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها فى
أربعة أيام ثم استوى إلى السماء فقضاهن سبع سموات فى يومين ) فالمسألة ( 6 ) .
( ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ) قالوا إذا كان الله
منفذ مراده لا بالعلاج بل بالكل ففيه فرق بين خلق الشىء وبين جعل مقدمات الشىء هو
الشىء فى نفسه يدور كيف ؟ فيوجد فرق بين ما يصير إليه الشىء بعد وضع أصوله فيه فهو
عمل الأرض الأصول ومنها فى نفسها ( 6 أيام ) فإذا كان الحق سبحانه وتعالى قد قال
فى ( 6 أيام )
أيام ماذا ؟ الأيام التى لا بد أن نعرفها وإلا إن قال أيام لا نعرفها
فالكلام لا يؤدى شيئا إذن من الأيام التى نعرفها ( وما مسنا من لغوب ) اللغوب الفتور الذى يأتى بعد تعب من عمل / فى نصب :
النصب التعب من العمل إنما اللغوب بعد الإنتهاء من العمل يصبح لدى الإنسان فتور
واسترخاء فإذا نفى اللغوب نفى النصب أى إذا نفى الفتور الذى يأتى بعد تعب من عمل
ففى النصب وهو التعب من العمل ( لا تأخذه سنة ولا نوم ) فهل ارتقى أم لا ؟ فنفى
الأقل ( السنة ) يلزم عنه نفى الكثير ( ولا نوم ) ( ولقد خلقنا السموات والأرض وما
بينهما فى ستة أيام وما مسنا من لغوب ) الحق فى الآيات التى منها تفضيل حين قال (
إنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل
فيها رواسى من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها ) لأن خلق الأرض ليعيش عليها
الناس فيها مقومات الحياة إذن القوت فيها ضرورى ( وقدر فيها أقواتها )
لا تقال بعد وجود الناس على وجه الأرض بل قبل وجود الناس على وجه الأرض (
وما من شىء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم ) فهو موجود كيف قدر فيها
أقواتها ؟ ففى أقواتها جاءت بعد ذكر الأرض والجبال ( وخلق الأرض فى يومين وجعل
فيها رواسى من فوقها وبارك فيها ؟ بارك فى ماذا ؟ فى الأرض أم فى الرواسى بل فى
الرواسى وذلك نجد أن كل أرض تنبت قوتا بعد أن يأتى إليها الطمى والطمى يأتى من
الجبال فالمطر ينزل ونجد شقوق فى الجبال ثم ينزل المطر من الشقوق الصغيرة فيبرد
فيسمى طميا فالجزر كانت خصبة ( وقدر فيها ) أى الجبال لأنه لو لم يكن هناك جبال
عالية فعندما يأتى المطر يقوم فيسحقها مرة واحدة فتعمل استطراق فى الأرض كل ذلك
يريد الله أن يسلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال باشر أمر دعوتك ولا تيأس من
نصرك عليهم فإذا نالك أذى من قول أو فعل اصبر عليه ( اصبروا وصابروا ) الصبر عليه
وعندما تصبر عليه إياك أن تيأس لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما طالت عليه
غزوة الأحزاب ( وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ) اصبر لأن
كل صبر على بلاء بأجر ومنزلة وكلما زاد البلاء يزداد صبرا ( وإنما نملى لهم ليزدادوا
إثما )
( اصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك ) سبح : ما هو التسبيح ؟ التسبيح هو أن
تنزه الحق عن كل ما يوجد شبيهه فى الخلق لازم كل شىء
يوجد بها شبيه إلا الله عز وجل فعندما نقول إن لله يد إياك أن تقول إنها
مثل يد الإنسان فلا تعامل الحق بمقاييس الخلق .
فى سورة ( الاسراء ) ( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى
المسجد الأقصى الذى باركنا حوله ) استهلها ( بسبحان ) لماذا ؟ لأنه سيخرق الناموس
المسافة والزمن فأتى من مكة لبيت المقدس فى ليلة ولذلك قالوا له إنك تدعى أنك ذهبت
لبيت المقدس فى ليلة ونحن نضرب إليها أكباد الإبل شهرا فيستصغر الخبر بالسبحانية
فى أن الله ليس كمثله شىء وإياك أن تقيس فعل الله بفعل الخلق بل يجب أن ينزه عن كل
ذلك لأن لله له وجود وللإنسان وجود أوجود الإنسان كوجود الله ؟ لا فإذا قيل لى إن
لله سمع وللإنسان سمع إياك أن تقول إن سمع الله مثل سمع الإنسان نزه فى إطار ليس
كمثله شىء فقال ( سبحان الذى أسرى بعبده ليلا ) كيف ذلك ونحن نضرب إليها أكباد
الإبل شهرا ولم يفطنوا لقول الحق ( أسرى بعبده ) ( محمد رسول الله صلى الله عليه
وسلم ) من مكة لبيت المقدس فى ليلة فلم يقل سريت بل أسرى ( أسرى به ) فمحمد مصاحب
فالقانون ليس لمحمد ( أسرى الله بعبده ) فقانونه فى السبحانية
سريان الله به ليس كسريان محمد بنفسه والذى يدل عليه من مشهد الحياة إنك
تقول مشيت من القاهرة إلى الاسكندرية فى ( 10 ساعات ) وعلى الحصان فى ( 6 ساعات )
وفى العربة فى ( 3 ساعات ) وفى الطائرة فى ( ثلث ساعة ) وفى الصاروخ فى ( دقائق )
فالمسافات تطوى بطوى القوة فكلما تكون القوة أعلى تكون المسافة أقل فالله هو الذى
أسرى فيجب أن تكون أعلى فالقوة لله فالمسافة والزمن تختلف باختلاف القوة فإذا نسبت
المسافة إلى قوة القوى فملازمة له فلماذا جلس ليلة لأن محمدا رسول الله صلى الله
عليه وسلم تعرض لمرأى هو رأئها فقول سبحان تنزيه لله عن كل شىء فى الخلق .
ففى أوائل السور تنزيه كأن الله منزه وإن لم يخلق المنزه فالله خالق قبل أن
يخلق المخلوق ( سبح لله ما فى السموات وما فى الأرض ) وهل سبح وانتهى التسبيح (
يسبح لله ما فى السموات وما فى الأرض ) فإذا كان الحق بالتسبيح أذن ويسبح حينما
خلق ويسبح حينما يمتد التسبيح ( سبح بحمد ربك ) ( واصبر على ما يقولون وسبح بحمد
ربك ) نزه بالحق نزه بحيثية الحمد لله ( سبحان الذى خلق الأزواج كلها مما تنبت
الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون ) وحتى فى استعمال اللغات لا تجد للمشرك أو
المنكر بالألوهية لما يعمل صنم أو يؤله أحد ملك جبار إنما لم تقل لأحد سبحانك أبدا
رغم وجود الجاحدين كما أن كلمة الله التى أطلقها على ذاته فالجاحد يخاف أن يسمى
باسم الله فسيأتيه حاجة ( فهل تعلم له سميا ) ولم يسمى أحد سبحانك أبدا بعظمة
التقدير فيما يختاره الخلق فالتقدير عندما يأتى بالإلزام فلا بأس به ( وسبح بحمد
ربك ) فكون الله ليس له شبيه ولا مثيل ( لو كان فيهما ألهة إلا الله لفسدتا وإذا
لذهب كل إله بما خلق )
( فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وإدبار السجود
) ( اصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ) ( وقبل غروبها
) ( وقبل الغروب ) إما أن يكون قد رأيتها وهى تغرب وإما أن يكون هناك غيب يسترها
وهى تغرب ولكنى أحكم بالمقاييس التى لدى الإنسان أنها غربت فمرة يقول قبل غروبها
إن كانت ظاهرة ومرة قبل الغروب إن كانت غير ظاهرة .
( قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن الليل فسبحه وإدبار السجود )
( ومن آناء الليل ) ( ومن الليل فسبحه ) مرة واحدة ( ومن آناء الليل ) فى
أى وقت من الليل ( فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ومن
الليل فسبحه وإدبار السجود ) ( واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب ) المناد هو
الله فيوجد صيحتان :
1 ) الصيحة الأولى لكى يموت الأحياء .
2 ) فى الصيحة الثانية فيحيى الأموات .
( ونفخ فى الصور فصعق من فى السموات وما فى الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ
فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) فبدأت المعركة وجاء وقت الجزاء والحساب ( أرينا
الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين ) ( واستمع
يوم يناد المناد من مكان قريب )
فالأموات فى كل بقاع الأرض ) فكأن المنادى قريب من كل ميت ( يوم يسمعون
الصيحة بالحق ) وهو حق الإنزال ( أءذا متنا وكنا ترابا ) ( يوم يسمعون الصيحة
بالحق ذلك يوم الخروج ) من القبور إلى يوم الحشر ويوم القيامة وهذه الكلمة تجعل
الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ دائما فى صلاة العيد ( ق والقرآن المجيد ) من أجل
كلمة الخروج لماذا ؟ لأن فى العيدين والصلاة تشهد الخير لجماعة المسلمين ولذلك
كانت صلاة العيدين دائما فى الخلاء ( إنا نحن نحى ونميت ) ( وإلينا المصير )
المرجع ( يوم تشقق الأرض عنهم سراعا ذلك حشر علينا يسير ) نحن أعلم بما يقولون
فتجازى بقدر قوتك والله يجازى الخلق فقدرة الخلق محددة أما قدرة الله ليس لها حدود
( وما أنت عليهم بجبار ) إنما أنت منذر ومبلغ ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين
) لا تكلف نفسك فبما لا تطيق إنما أنت مبلغ فاجعل الله يأخذ بالجزاء .
( نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار ) ترغمهم على الإيمان كما أرغمت
الملائكة والكون كله على الإيمان .
( فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) له
استعداد وقابلية فيوجد فرق بين الفعل والقابل للفعل فكثير يسمعون القرآن ( ومنهم
من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا الذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا )
لعدم وجود قلب يستغفر والفاعل شىء والمستقبل شىء آخر ( قل هو للذين آمنوا وهدى
وشفاء والذين لا يؤمنون فى آذانهم وقر وهو عليهم عمى ) الفاعل شىء والقابل له دخل
فى هذا أحد قلبه خال من العقائد فقلبه خال من القرآن وقلبه مشحون بعقائد أخرى فإذا
أردت الانصات أخرج من قلبك ما فيه من عقائد والذى يدخل عقلك أدخله فالهدى والضلال
لا يجتمعان فلابد من طرد الضلال واستقبال الهدى ( قل إنما أعدكم بواحدة أن تقوموا
لله مثنى وفرادى ثم تتذكروا ما بصاحبكم من جنة ) ( والذين لا يؤمنون فى قلوبهم وقر
) فالقرآن له أثر عند المؤمن بالخير وله أثر عند الكافر والمنافق بالشر ( وما أنت
عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ) بقلب خال من الغش والضلال .
Comments
Post a Comment