تفسير سورة الزخرف للشعراوى
تفسير سورة الزخرف
للشعراوى
بسم الله الرحمن
الرحيم
( حم ) من الحروف المقطعة كحرف ( ق ) و ( ن ) و ( ص )
وحرفان ( حم ) و ( طس ) وثلاثة أحرف ( ألم ) و ( طسم ) وأربعة أحرف ( ألمر ) و (
ألمص ) وخمسة أحرف ( كهيعص ) .
( حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم
تعقلون ) ( حم والكتاب المبين ) الكتاب المبين المظهر للأشياء ( فحم ) غير معروفة
و ( حم والكتاب المبين ) ( 2 ) قرآن / إنا جعلناه قرآنا عربيا
قرآن مقروء وكتاب مكتوب ليبقى مسطور وفى الصدور ( وما
أرسلنا برسول إلا بلسان قومه ) بلغتهم فإن محمدا رسول الله للناس كافة والناس كافة
لغاتهم متعددة ( بلسان قومه ) الذى يباشرون توجيهه الأول ويفهموه ويقتنعوا به
ويتخمر فيهم فهم يأخذون المنهج كحركة وعمل ويسيحون به فى الكون والاعجاز فى السلوك
العملى فنجد أن الاسلام انتشر فى بلاد كثيرة بالسلوك ( ومن أحسن ممن دعا إلى الله
وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين ) ( إن بعثنا الرسول شاهدا عليكم وأنتم شهداء
على الناس ) فالرسول صلى الله عليه وسلم يشهد أنه بلغنا رسالة الاسلام عن طريق
السلوك واللغة فلما نزل القرآن للعرب الأميين الذين ليس لهم نظام وفى البلاد
المتحضرة كفارس والشام فى الشرق والروم فى الغرب فزلزلوا الحضارة الفارسية شرقا
وزلزلوا الحضارة الرومانية غربا وهم أميون فالسلوك يلفت النظر وفى سورة يوسف ( دخل معه السجن فتيان قال أحدهما إنى أرانى
أعصر خمرا وقال الآخر إنى أرانى أحمل فوق رأسى خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله
إنا نراك من المحسنين ) وقالوا ( أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) فلم
ينسى المهمة لأنه استغل حاجتهم إليه فى تأويل الرءيا فلو أعطاهم تأويل الرءيا من
الأول فلم يعطهم تأويل الرءيا بعد
فهم مربوطين به من أجل مرادهم لمعرفة الرءيا ( أرباب
متفرقون خير أم الله الواحد القهار )
( يا صاحبى السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الآخر
فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الأمر الذى فيه تستفتيان ) إنما استغل حاجتهم إليه
وقال لهم تأويل الرءيا فهم قالوا ( إنا نراك من
المحسنين ) فكأن السلوك الحق يلفت النظر بدليل أن الجماعة الذين لهم ذنوب
قالوا له أنت محسن كذلك السلوك الانسانى فى أى منطقة من العالم يلفت الناس للمنهج
لماذا ؟ لأنه مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فانتهى الاسلام
فالسلوك الطيب من القرآن وبعض الناس يقرءون الناس ويتعتوا فيه وأحيانا لا يحسن
تلاوة القرآن فسلوكه الاسلامى صحيح لماذا ؟ لأنه أخذ من السلوك والمنهج ( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم
تعقلون ) لماذا ؟ لأنه لو جاء بدون سبب فلا يستطيعون فهمه وإن الكتاب المبين (
القرآن العربى ) ( فى أم الكتاب لدينا لعلى حكيم ) أم الكتاب الأصل الذى يؤخذ منه
الرسالات والأحداث الموجودة ( إنه لقرآن مجيد فى لوح محفوظ ) ( لا يمسه
إلا المطهرون ) فكأن الكتاب المحفوظ به وفيه كل الأشياء
المتعلقة بالرسالات والأحداث كلها وما يحدث فيه ( وإنهم فى أم الكتاب لدينا لعلى
حكيم ) فى ذاته لعلى : عال لأنه الخاتم لكل الأديان
( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ) ( إنا أنزلنا إليك
الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ) فالقرآن مهيمن على كل
الرسالات والهيمنة تلتقى معهم فى القاء الأشياء التى يتفق فيها الرسل فى العقائد
والأعمال العبادية والأخلاق وكل رسول فالقرآن له من ينسخ حكمه وله من تنفيض الرسالات
التى نسيت ما ذكروا به فتذكرهم بها والذين لم يذكروا به كتموه والذين لم يكتموه
حرفوه ( وويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ) فالاسلام
آتى بما سبقهم بها الرسل متفق عليه ومهيمن على الرسالات وهو ناسخ وهو ناسخ للأحكام
ويعدل الانحرافات التى فى الكتب فعلى مهيمن على الكتب يفعل فيها هذه الأشياء /
وإنه فى أم الكتاب لدينا لعلى حكيم
( لا يضل ربى ولا ينسى ) فما لزوم كتب الكتاب ؟ لأن
الملائكة عندما طلعوا ورأوا اللوح المحفوظ به كلام قديم ويرون أحداث الكون من
الناس على وفق ما قال الله عز وجل فيزدادون حبا فى الله وعنايته به ويذكرون أن
الله هو العلى الحكيم فالملائكة عندما يشاهدوا أن الله عز وجل قال كلام والأحداث
حدثت وفق هذا الكلام فهذا سر الكتاب فالكلام القديم الأحداث الحديثة تطبقه ( وإنه
فى أم الكتاب لدينا لعلى حكيم ) بعضهم قال فى أم الكتاب ليس اللوح المحفوظ فاللوح
المحفوظ ( إنه لقرآن مجيد فى لوح محفوظ ) فتوجد آيات تخبر بأن الذى نزل من القرآن ( فيه آيات محكمات
هن أم الكتاب ) آيات محكمات هن أم الكتاب فالباقى آيات فرعية فى الكلام ( أم
الكتاب ) الآيات المحكمات فينبهنا أن سورة الزخرف كل آياتها محكمة ( وأخر متشابهات
) حكم الله فى المتشابهات ماذا ؟ فما عرفتم منه فاعملوا به ومالم تعرفوه فآمنوا به
فالمتشابه كيف الناس يستقبلونه ؟
( حم ) من الحروف المقطعة مكونة من حرفين والحروف
المقطعة تأتى من حرف واحد ( ق / ن / ص ) ومن حرفين ( حم / طس ) وثلاثة أحرف من ( ألم
/ طسم / عسق ) وأربعة أحرف ( ألمر / ألمص ) ومن خمسة أحرف ( كهيعص ) .
( والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )
( حم والكتاب المبين ) عطف والكتاب المبين المظهر للأشياء ( حم والكتاب المبين ) (
2 ) قرآن ولماذا وصل بالعطف ؟ لأن الكتاب المبين نفهمها و ( حم ) نقف عندها ولا
نفهمها ) ( إنا جعلناه قرآنا عربيا ) قرآن مقروء وكتاب مكتوب مسطور وفى الصدور (
إنا جعلناه قرآنا عربيا ) لماذا ؟ لأنه قال فى أية أخرى ( وما أرسلنا من رسول إلا
بلسان قومه ) أى بلغة قومه فكل نبى يأتى بلسان قومه أى لغة قومه فمحمد صلى الله
عليه وسلم نبى للناس كافة والناس كافة لغاتهم متعددة بلسان قومه الذين يباشرون
توجيهه الأول ويفهموا ويقتنعوا ويتخمر فيهم وهؤلاء يأخذون المنهج كحركة وعمل
ويسيحون به فى الكون فالاعجاز فى السلوك العملى فالاسلام انتشر فى بلاد كثيرة
بالسلوك ( ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إننى من المسلمين ) .
الرسول صلى الله عليه وسلم شهيد على المسلمين يوم
القيامة والمسلمون شهداء على الناس يوم القيامة فرسول الله صلى الله عليه وسلم
يشهد أنه بلغنا رسالة الاسلام والناس يشهدون أنكم بلغتموهم الرسالة الاسلامية المحمدية
عن طريق السلوك واللغة فلما نزل القرآن العرب الأميون ليس لهم نظام ولا يحكمهم
قانون وفى البلاد المتحضرة كفارس فى الشرق والروم فى الغرب فلقد زلزلوا الحضارتين
الفارسية الشرقية والرومانية الغربية فكان سلوكهم يلفت النظر ففى سورة يوسف ( لما
دخل معه السجن فتيان قال أحدهما إنى أرانى أعصر خمرا وقال الآخر إنى أرانى أحمل
فوق رأسى خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين ) لأننى اتبعت
ملة آبائى ابراهيم وموسى واتبعت ملتهم فأصبحت من المحسنين فلو اتبعتم ملة الأنبياء
سوف تكونون مثلى وأحسن ( أرباب متفرقون أم الله الواحد القهار ) فاستغل حاجتهم
إليه فى تأويل الرءيا فلو أعطاهم تأويل الرءيا أولا فلم يعطهم تأويل الرءيا بعد
لأنهم مربوطين به فقبل اعطائهم ما يريدون قال لهم ما يريد أن يسمعهم إياه ( أرباب
متفرقون أم الله الواحد القهار ) فقال لهم الرءيا ( يا صاحبى السجن أما أحدكما
فيسقى ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الأمر الذى فيه تستفتيان
) إنما استغل حاجتهم إليه فقالوا له إنا نراك من المحسنين فإن السلوك الحق والصحيح
والطاهر يلفت النظر بدليل إن الذين يعملون السوء يشهدون له بأنه محسن فالسلوك
الانسانى فى أى منطقة من العالم يلفت الناس للمنهج الاسلامى السليم فالكشافات
الاسلامية فى أى بلد لم تأتى بالفتر وإنما أتت بالسلوك الطيب ( القرآن ) فلما يأتى
أحد ولا يجيد قراءة القرآن ويتتعتع فيه ورغم ذلك سلوكه الاسلامى صحيح لماذا ؟ لأنه
أخذ من السلوك والمنهج ( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ) لماذا ؟ لأنه إذا
جاء كذلك فلا يفهموا شيئا ( وإنه فى أم الكتاب لدينا لعلى حكيم ) أم الكتاب الأصل
الذى تؤخذ منه أصل جميع الرسالات والأحداث كلها موجودة ( إنه لقرآن مجيد فى لوح
محفوظ ) ( لا يمسه إلا المطهرون ) كأن أم الكتاب هى اللوح المحفوظ فيه كل الأشياء
المتعلقة بكل الرسالات وفيه الأحداث كلها وما يحدث فيها ( وإنه فى أم الكتاب لدينا
لعلى حكيم ) لدينا بمعنى عندى وعلى وصف آخر وعلى هو فى ذاته عال مرتق لأنه الخاتم
لكل الأديان .
( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب
ومهيمنا عليه ) فالقرآن مهيمن على كل الرسالات والهيمنة تلتقى معهم فى انقضاء
الأشياء التى يتفق فيها الرسل كالعقائد والأعمال العبادية والأخلاق وكل رسول
فبالقرآن ينسخ حكمه وله أن ينفض الرسالات مما دخل عليها من
( نسوا ما ذكروا به ومالم يذكروه كتموه ( يكتمون ما
أنزلنا ) والذين لم يكتموه حرفوه ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا
من عند الله ) فالاسلام مهيمن على الرسالات السابقة عليه كالمسيحية واليهودية
والقرآن ناسخ للأخلاق فهو يعدل الانحرافات التى فى الكتب الذين نقلوها من عند
أنفسهم .
على : مهيمن على الكتب يفعل فيها هذه الأشياء ( وإنه فى
أم الكتاب لدينا لعلى حكيم ) ولماذا ؟ فى أم الكتاب فالله سبحانه وتعالى علام
الغيوب والله ( لا يضل ربى ولا ينسى ) فما لزوم كتب الكتاب ؟ لأن الملائكة حينما
يطلعوا على اللوح المحفوظ الذى به كلام قديم ويرون أحداث الكون من الناس على وفق
ما قال الله فيزدادون حبا فى الله والعناية به ويؤمنون بأن الله هو ( العليم
الحكيم ) فالملائكة أنفسهم حينما يعلمون أن الله قال كلاما وأحداث الكون جاءت وفق
هذا الكلام فهذا سر الكتاب فالكلام القديم الأحداث الحديثة تطبقه ( وإنه فى أم
الكتاب لدينا لعلى حكيم ) بعضهم قال فى أم الكتاب ليس اللوح المحفوظ ( إنه لقرآن
مجيد فى لوح محفوظ ) فتوجد آيات تخبر بأن الذى نزل من القرآن فيه آيات محكمات هن
أم الكتاب والباقى فرعية والمتشابه الذى فيه الكلام ( أم الكتاب )
الآيات المحكمات فينبهنا أن سورة الزخرف كل آياتها محكمة
فلا توجد متشابهات فى سورة الزخرف ( وأخر متشابهات ) فما حكم الله فى المتشابهات ؟
ماعرفتم منه فاعملوا به وما لم تعرفوا فآمنوا به فكيف يستقبل الناس المتشابه ؟
( وإنه فى أم الكتاب لدينا لعلى حكيم ) على مهيمن على
الكتب وحكيم وضع كل شىء فى زمنه وكل شىء منضبط ( أم الكتاب ) اللوح المحفوظ والله
عز وجل علام الغيوب ولا يغيب عنه حاجة فلماذا كاتب ؟ كاتب لأن الملائكة حينما
يشاهدون الأحداث موافقة لما قال الله عز وجل فيعرفوا أن الله عز وجل ( عليم حكيم )
لماذا ؟ لأن الاسلوب الأول ( وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة قالوا
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إنى أعلم ما
لا تعلمون ) ( أم الكتاب ) الآيات المحكمات ( آيات محكمات هن أم الكتاب ) أم
الكتاب الآيات المحكمة ومنه المتشابه فالمتشابه ( ما يعلم تأويله إلا الله
والراسخون فى العلم آمنا به ) فسيقولون لنا معنى المتشابه وما دام عرفنا معنى
المتشابه فلم يصبح متشابها ( وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم )
يقولون آمنا به فالمتشابه المؤمن به بدليل قوله سبحانه وتعالى ( والراسخون فى
العلم آمنا به ) والمتشابه نؤمن به والمحكم نعمل به .
( وإنه فى أم الكتاب لدينا لعلى حكيم ) ( أفنضرب عنكم
الذكر صفحا ) للقوم المكذبين والمعاندين والمعارضين فكل شىء ينزل من القرآن
يعارضوا فيه فيهاجموا المسلمون ويعذبونهم فماذا تريدون
( أفنضرب عنكم الذكر صفحا ) كلمة نضرب : ضربت وأضربت أى
تركت العمل ومنه اضراب العمال أضربوا عن العمل أى تركت العمل فسنوالى برحمتنا
إنزال الكتاب ( القرآن ) ونرغمهم بالأدله والبينات والنصر على أن تتمسكوا به بل
العكس فحينما تكونوا فاسدين فأنتم لستم فى حاجة لمنع الوحى بل شيئا تريدون وحيا
أقوى من الوحى مما يدل على أن الله رحيم بعباده حتى بالكافرين فهل نمنع القرآن ؟
لا نمنع القرآن لماذا لا نمنعه ؟ لأن معناه منع الخير عنه ويصبح الناس مذنبون
دائما فربما تؤمنوا ولما تؤمنوا فقد قدمنا لكم الخير وقدمنا لغيركم الخير لأن
الشرير إذا اهتدى أمن الناس من شره ولذلك عند الدعاء على العدو بشىء قبيح نقول له
ادعوا له بالهداية والهدى من أجل الانتفاع بسلوكه ولذلك إن كان الإنسان يبلغ ما
عنده من العلم لماذا ؟ لأنك كعالم سوف تسير فى الطريق المستقيم فالمجتمع ينتفع به
والمجتمع يضر بالذى ليس على الطريق المستقيم من الخير لك وللمجتمع أن تهديه من أجل
أن ترتاح من شره فالنفع له فالعالم كله يرتاح من شره
( أفنضرب عنكم الذكر ) أنترك البلاغ فيه لأنكم مسرفون فى
الضلال فنحن برحمتنا سنوال نزول القرآن ( أفنضرب عنكم الذكر ) نترك ونمنع عنكم
الذكر لأنكم كنتم قوما مسرفين فلا نضرب وليس الاضراب فقط ( أفنضرب عنكم الذكر صفحا
) صفحا : إعراضا للترك وإضراب عن الكلام لأن الإنسان إذا تكلم مع إنسان آخر وكلامه
غير مقبول عنده يذهب إليه ( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله
فبشرهم بعذاب أليم ) فبشرهم بعذاب : تهكم واستهزاء
( أفنضرب عنكم الذكر صفحا ) فالمواجهة للإنسان ( والذين
يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) فليس كلام
مجمل بل بينوا وفصلوا .
( اليوم يحمى عليها فى نار جهنم ) المقياس الذهب والفضة
( يوم يحمى بها فى نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم
لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون ) فلما يأت سائل ما ويطلب من أهل الخير حاجة فيقوم
أهل الخير بالاعراض عنه فالعذاب يأتى على قدر ما أتى من سيئة ( صاحب المال مع
المحتاج ) ( أفنضرب عنكم الذكر صفحا ) إلا لأنكم قوما مسرفين فارجعوا للتاريخ
لتأخذوا عبر من الواقع فنحن أرسلنا رسل كثير وكذبوا الرسل فما كان نصيب المكذبين ؟
هل انهزم رسول أم قومه الضالون ؟ بل العكس فالقوم الضالون هم الذين انهزموا أمام
رسلهم
( فإما نرينك بعض الذى نعدهم ) فلا بد من عذابهم أو هناك
وقفة ( فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أخذته الصيحة ومنهم من أغرقنا ومنهم من أرسلنا
عليه حاصبا ) فالذين سبقوكم وإنه ليس كلاما نظريا ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين )
فلقد مروا على قرى قوم كقوم ثمود ولوط وعاد ( وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل
أفلا تعقلون ) فهؤلاء الذين كذبوا الرسل فانظر ماذا كانت نهايتهم أفلا تحذرون أن
يفعل بكم كما فعل بهؤلاء ؟ ( وكم أرسلنا ) كم : كناية عن الشىء الكثير فكم بمعنى
كثير أى حصل ( وكم أرسلنا من نبى فى الأولين ) ( وما يأتيهم من نبى إلا كانوا به
يستهزءون )
( فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين ) فخذوا حذركم
يا قريش أن يصيبكم كما أصاب القوم الذين سبقوكم من العذاب فالذين يعاندون الرسل
فالله وعد الرسل ( بأن جندنا هم الغالبون ) فانهزموا فإن ما عملتم فسينصر الرسل
عليكم وتندحرون وإما أن تسلموا فى الدنيا وإما أن يدخر لكم العذاب فى الآخرة ( وقد
مضى مثل الأولين ) فهم قوم لبد وفى الجدال ليس منطق عقلى للأشياء لأنه فهم أنه (
ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله ) فهذه المسألة لم يستطيعوا أن
ينكروها لماذا ؟ لأن خلق السموات والأرض من قبل آدم عليه السلام أن يأتى للدنيا ما
ادعاها أحد من الذين جاءوا بعد آدم عليه السلام ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن
الله ) ( ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم ) فكيف
يقال العزيز العليم خلقهم ؟ لأن لا يوجد أحد ادعاه ( حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا
بل نتبع ما ألفينا ) العزيز الذى لا يغلب فإذا أرسلت أحدا إلى فلان بدون أوصاف
محددة فيقال أمرنى بالذهاب إلى الشيخ فلان عالم فلان فمعناها أن الله عز وجل حينما
يبلغنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الأوصاف التى لم يخبروا بها أحد كما أنكرت
أنك ذاهب لفلان ولم تأت له بألقاب .
العزيز العليم الله فأراد أن يبين عزته وعلمه ( الذى جعل
لكم الأرض مهدا ) فالمهد هو المكان الذى يستريح فيه الإنسان فالطريق ممهد أى يرتاح
الذى يسير عليه ومهدا كأننا كالأطفال فنحن نهتم بأمور أطفالنا من تحضير الفراش إلى
الطعام ... إلخ .
( فجعل لكم فيها سبلا ) لأن الحكمة تقتضى انتقال الناس
من أماكن سكنهم إلى أماكن أعمالهم ومصالحهم ( فلقد مهد لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون
) فى السير لأغراضكم أو تشاهدون السبل التى جعل لكم الله منها وسائل حياتكم كخلق
السماء والأرض فربما تحنوا وتؤمنوا بالله فتهتدوا ( والذى نزل من السماء ماء بقدر
) السماء المطر يأتى من السحاب والسحاب لم يصل للسماء الأولى إنما أصل السماء لغة
كل ما علاك وينزل الماء مرة يعرفنا بقدرته على إنزال الماء على قدر الحاجة فالناس
يأخذوا مصالحهم بدون أن يهاجموا بغرق أو غيره ( وفجرنا الأرض عيونا ) فالسماء تنزل
الماء والأرض تخرج الماء من باطنها ومنهم من أغرقنا بقدر فيه حياة بدون منغصات
بدليل أنه عذب بالطوفان فالسماء أنزلت الماء المنهمر والأرض تفجرت عيون من الماء
ولذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان ينزل المطر يقول ( اللهم حوالينا
ولا علينا ) لأن علينا يبعينى بينما
حوالينا تعطينا النبات والطعام الذى نريده / والذى نزل من السماء ماء بقدر
فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون وترى الأرض
هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج
بقدر : على قدر المصلحة فكأن الأرض بدون نبات تعتبر ميتة
وفى الاصطلاح الاقتصادى / أرض موات ليس فيها زرع فنحتال عليها لنحييها من مماتها
ومن أحيا مواتا فهو له فالدول تخبر بأن الذى يحيى الموات من الأراضى فهو له فنلتفت
فلا نجد نشير أن فى البلد موات بدليل لو أنها أرادت أن تيسر ذلك لتوسعت رقعة
الزراعة من أجل تخفيض الأثمان فالحق سبحانه وتعالى يقول لنا
( سلك لكم فيها سبلا لعلكم تتقون ) ( ونزلنا من السماء
ماء بقدر ) أنزلنا من السماء ماء بقدر فالمطر قد ينزل فى مكان لا ينتفع به
كالصحراء فالمطر يذهب من بلد لآخر ( يصيب برحمته من يشاء ) فيأتى من الميتة
والميتة لا تستفيد من الماء ونحن نستفيد فما الذى كان زائدا من المياه تمتصه الأرض
( فسلكه ينابيع فى الأرض ) ( وإنا على ذهاب به لقادرون ) ( قل أريتم إن أصبح ماؤكم
غورا فمن يأتيكم بماء معين ) فنأخذ ما نريد من الماء والباقى تمتصه الأرض ليصبح
ينابيع بداخلها يستفاد منها عند الحاجة فكيف يقال العزيز العليم ؟ لأن أحدا لم
يذعن ويحتفظ بالماء فى الأرض فعن طريق الطرمبة نستطيع أخذ المياه الجوفيه من باطن
الأرض فالمقاييس فى العلم الحديث تخبر أن المياه الجوفيه على بعد كم متر وبيان
كميتها وكيف تعطى ماؤها وتوجد أماكن ليس فيها زراعة إنما هى على بحر لجى من الماء
فلو وصلنا إليها بعلم نستطيع إخراج الماء منها
فنجد منها البساتين وكل أنواع الزروع والثمار والفاكهة
فكلها آتية من الماء فالأزمات الاقتصادية تأتى من أن الإنسان فيكتفى أينما وجد ولا
ينظر أن النسل يتزايد ويحاول تعمير الأراضى فالناس منا يأخذون قطعة من الأرض تجدها
مليئة بالبساتين فيأخذوا منها ما لذ وطاب من أنواع الطعام المختلف ألوانه والذى
ينبت فى الأراضى الصحراوية ( والذى نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتة
كذلك تخرجون ) فعندما يريد الله إحياء الموتى فهو يحييها بنفس طريقة إحياء البلدة
الميتة لأن الميت هو الذى مات فعلا وفارق
الحياة فقومه غسلوه وصلوا عليه ووضعوه فى النعش ووضعوه فى قبره والميت الذى سيؤول
إلى الموت بالاحتضار ( إنك ميت وإنهم ميتون ) لذلك تخرجون فى البعث ( والذى خلق
الأزواج كلها ) خلق الأزواج كلها عن طريق الشىء الواحد يكون من زوجين ( ومن كل شىء
خلقنا زوجين فسبحان الذى خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا
يعلمون ) فالأزواج كلها متقابلة كيف ذلك ؟ كأبيض وأسود وحلو وحامض وفوق وتحت وشمال
ويمين وطويل وقصير فكل هذه أزواج متقابلة فتوجد زوجية فى الإنسان / ذكر وأنثى
وما لا نعلم وتوجد زوجية فى المتقابلات فالله عز وجل
أخبرنا بأنه خلق من كل شىء زوجين ( 2 )
( والذى خلق الأزواج كلها ) كلمة كلها دليل على وجود زوجية
معروفة ( الذكر والأنثى ) من الإنسان والحيوان والنبات فتدخل فى نطاق زوجات
المتقابلات ( والذى خلق الأزواج كلها ) فكر المستنيرين يقف عند هذه الآية ويمتد
بأنه خلق الأزواج كلها فإن بينت أنه فرد لا زوج معه لماذا ؟ لأن قانون الاسترخاء
العلمى ما يقبل القسمة على ( 2 ) فالمفرد الحق هو الذى لا يحتاج لهم .
( والذى خلق الأزواج كلها ) الأزواج تحتمل الفردين الذكر
والأنثى فالفرد لا يحتمل الزوج وما دام خلق الأزواج كلها هو فرد لا مثيل له وأنزل
الزوجين الذكر والأنثى فللذكر صفات مشتركة وللأنثى صفات مشتركة فلو لم يكن فرد يبقى
زوج فيوجد له مثل لأن الفرد من الزوج مثل الآخر عن طريق ايجاد الذات والصفات أم
أنه يوجد صفات مختلفة عند الذكر ويوجد صفات مختلفة عند الأنثى فالصفات المختلفة
تدل على وجود نقص ما والله كامل لا نقص فيه فالآية تثبت أن الله فرد كامل لا يحتاج
إلى شىء ويحتاج إليه كل شىء ( والذى خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام
ما تركبون ) الفلك : السفن والأنعام : الحيوانات التى تحمل أثقال الإنسان (
الأنعام التى تحمل أثقالنا إلى بلد لم نكن بالغيه إلا بشق الأنفس ) الفلك مؤنثة
والأنعام مؤنث غير حقيقى ( خلق لكم من الفلك والأنعام ما تركبون ) فلم يقل ما
تركبونها لتشمل الفلك لأن الفلك مؤنثة والأنعام ما تركبونه ( وخلق لكم من الفلك
والأنعام ما تركبون ) فالسفن لا تركب إنما هى ظرف للمظروف / فى الفلك المشحون
( حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها
) فالأنعام نركب عليها والفلك نركب فيها ما تركبون : ما تركبونه والفلك انطمرت
فالفلك نركب فيها ولماذا غلب الأنعام وقال تركبوها والفلك محمولة عليها وإن كنا
نركب فيها لماذا ؟ لأن توجد حكم فالله عز وجل الذى يتكلم وما دام الله يتكلم فيضع
كل لفظ فى مكانه لأن الأنعام نركبها والفلك نركب فيها فلماذا غلب الأنعام على
الفلك
لأن الأنعام خلق الله المباشر والفلك خلق الإنسان فالحق
سبحانه وتعالى فيخاطب العرب والعرب لم يكونوا يعرفون مسألة الفلك : السفن إنما كل
وسائلهم فى ركوب الأنعام فقال تركبونه وغلب الأنعام لتستوا على ظهورها لأن العرب
لا تعرف السفن لتنتقل بها بل كانت تعرف الأنعام للانتقال ولأن الأنعام من خلق الله
المباشر والسفن من خلق الإنسان ( والأنعام لتستوا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم )
فالأنعام على ( 4 قوائم ) ( 4 أرجل ) شىء ثابت فالشىء على رجلين مهزوز وشىء على
ثلاثة أرجل مهزوز والذى على ( 4 أرجل ) ثابت ممهد والسفن تحتاج إلى ( 3 أشياء ) :
1 ) سفينة 2 )
البحر الذى تسير فيه 3 ) الهواء الذى سوف
يسيرها
فستشاهد النعم عند ركوب الفلك ( لتستوا على ظهوره ثم
تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه ) نجيب بقولنا ( سبحان الذى سخر لنا هذا وما
كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) فالحق سبحانه وتعالى أكد عند مباشرة عمل
جديد تذكر الله فيه ( بسم الله مجريها ومرسيها ) للسفن ( سبحان الذى سخر لنا هذا
وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) فلا تغتر أيها الإنسان بالأنعام
والسفن التى حملتك من مكان لآخر إنما قدر أن السفينة قد تغرق وقدر أن الأنعام التى
تركبها قد تموت فلا بد من ذكر كل هذه الأشياء من أجل الاستمرار فى ذكر الله عز وجل
وحتى بعد كل هذه النعم ( سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا
لمنقلبون ) فتوجد آيات أخرى تخبر بأن كل شىء له آفة فالسفن ( حتى إذا كنتم فى
الفلك وجرين بهم بريح طيبة بريح طيبة وفرحوا بها ) ( ويضع الفلك بأعيننا ) ( من
ذات ألواح ودسر ) فالأنعام من خلق الله المباشر والفلك من خلق الإنسان والأنعام
قوية والفرس أقوى من الأنعام ومع ذلك زلل للإنسان وسخر ( وزللناها لهم ) فلو لم
يزللها الله للإنسان فلا نستطيع الاستفادة منها فى الركوب ونقل البضائع والأشياء (
الأنعام ) ( أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما هم لها مالكون
وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ) فالنعمة الأخرى أنها مذللة للإنسان (
سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) مقرنين : مطيقين لا تقدر عليها إنما
بتذليل الله الأنعام للإنسان ( وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) فلا تغتر أيها الإنسان
بركوب الدابة وتقطع بها المسافة وفى النهاية سوف ترجع إلى الله عز وجل ( وإنا إلى
ربنا لمنقلبون )
( وجعلوا له من عباده جزءا ) يعنى أن له ولد لأن الولد
جزء من أبيه بدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للسيدة فاطمة الزهراء رضى
الله عنها ( فاطمة بضع منى ) ( وجعلوا له من عباده جزءا ) وربما الجزء الحسن (
جعلوا له من عباده جزءا ) فى نبى فالنبى لله عز وجل ( وجعلوا له من عباده جزءا )
والجزء الذى ينفصل من الأبوين إما ذكر وإما أنثى الذكر هو الأشرف بدليل
( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى
من القوم من سوء ما بشر به )
فالأنثى تجعل الملائكة بنات الله والأنثى مذمومة عندكم
بدليل أن حمزة تزوج إمرأة لا تنجب أبدا فذهب بعيدا عنها فهى غضبت فأخذت تنفس عن
نفسها فقالت :
ما لى أبى حمزة لا يأتينا غضبان ألا نلد البنينا
تالله ما ذلك فى أيدينا ونحن كالأرض لغارسينا
نعطى لهم مثل الذى أعطينا
فالمرأة العربية قالت ذلك فهى ليس لها ذنب فى أن يأتى
الذكر أو الأنثى فالمرأة لا عمل لها إلا حضانة ( ميكروب الحيوان المنوى ) وميكروب
الحيوان المنوى أتى من الرجل وهو الذى يحدد نوع الجنين إما ذكر وإما أنثى فالقرآن يقول / وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى
من نطفة إذا تمنى
والمنى ماء الرجل الذى يتكون من ( X / Y ) فالذكورة
والأنوثة من ماء الرجل فالمنى القوى يصل للبويضة ( X / X ) أنثى ( X / Y ) ذكر (
وجعلوا له من عباده جزءا ) ليس له ولد بل أنثى فالملائكة ( بنات الله ) ( وجعلوا
له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين ) كفور : مبالغ فى الكفر
( أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ) فالله الذى
خلق فيأخذ الجنس الطيب ويعطيكم الجنس الأدنى ( أصفاكم بالبنين ) يعطيكم البنين
ويأخذ البنات ( ويجعلون لله ما يكرهون ) ( أم اتخذ الله مما يخلق بنات وأصفاكم
بالبنين ) ما دام ولد ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى بما ضرب للرحمن مثلا ) فالعلماء لا
يستطيعون حفظ القرآن إنما القرآن لا بد أن يأتى من شخص لا يعرف شيئا فى العلم حتى
إذا نسى كلمة يقف حتى يذكرها له أحد إنما العالم إذا نسى كلمة يأت بمقابل لها
فالقرآن ينشط ذهن الإنسان فكمال القرآن لا يتعدى الفصاحة من البشر تتعدى واسلوب
القرآن يرقى فكمال القرآن لا يتعدى أبدا فى الاسلوب ( تعهدوا القرآن فوالذى نفسى
بيده لهو أشد تفصيا من الابل فى عقدها )
فإن واليت قراءة القرآن خير وإن تركته فترة ما تنساه (
وإذا بشر أحدهم بالأنثى بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم ) ( فمن ينشأ
فى الحلية ) فالولد يلبس اللبس المعتاد أما البنت فتلبس الزينة بجانب ملابسها
المعتادة لأن البنت مخلوقة للاستمالة ( وهو فى الخصام غير مبين ) لأن الجدل يحتاج
قوة فالبنت مكرمة فالحرير والذهب محرمان على الرجال والنساء يلبسن الحرير والذهب
فالنساء ينشأوا من الحلية فى النعمة ( أفمن ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين
) فلا يستطيع أحد الاستمرار فى الجدل بل فى بعض الجنس شواذ فالنساء قد تجد إحداهن
رأيها أقوى من رأى الرجال فالنبى صلى الله عليه وسلم حينما كان فى عقبة صلح
الحديبية وحصل أنهم منعوهم من دخول بيت الله الحرام من أجل الحج وحصل معاهدة أن
يعود هذا العام للمدينة المنورة ويأتى لمكة المكرمة فى العام القادم فالصحابة عز
عليهم هذا فنرى البيت ولا نحج حتى عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذى يأتى القرآن
وفق رأيه قال : لا نقبل الدنية فى ديننا والنبى صلى الله عليه وسلم رأى غضب
الصحابة فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خبائه مغضب فلما لقيته أم سلمة ما
لى أراك يا رسول الله مغضبا ؟ قال أمرت المسلمين فلم يمتثلوا وقالوا لا نقبل
الدنية فى ديننا فماذا قالت له ؟ قالت يا رسول الله عليه الصلاة والسلام إنهم قوم
مكروبون وجاءوا من المدينة المنورة لمكة المكرمة بتعب على اشتياق على أن يطوفوا
ويبقى على مشارفها فهى مسألة صعبة فاعذرهم يا رسول الله فاذهب إلى ما أمرك الله به
فافعله أمامهم فإنهم إن رأوا هذا علموا أن الأمر عزيمة ولا جدال فيها فصنع رسول
الله صلى الله عليه وسلم ما قالت له أم سلمة ففعل المسلمون مثل ما فعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم لكن رحمة بغيرة المسلمين فقبل وصولهم للمدينة المنورة نزل
القرآن ( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله )
لأن فى مكة المكرمة أناس مسلمين وأخفوا اسلامهم فإذا دخلنا مكة المكرمة فسنقتل
المسلم ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة
بغير علم ) ( لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) فيصوب رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم ويهدىء غيرة المسلمين على دينهم .
( والذى خلق الأزواج كلها ) الأزواج تحتمل الفردين
والفرد لا يحتمل الزوج وما دام خلق الأزواج كلها فهو فرد لا مثيل له والزوجين إما ذكر وإما أنثى فللذكر
صفات مشتركة واللأنثى صفات مشتركة فلو لم يكن فرد يصبح زوج فيوجد له مثل لأن الفرد
دال على الزوج فى ايجاد الذات والصفات أو أنه يوجد صفات مختلفة فالصفات المختلفة
فيوجد نقص فى الأول ونقص فى الثانى والله عز وجل كامل لا نقص فيه فالله عز وجل فرد كامل لا يحتاج إلى شىء ويحتاج
إليه كل شىء
( والذى خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون ) الفلك : السفن / الأنعام
الحيوانات التى تحمل أثقال الإنسان والتى تركب من قبله ( الأنعام التى تحمل
أثقالنا إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ) فالفلك مؤنثة والأنعام مؤنث
غير حقيقى ( خلق لكم من الفلك والأنعام ما تركبون ) فلم يقل ما تركبونها لتشمل
الفلك لأن الفلك مؤنثة ( والأنعام ما تركبونه )
( وخلق لكم من الفلك والأنعام ما تركبونه ) فالسفن لم
يأت بها إنما السفن ظرف للمظروف ( فى الفلك المشحون ) ( حتى إذا كنتم فى الفلك
وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها ) فى الفلك : ليسوا عليها فالأنعام نركب عليها
والفلك نركب فيها فقال ( ما تركبون ) أى ما تركبونه وفى الفلك انطمرت معها فلا
تركبوا عليها بل فيها ( الفلك / السفن ) ولماذا غلب الأنعام وقال تركبوها والفلك
محمولة وإن كنا بنركب فيها ؟ لأنه توجد حكمة فالله عز وجل هو الذى يتكلم وما دام
الله هو الذى يتكلم فقد وضع كل لفظ فى مكانه لأن الأنعام نركبها والفلك نركب فيها
فلماذا غلب الأنعام على الفلك ؟ لأن الأنعام خلق الله المباشر والفلك خلق الإنسان
والحق سبحانه وتعالى يخاطب العرب فالعرب لم يكونوا يعرفون مسألة السفن إنما كل
وسائلهم على ركوب الأنعام فقال تركبونه وغلب الأنعام
( لتستوا على ظهوره ) فى الأنعام لأن العرب ما كانت تعرف
السفن لتنتقل بها إنما كانت تعرف الأنعام للانتقال ولأن الأنعام خلق الله المباشر
وكل السفن من خلق الإنسان فيغلب الأنعام على السفن
( لتستوا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم ) تستوى على
ظهره فكنت ماشيا فركبت والأنعام تحمل أثقال الإنسان فالأنعام مخلوقة على ( 4 قوائم
: 4 أرجل ) فشىء على رجلين مهزوز والشىء على ثلاثة أرجل مهزوز إنما على ( 4 أرجل )
ثابتة وممهدة والسفن لها ( 3 ) أشياء :
1 ) السفينة 2
) البحر الذى تسير فيه السفينة 3 )
الهواء الذى سيسير السفينة فى البحر
فالإنسان يرى كل هذه النعم عند الركوب فى السفن ( لتستوا
على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه ) فالاجابة ( سبحان الذى سخر لنا
هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون ) فالنبى عليه الصلاة والسلام علمنا
أن نقول هذا عند الركوب السفينة أم الأنعام فالحق سبحانه وتعالى عند مباشرة كل عمل
جديد لا بد من ذكر الله فيه ( بسم الله مجريها ومرسيها ) للسفن
( سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى
ربنا لمنقلبون ) فلا تغتر أيها الإنسان فقدر أن السفينة قد تغرق وأن الأنعام قد
تموت فلا بد من ذكر كل هذه الأشياء لتستمر فى ذكر الله عز وجل ( وإنا إلى ربنا
لمنقلبون ) ( سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون )
فكل شىء له آفة فالسفن لها آفة ( حتى إذا كنتم فى الفلك وجرين بهم بريح طيبة
وفرحوا بها ) ( ويصنع الفلك بأعيننا ) فكلما يمر عليه فريق يسخروا منه ( من ذات
ألواح ودسر )
والأنعام أقوى من الإنسان والفرس أقوى من الأنعام ومع
ذلك سخر لنا وذلل ( وزللناها لهم ) فلو لم يزللها الله عز وجل فلا نستطيع
الاستفادة منها ( أو لم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما فهم لها مالكون
وزللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ) فالنعمة الثانية أنها مزللة للإنسان
( سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ) مقرنين :
مطيقين لا نقدر عليها إنما بتذليله للإنسان يستطيع الإنسان الاستفادة منها ( وإنا
إلى ربنا لمنقلبون ) فلا تغتر أيها الإنسان بركوب الدابة وتقطع بها المسافة وفى
النهاية سوف ترجع إلى الله عز وجل ( وإنا إلى ربنا لمنقلبون )
( وجعلوا له من عباده جزءا ) يعنى أن له ولد لأن الولد
جزء من أبيه بدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للسيدة فاطمة الزهراء رضى
الله عنها فاطمة بضع منى ( وجعلوا له من عباده جزءا ) وربما الجزء الحسن ( وجعلوا
له من عباده جزءا ) المرسل للنبى رسول الله صلى الله عليه وسلم فالنبى ملك لله عز
وجل ( وجعلوا له من عباده جزءا ) الجزء فصل من الأبوين إما ذكر وإما أنثى فالذكر
هو الأشرف بدليل ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم
من سوء ما بشر به ) فالأنثى تجعلوا الملائكة بنات الله والأنثى مذمومة عندكم بدليل
أن حمزة تزوج إمرأة لا تنجب فذهب بعيدا عنها فأخذت تنفس عن نفسها وقالت :
ما لى أبى حمزة لا يأتينا غضبان ألا نلد البنينا
تالله ما ذلك فى أيدينا ونحن كالأرض لغارسينا
نعطى لهم مثل الذى أعطينا
فالمرأة العربية ليس لها ذنب فى أن يأتى الجنين ذكر أو
أنثى إنما العلم الحديث أثبتها فالمرأة لا عمل لها إلا حضانة ( ميكروب الحيوان
المنوى ) إنما الميكروب ( الحيوان المنوى ) أتى من الرجل فالقرآن يقول ( وأنه خلق
الزوجين الذكر والأنثى من نطفة إذا تمنى ) والنطفة ماء الرجل فالأنثى
( X / X ) والذكر ( X / Y ) فالذكورة والأنوثة فالحيوان المنوى يخرج من
الرجل ولما يخرج الحيوان المنوى من الرجل فالحيوان المنوى القوى هو الذى يصل
للبويضة ويلقحها ( وجعلوا له من عباده جزءا ) فالجزء ليس الولد إنما الملائكة بنات
الله ( وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين ) كفور : مبالغ فى
الكفر مبين : ظاهر وواضح ( أم اتخذ مما
يخلق بنات وأصفاكم بالبنين ) فالله عز وجل هو الذى خلق فيعطيكم الجنس الحسن ويأخذ
الجنس الأدنى فالله أصفاكم بالبنين وأخذ البنات ( ويجعلون لله ما يكرهون ) ( أم
اتخذ الله مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين )
( وإذا بشر أحدهم بالأنثى بما ضرب للرحمن مثلا )
فالعلماء لا يستطيعوا حفظ القرآن إنما القرآن لا بد أن يأتى من شخص لا يعرف شيئا
فى العلم حتى إذا نسى كلمة يقف إنما العالم عندما ينسى كلمة يأتى بمقابل لها ( قال
عذابى أصيب به من أشاء ) فالقرآن ينشط ذهن الإنسان فكمال القرآن لا يتعدى فالفصاحة
من البشر تتعدى واسلوبه يرقى فكمال القرآن لا يتعدى فى الاسلوب ( تعهدوا القرآن
فوالذى نفسى بيده لهو أشد تفصيا من الابل فى عقدها ) لأن القرآن إذا واليت قراءته
تتذكره باستمرار وإما إن تركته فترة تنساه ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى بما ضرب
للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به ) ( أفمن
ينشأ فى الحلية ) فالولد يلبس الملابس المعتادة أما البنت فتلبس بجانب ملابسها
المعتادة الزينة لأن البنت مخلوقة للاستمالة
( وهو فى الخصام غير مبين ) فالحرير والذهب محرم على
الرجال فى حين أن النساء يلبسن الحرير والذهب فالنساء ينشئن من الحلية فى النعمة
والولد أباه يوجهه للصنعة والعمل ( أفمن ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين ) فلا
يستطيع فى الجدل أن يسد فيوجد فى بعض الجنس شواذ فالنساء قد يكن رأى إحداهن قوى
أقوى من رأى الرجال فالنبى صلى الله عليه وسلم حينما كان فى عقبة صلح الحديبية
وحصل أنهم منعوا المسلمين من دخول بيت الله الحرام من أجل آداء فريضة الحج وحصل
معهم معاهدة بأن يعود المسلمون للمدينة المنورة هذا العام ويأتى لمكة المكرمة فى
العام القادم لآداء فريضة الحج فالصحابة عز عليهم هذا فقالوا نرى البيت ولا نحج
حتى عمر بن الخطاب رضى الله عنه الذى يأتى القرآن وفق رأيه قال لا نقبل الدنية فى
ديننا فالنبى غضب وشاهد غضب الصحابة فذهب رسول الله عليه الصلاة والسلام لخبائه
مغضب فلما لقيته أم سلمة رضى الله عنها قالت : ما لى أراك يا رسول الله مغضبا ؟
قال أمرت المسلمين فلم يمتثلوا وقالوا لا نقبل الدنية فى ديننا فماذا قالت أم سلمة
؟ قالت : يا رسول الله إنهم قوم مكروبون وجاءوا من المدينة المنورة لمكة المكرمة
على أمل أن يطوفوا بالكعبة المشرفة ويبقوا على مشارفها إنها مسألة صعبة فاعذرهم يا
رسول الله واذهب إلى ما أمرك الله به ففعله أمامهم فإنهم إن رأوا هذا علموا أن
الأمر عزيمة ولا جدال فيها فصنع رسول الله عليه الصلاة والسلام ما قالت له أم سلمة
ولكن برحمة المسلمين لقولهم لا نقبل الدنية فى ديننا فقبل دخولهم للمدينة المنورة
نزل القرآن ( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله
) لأن فى مكة أناس مسلمين أخفوا اسلامهم فلو دخلتم مكة وحصلت معركة لقتلتم اخوانكم
المسلمين ( ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم فتصيبكم منهم معرة
بغير علم ) ( لعذبنا الذين كفروا عذابا أليما ) فيصوب رأى رسول الله صلى الله عليه
وسلم فغيرة المسلمين على دينهم أمر حسن .
( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا
خلقهم ستكتب شهادتهم ويسئلون ) والله سبحانه وتعالى تكلم عن دعواهم أولا فى أن لله
ولد والولد جزء من أبيه فأثبتوا لله أجزاء والولد جزء منه ولذلك جاءت هذه الآية
بعد قوله ( والذى خلق الأزواج كلها ) والزوج يبدأ من فردين ذكر وأنثى فالزوج محتاج
للفرد ( والذى خلق الأزواج كلها ) معناه أن كل شىء فى الوجود زوج والزوج لا بد أن
ينضم فرد ( ذكر ) إلى فرد ( أنثى ) فالزوج محتاج للفرد والفرد غير محتاج للزوج
ولذلك بعضهم سأل قالوا أنتم تؤمنون بإله واحد ؟ قالوا نعم فهم قاموا ب ( 3 ) أشياء
:
1 ) جعلوا لله ولد فأثبتوا له جزء لأن الولد جزء من أبيه
لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاطمة الزهراء رضى الله عنها بضع منى .
2 ) اتخذ الملائكة إناثا 3 ) ما شاء الله ما عبدناهم .
فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يرد على كل واحد فلقد
أثبتوا لله الولد فجعل لله جزء وهذا ينافى أنه واحد أحد فرد صمد .
واحد : بمعنى لا وجود لفرد آخر معاه أحد : غير مركب من أجزاء فالواحدية تنفى وجود
فرد معه
والأحدية تنفى أنه ذو أجزاء فليس كلا وليس كليا من الذى
خلق ؟ الله سبحانه وتعالى هو الذى خلق
( خلق الأزواج كلها ) فخلق الذكر والأنثى فهل الذكر أحسن
أم الأنثى برأيكم أنتم وباستعمالكم وقواعدكم ( إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه
مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه فى
التراب ) فأنتم كرهتم الأنثى بشهادتكم أنتم فالأنثى أعطيتموها لله وأخذتم الذكور (
ألكم الذكر وله الأنثى ) ففى سورة النجم ( ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذن قسمة
ضيزى ) فالقسمة جائرة غريبة عجيبة فيأتى باللفظ الغريب العجيب الذى لا يوجد إلا هو
فى القرآن
( ضيزى ) ليس حاجة رقيقة ( تلك إذن قسمة ضيزى ) ليدل
باللفظ على غرابة المعنى الذى قالوه
( ألكم الذكر وله الأنثى ) ( اصطفى البنات على البنين )
فمن أين أتيتم بكل هذه التهم ؟ هل لديكم كتب تدرسونها أم لديكم رسل قالوا لكم هذا
الكلام ؟ فهذه مسألة لا يعرفها أحد إلا الله عز وجل
( أشهدوا خلقهم ) ( ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا
خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا ) كلمة الله تدل على وجود مضلين سيجيئون بعد
ذلك بقولهم إن الإنسان أصله قرد فلم يشهدوا الخلق فلو لم يجد قوم يقولون بهذه
المسألة ولقد صدقت هذه الآية فمجىء المضلين دليل على صدق الله عز وجل فمجىء
المضلين إثبات للمعجزة فنحن نأخذ بالقرأن ولا نأخذ بالسنة فالله سبحانه وتعالى
يعطينا فكرة أنه قال هذا الكلام ( يوشك أحد منكم يتكىء على أريكته يقول بيننا
وبينكم كتاب الله ( القرآن ) فما فيه من حلال حللناه وما فيه من حرام حرمناه ألا
وإن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل فمجىء المضلين يثبت صدق
الله عز وجل فى كلامه
( اصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون ) ( أفمن
ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين ) بالنسبة للنساء فتعطوا النساء لله
وتأخذوا الرجال الذين فيهم صلابة وقوة ( تلك إذن قسمة ضيزى ) ( أفمن ينشأ فى
الحلية ) تكريم للنساء ( وهو فى الخصام غير مبين ) خصام مهيأ هين ليس له جلد فالله
عز وجل حين يضع القانون ليس قانون ميكانيكى فيجعل فى القانون شذوذا
( أفمن ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين ) فيأتى
من الأنثى فى الخصام ويأتى من الأنثى غالية لا تلبس الحلى لشدة جمالها فيأتى فى
قصة بلقيس ( ملكة اليمن / سبأ ) لا بد أنها استولت على ذلك بقوة شكيمة وبصيرة ورأى
فسلموا لها الرجال وأصبح لها عرش عظيم ولما أتى سيدنا سليمان عليه السلام لما أراد
أن يبلغها الدعوة فالذى بلغها الدعوة الهدهد يعنى من جنود سيدنا سليمان عليه
السلام فهو يستعرض الجنود والخيل والجن والإنس فلم يجد الهدهد فمهمة الادارة
العليا فتفقد فقال ( ما لى لا أرى الهدهد ) ( وتفقد الطير قال ما لى أرى الهدهد أم
كان من الغائبين فمكث غير بعيد ) غاب عن مجلسه ثم أتى الهدهد ولكنه قام بعمل يساعد
سليمان عليه السلام فى مهمته وفى قصة إبنى آدم ( واتل عليهم نبأ ابنى آدم فقربا
قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله مع
المتقين فسولت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح
من النادمين ) ( فبعث الله غرابا
يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه ) فتعلم من الغراب
فالهدهد علم النبى سليمان عليه السلام وعلمه فيما يتعلق
بمهمته لأن مهمة النبى حرس العقيدة ومنهج الله ينزل فالهدهد أعانه على هذه المهمة
فلقد عرف الهدهد القضية الايمانية من أولها لآخرها ( أحطت بما لم تحط به وجئتك من
سبأ بنبأ يقين إنى وجدت إمرأة تملكهم وأوتيت من كل شىء ولها عرش عظيم وجدتها
وقومها يسجدون للشمس من دون الله ألا يسجدوا لله الذى يخرج الخبء فى السموات
والأرض ) فهذا مخالف لمنهج سليمان ( عبادة الشمس من دون الله ) ( قال عفريت من
الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك ) فلها زمن ( قال الذى عنده علم من الكتاب
أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) فالجن الذين لهم خواص فوق الإنس يجعل الله من
الإنس حاجة أكثر من الجن عن طريق طلاقة القدرة لله عز وجل فيجعل من الأضعف الأقوى
منه ( قبل أن يرتد إليك طرفك ) فعندما يخلصها يكون الطرف ارتد فلا زمن ( فلما رآه
مستقرا عنده ) فلما جاءت بلقيس قال ( نكروا لها عرشها ) فلما جاءت وأرادت دخول
الصرح ( إنه صرح ممرد من قوارير ) فهى أرسلت لسيدنا سليمان عليه السلام بهدية (
قال ما آتانى الله خير مما آتاكم ) فهل هذا العرش مثل عرشك ؟ قالت كأنه هو الرد
الدبلوماسى ( قالت إنى أسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) فيوجد لديها جدل ومعنى
ذلك ( وهو فى الخصام غير مبين ) القاعدة العامة فيها يعطى الله منهم ما يفوق الجنس
الآخر ) .
بالنسبة للسيدة مريم ( إذ قالت إمرأة عمران رب إنى نذرت
لك ما فى بطنى محررا فتقبل منى إنك أنت السميع العليم ) والذى كان يخدم البيت
الذكور ( فلما وضعتها قالت رب إنى وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر
كالأنثى وإنى سميتها مريم وإنى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم فتقبلها ربها
بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد
عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير
حساب )
فالأنثى لها شأن عظيم أحسن من الذكر عن طريق طلاقة
القدرة لله عز وجل فقد يعطى الله لقوم رزق واسع فالقدرة إذا جعلت الأمور رتيبة (
وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) فمسألة أم سلمة رضى الله عنها فى موقعة
الحديبية لما قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنهم قوم مكروبون واذهب إلى ما
أمرك الله به فإنهم إن رأوك تفعل ما أمرك الله به سوف يعملون مثل ما تعمل يا رسول
الله صلى الله عليه وسلم فالسيدة حفصة عندما كانت مع الجيش فرأت يهودى يطوف حول
الخيمة فقالت لسيدنا حسان إذهب واقتله فرفض حسان أن يقتله فقتلت السيدة حفصة
اليهودى بالسيف فالسيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها فكل الذى أهمها عند الموت أن
لا تكون مكشوفة أمام الناس فعرفت أن باليمن نعش يوضع فيه الموتى فتوجد أشياء تبين
أن منهج الله عندما يتمكن من أحد يسحب منهج الله فى كل تصرفاته فقبل الاسلام وفى
الجاهلية فتوجد نساء لهن أراء فشجرة الدر من مصر هى التى كست الكعبة المشرفة فالله
يطلق من الجنس الضعيف قوى عن طريق حد طلاقة القدرة لله عز وجل فأمامة بنت الحارث
وضعت بنت من ملك كندى ( أم اياس ) تسامع العرب بجمالها وفصاحتها وجلسوا يوصفوا
فيها عدة صفات فأراد أن يتزوجها فقال له يا ابن سنان
( الحارث بن عتبة ) أرأيت لو أنى حظيت من أى حى من أحياء
العرب أيردنى ؟ قال نعم أعرف من يردك قال من هو قال ( أوس بن حارثة ) فذهب ( لأوس
بن حارثة ) فلما رآه راكبا وداخلا عليه قال مرحبا بك يا حارث ماذا جاء بك ؟ قال
آتيتك خاطبا ؟ قال لست هناك يا ( أوس ) فجاء رجل راكبا فلم يطل معك الكلام فالحارث
بن عوف سيد من سادات العرب فقال له لماذا لم تتخذه ضيفا ) قال لأنه استهجنى بماذا
قال آتانى خاطبا أنت تقول أنه سيد العرب وجاءك خاطبا فمن تزوجه اذهب فاسترضيه وآت
به ولقد كان ما كان فناداه أوس يا حارث ارجع فلك عندى ما تحب فرجعوا فلما رجعوا
قالوا له أتيتنى وأنا مغضب فقلت لك ما قلت فرجعت نفسى فلك عندى ما تريد فكان لدى
أوس ( 3 بنات ) فجاء بالكبيرة وقال لها ( جاءك الحارث بن عوف يخطبك قالت لا يا أبى
قال لم قالت إنى إمرأة فى ردة وفى خلقى شدة وليس بجار له ولا أنا بنت عمه وأخشى أن
يحدث منى شىء يغضبه فيطلقنى فيصبح ذلك سبة لى فقال قومى بارك الله فيك فجاءت
الوسطى فلما جاء بالوسطى قال لها مثل ما قال لأختها الكبيرة فقالت لا يا أبى إنى
إمرأة لست جميلة ولست صناعا فى خدمة البيت وأخشى أن يحدث منى ما يغضبه فيطلقنى
فيصبح ذلك سبة لى فقومى بارك الله فيك فجاءت الصغرى قالت أنا الحسنة خلقا وخلقا
والجميلة خلقا والصناع يدا فإن طلقنى فلا بارك الله له ولا أخلف عليه فقال له إنى
زوجتك بنتى هويسة أصغر البنات فلابد من أن
تذبح وتنحر وتطعم الناس وتصنع ما يصنع مثلك لمثلى فلما ذهب إليها نحر وذبح وفعل كل
شىء مطلوب منه فدخل عليها فقالت له يا حارث أتتوق للنساء ويوجد حيين من أحياء
العرب يقتتلان وفيهم خسائر اذهب فأصلح بينهم فخرج فكان نعم الرأى فلما ذهب للحيين
أصلح بينهما ودفع دية القتلى من الطرفين
( 3000 بعير ) من ماله الخاص ثم رجع إليها فوجدها مستعدة
له فقالت له الأن يا حارثة .
( وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا
خلقهم ستكتب شهادتهم ويسئلون ) والله سبحانه وتعالى تكلم عن دعواهم أولا فى أن لله
ولد والولد جزء من أبيه فأثبتوا لله أجزاء والولد جزء منه ولذلك جاءت هذه الآية
بعد قوله ( والذى خلق الأزواج كلها ) والزوج يبدأ من فردين فرد
( ذكر ) وفرد ( أنثى ) فالزوج محتاج للفرد ( والذى خلق
الأزواج كلها ) معناه إن كل شىء فى الوجود زوج والزوج لا بد أن ينضم فرد ( ذكر )
إلى فرد ( أنثى ) فالزوج محتاج للفرد والفرد غير محتاج للزوج ولذلك بعضهم سأل أنتم
تؤمنون بإله واحد ؟ قالوا نعم قال اتحسنوا العدد قال نعم
( 1 و 2 ) ( 2 قبلها 1 ) وما قبل ( 1 ) ( 0 ) صفر فلا
يوجد أحد قبل الله عز وجل فقد قاموا
ب ( 3 أشياء ) :
1 ) جعلوا لله ولدا فأثبتوا له جزء لأن الولد جزء من
أبيه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء رضى الله عنها بضع منى .
2 ) اتخذ الملائكة إناثا 3 ) ما شاء الله ما عبدناهم
( 3 دعاوى ) الولد والله أخذ الأنثى وترك لهم الذكور وما
شاء الله ما عبدناهم فالحق سبحانه وتعالى يريد أن يرد على كل واحدة اتخذ الولد
فجعلوا لله جزء وهذا ينافى أنه واحد أحد فرد صمد كل واحدة منها لها معنى واحد : لا
وجود لفرد آخر معاه / أحد : غير مركب من أجزاء فالواحدية تنفى وجود فرد معه
والأحدية تنفى أنه ذو أجزاء فليس كلا وليس كليا من الذى خلق ؟ الله عز وجل هو الذى
خلق ( خلق الأزواج كلها ) خلق الذكر والأنثى فهل الذكر أحسن من الأنثى ؟
برأيكم أنتم وباستعمالكم وبقواعدكم ( إذا بشر أحدهم
بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون
أم يدسه فى التراب ) ( وأد البنات فى الجاهلية )
فأنتم كرهتم الأنثى بشهادتكم أنتم فالأنثى التى كرهتموها
أعطيتموها لله عز وجل وأخذتم الذكران
( ألكم الذكر وله الأنثى ) ففى سورة النجم ( ألكم الذكر
وله الأنثى تلك إذن قسمة ضيزى )
ضيزى : جائرة ظالمة فالقسمة غريبة عجيبة فيأتى باللفظ
الغريب العجيب الذى ليس له وجود إلا فى القرآن وليس حاجة رقيقة ليدل باللفظ على
غرابة المعنى الذى قالوه ( ألكم الذكر وله الأنثى )
( اصطفى البنات على البنين ) فمن أين أتيتم بكل هذه
التهم ؟ أعندكم كتب تدرسونها أم لديكم رسل قالوا لكم هذا الكلام ؟ لأن هذه المسألة
لا يعرفها أحد إلا الله عز وجل ( أشهدوا الخلق ) ( أشهدوا خلقهم ) ( ما أشهدتهم
خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا ) فكلمة الله تدل
على وجود مضلين سيجيئون بعد ذلك فهم يقولون كذبا أن الإنسان أصله قرد فلم يشهدوا
الخلق فهم مضلين فلما لم يجىء قوم يقولون بهذه المسألة لما صدقت هذه الآية فمجىء
المضلين دليل على صدق الله عز وجل فمجىء المضلين إثبات للمعجزة فجاء قوم وقالوا (
نحن لا نهتم إلا بالقرآن والسنة نتركها ) فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (
يوشك أحد منكم يتكىء على آريكته يقول بيننا وبينكم كتاب الله فما فيه من حلال
حللناه وما فيه من حرام حرمناه ألا ما قال رسول الله مثل ما قال الله ) فمجيئهم
يثبت صدق الله فى كلامه ( اصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون ) فأنتم
تأخذون الذكر لقوته وصلابته ولذهابه للجيش ويسعى من أجل طلب العيش الحسن والأنثى
تجلس فى البيت ( أفمن ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين ) فأنتم تأخذون
الذكور وتعطوا لله البنات ( تلك إذن قسمة ضيزى ) ( أفمن ينشأ فى الحلية ) فالمرأة
تنشأ فى الحلية والزينة فالعرب يسمون المرأة الجميلة التى تستغنى بجمالها عن لبس
الحلى ( غالية ) ( أفمن ينشأ فى الحلية ) تكريم للنساء والحرير والذهب تلبسه
النساء بينما الحرير والذهب محرم على الرجال
( وهو فى الخصام غير مبين ) خصام هين ليس فيه جلد فالله
حين يضع القانون لا يضع قانون ميكانيكى فيجعل فى القانون شذوذا ( أفمن ينشأ فى
الحلية وهو فى الخصام غير مبين ) ففى قصة بلقيس ملكة اليمن ( سبأ ) لا بد أنها
استولت على ذلك بقوة شكيمة وبصيرة ورأى فسلموا لها الرجال وأصبح لها عرش عظيم فلما
جاء سيدنا سليمان عليه السلام فلما بلغها الدعوة عن طريق الهدهد من جنود سيدنا سليمان
عليه السلام فهو يستعرض الجنود والخيل والجن والإنس فلم يجد الهدهد فمهمة الإدارة
العليا ( وتفقد الطير وقال مالى لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين ) ما لى لا أرى
الهدهد تعجب ( أم كان من الغائبين ) ( فلبث غير بعيد ) فغاب عن مجلسه ولكنه قام
بعمل يساعد سيدنا سليمان عليه السلام على آداء رسالته لأنه اكتشف أناس مشركين )
فقد نفع وقصة ابنى آدم ( هابيل وقابيل ) ( فقربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل
من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من الصالحين فطوعت له نفسه قتل أخيه
فقتله فأصبح من النادمين ) ( فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف يوارى سوءة
أخيه ) فتعلم من الغراب وهذه حكمة فالهدهد علم سيدنا سليمان عليه السلام مهمة
النبى لأن مهمة النبى حرس العقيدة ومنهج الله ينزل فالهدهد أعانه على هذه المهمة
فالهدهد عرف القضية الايمانية من أولها لآخرها ( فلبث غير بعيد أحطت بما لم تحط به
وجئتك من سبأ بنبأ يقين إنى وجدت إمرأة تملكهم وأوتيت من كل شىء ولها عرش عظيم
وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله ) فهذا مخالف لمنهج سليمان عليه السلام (
ألا يسجدوا لله الذى يخرج الخبء فى السموات والأرض ) لأن قوت الهدهد لا يأتى من
سطح الأرض إنما من باطنها ( أيكم يأتينى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين ) ( قال
عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنى عليه لقوى أمين ) فيوجد زمن
( قال الذى عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ) فالجن لهم
خواص فوق الإنس فجعل الله من الإنس حاجة أكثر من الجن عن طريق طلاقة القدرة فيجعل
من الأضعف الأقوى ( قبل أن يرتد إليك طرفك ) لا يوجد زمن ( فلما رآه مستقرا عنده )
فقال ( نكروا لها عرشها ) فعند دخولها الصرح قال ( إنه صرح ممرد من قوارير ) فهى
أرسلت له بهدية قال ( ما آتانى الله خير مما آتاكم ) فهل العرش مثل عرشك قالت كأنه
هو رد دبلوماسى سياسى وآمنت ( إنى أسلمت مع سليمان لله رب العالمين ) ( وهو فى
الخصام غير مبين ) ( إذ قالت إمرأة عمران رب إنى نذرت لك ما فى بطنى محررا ) والذى
كان يخدم البيت الذكور فلقد وضعتها بنت فتحسرت وقالت ( وليس الذكر كالأنثى ) إنما
الأنثى لها شأن عظيم فالحق سبحانه وتعالى يبين لنا طلاقة القدرة فالله قد يعطى
للفقير رزق واسع فيعطى الله الرزق لمن لا حيلة له ليتعجب صاحب الغنى فإن لم يكن
كذلك فلا توجد طلاقة القدرة فالقدرة إن جعلت المسائل رتيبة لا توجد قدرة .
وفى مسألة أم سلمة فى موقعة الحديبية لما قالت لرسول
الله صلى الله عليه وسلم : إنهم قوم مكروبون واذهب إلى ما أمرك الله به فإن رأوك
تفعل ما أمرك الله به سوف يفعلون مثل ما تفعل
والسيدة حفصة مع الجيش فرأت يهودى يطوف حول الخيمة قالت
لحسان اذهب فاقتله فرفض حسان قتل اليهودى فأخذت السيدة حفصة السيف وقتلت اليهودى
فلما قتل اليهودى قالت لحسان اذهب فاسلبه قال لو لم يكن رجلا ما سلبته فالسيدة
فاطمة الزهراء رضى الله عنها كل ما أهمها عند الموت ألا ينكشف جسدها على أحد فيوجد
فى اليمن صندوق من الخرزان يوضع فيه نعش الموتى فيتدارى فيأتى بأشياء تبين أن المنهج
حينما يتمكن من إنسان ما فى كل تصرفاته فجاءت فى الاسلام فقبل الاسلام وفى
الجاهلية فيوجد سيدات لهن آراء قوية فشجرة الدر من مصر قامت بإرسال كسوة الكعبة
المشرفة لمكة المكرمة كل عام فالله يخلق من الجنس الضعيف قوى فهذه طلاقة القدرة
فأمامة بنت الحارث وضعت بنت من ملك كندى ( أم إياس ) بنت الحارث بن عمرو ملك كنده
تسامع العرب بجمالها وفصاحتها وأخذوا يوصفون بها عدة صفات فأراد أن يتزوجها فلما
ذهب ليتزوجها قال له يا بن سنان قال أرأيت إن خطبت من أى حى من أحياء العرب أيردنى
قال نعم أعرف من يردك قال من هو ؟ قال أوس بن حارثة فذهبوا لأوس بن الحارث قال له
مرحبا بك يا حارث ماذا جاء بك ؟ قال آتيتك خاطبا قال لست هناك أى أنك لست كفئا لنا
لنزوجك فلما دخل قالت له إمرأته يا أوس ما رجل جاء لك راكبا فلم يطل معك الكلام
قال الحارث بن عوف سيد من سادات العرب ولماذا لم تستنزله قال لأنه استهجننى لماذا
؟ قال أتانى خاطبا قال إن كنت تقول إنه سيد العرب وجاءك خاطبا فمن تزوج بناتك إن
لم تزوجه لسيد العرب اذهب فاسترضيه قال قد كان ما كان قالت اذهب فاسترضيه فقال أوس
للحارث بن عوف ارجع على ولك عندى ما تحب قال إنك أتيتنى وأنا مغضب لأمر ما و قلت
لك ما قلت ولكنى رجعت نفسى آت ولك عندى ما تريد فكان لدى أوس ( 3 بنات ) فأتى
بالكبيرة وقال لها جاءك الحارث بن عوف يخطبك قالت لا يا أبى قال لم ؟ قالت إنى
إمرأة فى رده وفى خلقى شده وليس بجار له ولست أنا بنت عمه وأخشى أن يحدث منى شىء
يغضبه فيطلقنى فيصبح ذلك سبة لى قال قومى بارك الله فيك فجاء بالوسطى وقال لها ما
قال للكبيرة فقالت لا يا أبى إنى إمرأة لست جميلة ولست صناعا فى خدمة البيت وأخشى
أن يحدث منى ما يغضبه فيطلقنى فيصبح ذلك سبة لى فقال قومى بارك الله فيك فقال
للصغرى ما قال لأخواتها الكبيرة والوسطى قالت أنا الحسنة خلقا والجميلة خلقا
والصناع يدا فإن طلقنى فلا بارك الله له ولا أخلف عليه فقال له إنى زوجتك ابنتى
هويسة فقالت له اذهب وانحر واذبح وأطعم الناس وتصنع ما يصنع مثلك لمثلى فلما عمل
ما طلب منه فدخل عليها فقالت يا أبا الحارث أتتوق للنساء ويوجد حيين من العرب
يقتتلان وفيهم خسائر اذهب فأصلح بينهم ثم لا يفوتك من ذلك شىء فقال نعم الرأى فلما
خرج أصلح بين الحيين ودفع دية القتلى من الطرفين من ماله الخاص ( 3000 بعير ) ثم
رجع إليها فوجدها مستعدة له فقالت له الأن يا حارثة .
إن قضية الأنثى دون الذكر وهذه قضية عامة فمن الأنثى ما
يجعل منها ما فوق الرجال بالرأى والحلم فتوجد قصة هويسة بنت أوس بن حارثة وكيف
عرفنا المواقف التى وضعها حيث طلب الحارث بن عمرو ملك كنده الزواج منها ؟ وهناك من
العرب الحارث بن عمرو ملك كنده تحدث بلغة من أجل جمال إمرأة من العرب ( أم إياس )
بنت عوف الشيبانى فأراد أن يتزوجها فأذاع إمرأة من كنده يقال لها عصام وقال اذهب
حتى تعلمى لى علم مسألة ابنة عوف الشيبانى فذهبت فلما انتهت إليها التقت بأمها (
أم إياس ) ( أمامة بنت الحارث ) وأعلمتها لما جاءت له فضربت أمامة بنت الحارث
لابنتها أم أياس فى غرفة اجلسى وستدخل عليك أم عصام فلا تسترى عنها شيئا أرادت
النظر إليه من وجه وخلق وتكلمى معها فدخلت أم عصام على أم إياس فوجدتها مستعدة لها
فقالت أم عصام ( ترك الخداع ما انكشف القناع ) فصارت مثلا ينطقه العرب فلما عادت
من مهمتها قال لها ما ورائك يا أم عصام ؟ قالت ( أبدى المخض عن الزبد ) المخض : فصل
اللبن عن الزبدة والقشطة فصارت مقولة ( أبدى المخض عن الزبد ) مثلا فقال لها
ناطقينى قالت أخبرك حقا وصدقا وأخذت توصف المرأة التى يريد الزواج منها يكفى أننا
سوف نعطيك المرأة الغير محرمة عليك رأيت جبهة كالمرآة الثقيلة يزينها شعر كأذناب
الخيل المضفورة إن استعملته يكون كالسلاسل وإن أرسلته كانت على قيد كرم ملأها
الوادى تحته حاجبان متقوسان كأنما خط بقلم أسود يتقوسان على عين الظبية العذهرة
التى لم يرعها قانص ولا يفزعها قسورة ( عينان ناعسة ) بينهما أنف كحد السيف
المصقول لم يخنس به قصر ولم يبقى به طول ) حاجته به وجنتان كالأرجوان فى بياض محض
كالجماد شق فيه فم كالخاتم اللذيذ المبتسم وفيه لسانا أحلى بيانا وتلتقى فيهما
شفتان حمراوين كأنهما يجلبان ريقا كالشهد تحتاهما عنق كابريق الفضة اتصل به عضدان
أمتلأ لحما فخطبها فلما جاءوا ليزفوها إليه أخذتها أمامة ( أمها ) ( أى بنية إنك
غدا ستفارقين البيت الذى فيه درجت والعش الذى فيه نشأت إلى قرين لم تألفيه وبيت لا
تعرفيه ولو أن إمرأة استغنت عن النصيحة لكنت أغنى الناس ولكنها تذكرة للعاقل
ومعونة للغافل أى بنية إنه صار بملكه لك فصيرى أمة له يكن لك عبدا واحفظى عنى ( 10
خصال ) أما الأولى والثانية فالمعاشرة بالرضا والقناعة والثانية حسن السمع والطاعة
وأما الثالثة والرابعة فالتعهد لموضع عينه والتعهد لموضع أنفه فلا تقع عينه منك
على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح أما الخامسة والسادسة فالتعهد لوقت طعامه
والهدوء عند منامه فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة وأما السابعة
والثامنة فالتدبير لماله والارعاء على صحته وعياله وأما التاسعة والعاشرة فإياك أن
تعصى له أمرا أو تفشى له سرا فإنك إن عصيت أمره أوغرت صدره وإن أفشيت سره لم تأمنى
غدره وإياك بعد ذلك كله والفرح إن كان غاضبا أو الترح إن كان فرحا واعلمى أنك لن
تنالى ما تحبين حتى تغلبى رضاه على رضاك وهواه على هواك فهذهى نصائح مهمة لكل
إمرأة قبل أن تتزوج فالخلاف والتناقض بين الزوجين فبجانب ال ( 10 خصال ) أضافت لها
( الفرح والترح ) فأصبحوا ( 12 خصلة ) ومع ذلك أعطاها الله ذلك البيان فنصحت ابنتها
هذه النصيحة فبينها وبين زوجها حتى أتت منه ب ( 10 بطون ) فلو تم تعليم نساء
المسلمين هذا الكلام فلا يوجد خلاف فى منزل الزوجية على الاطلاق ( أفمن ينشأ فى
الحلية وهو فى الخصام غير مبين ) ( وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم ما لهم بذلك
من علم إن هم إلا يخرصون ) يخرصون : يكذبون ويقولون كلام غير حقيقى ( أم آتيناهم
كتابا من قبلك فهم به مستمسكون بل قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم
مهتدون ) فقضية اتباع الآباء والتقليد فالقرآن أتى بها فى هذه الآية وأيات أخرى
فقال ( وإذا قال لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أو
لو كان أباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما
أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا
) فقولهم ( حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا ) أقوى من قولهم ( بل نتبع ما ألفينا عليه
آبائنا أو لو كان أباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) أما الآخرين قالوا ( حسبنا
ما وجدنا عليه أبائنا أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ) فالفرق بين
الاسلوبين أحدهما يعقلون والأخر يعلمون .
يعقلون لأنهم لم يفعلوا قصر يعلمون لأنهم قالوا حسبنا لا نريد شىء آخر (
قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا ) فقال يعقلون فى أحدها وفى الأخرى يعلمون ما
الفرق بينهما ؟
يعقلون : هو الذى يستنبط المسائل من نفسه بعقله .
يعلمون : لا يستطيع الاستنباط من نفسه ويعلم من استنباط
غيره فأيهما أقوى الذى يعلم لأنه يتعقل غيره ويعقل نفسه ( فيعلمون ) الأقوى لكن
يعقلون يأخذ التعقل فقط فهذا اسلوب وذاك اسلوب مختلف ولكنهما يؤديان نفس المعنى .
( قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا ) ( قالوا حسبنا
ما وجدنا عليه آبائنا ) ( قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون
) ( وكذلك ما أرسلنا من قبلك فى قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آبائنا
على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) على أمة : على طريقة ( قال أو لو جئتكم بأهدى
مما وجدتم عليه آبائكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون ) فسوف نتبع ما ألفوا
آبائهم عليه فهم يسيرون على التقليد فالمناسب كما قال ( خلق الأزواج كلها )
فاستبعدوا أن يكون لله جزء لأنه فرد فجاءت مسألة الإناث والبنين ويوجد هنا تقليد
فى قوله ( مهتدون / مقتدون ) فيأتى بآية يفسد بها عليهم أن ما جاء به آبائهم فهذا
كلام باطل لأن سيدنا ابراهيم عليه السلام أنتم أيها العرب تفخروا به فالعرب من نسل
ابراهيم عليه السلام فهو لم يقلد ابراهيم لأنه ذهب لأبيه وقال له ( يا أبت لما
تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك من الله شيئا ) فخرج عن التقليد فعن طريق
نقد قضية التقليد فلسفيا فأول وجود فى الكون كان آدم ومنهجه فلا بد من أخذ منهج
الله فى الاعتبار حتى يسير الناس على منهج الله القويم فى الدنيا فلا بد من واسطة
لوجود أناس يقلبوا الحقائق من أجل مصالحهم وشهواتهم ويوجد جيل يعبد الأصنام لماذا
؟ لأنهم غير محكومين بقضية افعل ولا تفعل فيعبدون ما لا تكليف منه فهدم القضية
جاءت بابراهيم عليه السلام إذ قال لأبيه آزر ( يا أبت لما تعبد ما لا يسمع ولا
يبصر ولا يغنى عنك من الله شيئا ) فقصة ابراهيم عليه السلام وأبوه آزر دفعت بأنهم
مقلدين مكذبين فلو كان ( يتبع ما ألفينا عليه آبائنا ) لكن عندما عرض الله عز وجل
قضية ابراهيم عليه السلام عرض قضية قسموا فيها الجدل فالرسول صلى الله عليه وسلم
قال
( إنى أخترت من خيار من خيار من خيار ) وقال ( ما زلت
أنتقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات ) فليس من الممكن أن يكون فى ذرية
رسول الله صلى الله عليه وسلم كافر أو مشرك فابراهيم أبو الأنبياء واسماعيل بن
ابراهيم واسماعيل منه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ابراهيم لم يتبع أباه
وقلد ووحد فكيف تقولون أن ابراهيم أبوه كافر ومشرك ؟
فالنبى يقول ( ما زلت أنتقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام
الطاهرات ) وأنا ( خيار من خيار من خيار ) فليس من الممكن أن يكون أبا ابراهيم
كافر ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لو أن المسائل قسمت قسمين فأنا فى خير
القسمين فهذا الكلام يحتاج تحقيق ( وإذ قال ابراهيم لأبيه آزر لم تعبد ما لا يسمع
ولا يبصر ولا يغنى عنك من الله شيئا ) فالتعبير القرآنى ( وإذ قال ) وردت فى
القرآن الكريم ( 8 مرات ) المرة الأولى فى سورة الأنعام والمرة الأخيرة فى سورة
الممتحنة فوسط بينهما فى سورة يوسف ( إذ قال يوسف لأبيه ) فى سورة الأنعام وقبل
هذه السور كلها فكأن الله فى أول القرآن حسم فى قضية ابراهيم عليه السلام وقضية
والده إلى التوبة إلى الممتحنة كلها لأبيه دون آزر وفى سورة الأنعام ( لأبيه آزر )
فأول سورة فى القرآن الله حل المسألة قال ابراهيم لأبيه آزر والباقى لم يقل آزر بل
قال لأبيه وفى سورة الأنعام فالتوبة فالممتحنة كلها لأبيه دون آزر وفى سورة
الأنعام ( لأبيه آزر ) إذن فى أول سورة فى القرآن الله عز وجل حل المسألة قال
ابراهيم لأبيه آزر ) فلا بد من معرفة أنه عمه وليس والده لماذا ؟ لأن فى آية فى
القرآن ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت قال لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا
نعبد الهك وإله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق ) آبائك جمع ( ابراهيم واسماعيل
واسحاق ) جمع قالوا إذا اجتمع جمع فى حكم جمع فالقسمة مفردة أب ( ابراهيم ) و أب (
اسماعيل ) و أب ( اسحاق ) فإذا كان هؤلاء الثلاثة آباء من يعقوب فاسماعيل أخو
اسحاق وإن كان ( اسماعيل ) هو الأب فاسحاق لا يكون أب فإذا كان اسحاق الأب فلا
يكون اسماعيل الأب فلا بد من القول أن أحدهما الأب ولذلك جاء فى أول سورة من
القرآن يتحدث فيها عن ابراهيم عليه السلام ( إذ قال ابراهيم لأبيه آزر ) ونحن فى
استعمالنا أن واحدا جاء فسأل أبوك موجود ؟ فماذا يعنى ؟ يعنى الأب الحقيقى ولما لم
يكن الأب غير الحقيقى يقال لك أبوك محمد موجود ؟ فلا بد أن يأتى بالفاصل فالفرق
بين أبوك وأبوك محمد فما دام تأتى بالعالم بعد هذا الوصف معناه أنه ليس الأب فننفى
أن يكون فى رسول دخل فى صلبه مشركين أو كافرين فهم 8 آيات واحدة ( آزر ) و ( 7 )
بدون آزر ( إذ قال ابراهيم لأبيه آزر ) فى سورة الأنعام ( وإذ قال ابراهيم لأبيه )
لأبيه آزر لأنها أتت فى سورة الأنعام أما لأبيه ليست مطلقة بل مقيدة بما جاء فى
أول سورة يتكلم فيها الحق عن ابراهيم عليه السلام ( لأبيه آزر ) أتت فى سورة
الأنعام وباقى الآيات السبع ليس فيها آزر ( أو لو جئتكم بأهدى ما وجدتم عليه
آبائكم إنا بما أرسلتم به كافرون فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين ) (
وإذ قال ابراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون ) كلمة براء وكلمة برىء
كلمة براء : كلمة واحدة تطلق على المفرد والمفردة
والمثنى الذكر والمثنى الأنثى وجماعة الذكور وجماعة الاناث فبراء متمثل الكل ففى
سورة الممتحنة ( ولقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة )
كلمة برىء : بريئان / بريئون تأتى على كل وجه
( وإذ قال ابراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون )
وفى سورة أخرى ( فإنهم عدو لى إلا رب العالمين ) عدو لى : الأصنام ( إلا الذى
فطرنى فإنه سيهدين ) فهدايته متصله إلا الذى فطرنى : أى الذى خلقنى ( فإنهم عدو لى
إلا رب العالمين ( الذى خلقنى فهو يهدين والذى هو يطعمنى ويسقين وإذا مرضت فهو
يشفين ) لأن الله هو الذى خلقنى والذى أعطانى منهج الهداية .
إن قضية الأنثى دون الذكر فهى ليست قضية عامة فمن الأنثى
ما يجعل الله منها ما فوق الرجال بالرأى والحلم ففى قصة ( هويسة ) بنت أوس بن حارثة
وكيف عرفت المواقف التى رفضتها وهناك من العرب الحارث ملك كنده بلغه جمال إمرأة من
العرب ( أم إياس ) بنت عوف الشيبانى فأراد أن يتزوجها فأذاع إمرأة من كنده يقال
لها ( عصام ) وقال اذهبى حتى تعلمى لى علم ابنة عوف الشيبانى فذهبت فلما انتهت
إليها التقت بأمها ( أم إياس ) ( أمامة بنت الحارث ) وأعلمتها لما جاءت له فضربت (
أمامة بنت الحارث ) لابنتها ( أم إياس ) خيمة وقالت لها اجلسى فيها وستدخل عليك
عصام فلا تسترى عنها شيئا تريد النظر إليه من وجه وخلق وتحدثى معها فلما دخلت عصام
على أم إياس فقالت عصام ( ترك الخداع ما انكشف القناع ) فصارت مثلا ينطقه العرب
فلما ذهبت لملك كنده قال لها ما ورائك يا عصام ؟ قالت ( أبدى المخض عن الزبد ) .
المخض : فصل اللبن عن الزبدة والقشطة ( أبدى المخض عن
الزبد ) فصارت مثلا ينطقه العرب قال لها حدثينى ؟ قالت أخبرك حقا وصدقا وأخذت
توصفها فيكفى أننا سوف نعطيك إمرأة غير محرمة عليك رأيت جبهة كالمرآة الثقيلة
يزنها شعر كأذناب الخيل المضفورة إن مشطته أصبحت كالسلاسل وإن أرسلته كنت على قيد
كرم جلاها الوادى تحته حاجبان متقوسان كأنما خطا بقلم أسود بحلم يتقوسان على عين
الظبية العذهرة التى لم يرعها قانص ولا يفزعها قسورة ( عينان ناعسة )
بينهما أنف كحد السيف المصقول لم يخنس به قصر ولم يفض به
طول حافة به وجنتان كالارجوان فى بياض مخض كالجمان شق فيه فم كالخاتم اللذيذ
المتبسم ذو ثنايا غر وفيه لسان ملىء بيانا والتقى بين ذلك شفتان حمراوان يجلبان
ريقا كالشهد تحتاهما عنق كابريق الفضة به عضدان ممتلئان لحما فخطبها فلما جاءوا
ليزفوها إليه أخذتها أمامة ( أمها ) ( أى بنية إنك غدا ستفارقين البيت الذى فيه
درجت والعش الذى فيه نشأت إلى قرين لم تألفيه وإلى بيت لم تعرفيه ولو أن إمرأة
استغنت عن النصيحة لكنت أغنى الناس ولكنها تذكرة للعاقل ومعونة للغافل أى بنية إنه
صار بملكه لك فصيرى أمة له يكن لك عبدا واحفظى عنى ( 10 خصال ) أما ( 1 و 2 )
فالمعاشرة بالرضا والقناعة و ( 2 ) حسن السمع والطاعة وأما ( 3 و4 ) فالتعهد لموضع
عينيه والتفقد لموضع أنفه فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم منك إلا أطيب ريح
وأما ( 5 و 6 ) فالتعهد لوقت طعامه والهدوء
عند منامه فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة وأما ( 7 و 8 ) فالتدبير
لماله والارعاء على حشمه وعياله وأما ( 9 و 10 ) إياك أن تعصى له أمرا أو تفشى له
سرا فإنك إن عصيت أمره أوغرت صدره وإن أفشيت سره لم تأمينى غدره وإياك والفرح إن كان غاضبا والترح إن كان فرحا
واعلمى أنك لن تنالى ما تحبين حتى تغلبى رضاه على رضاك وهواه على هواك ) فهذه
النصائح ( 10 ) بالإضافة للفرح والترح إذا عملت بها كل إمرأة قبل الزواج فلا توجد
الخلافات الزوجية ويقل معدلات الطلاق فى المجتمع المسلم ولقد حملت منه حتى جلبت
منه ( 10 ) بطون ( أفمن ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين ) وآتينا بالأمثلة
( أم سلمة ) ( وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم مالهم بذلك من علم إن هم إلا
يخرصون ) يخرصون : يكذبون أى يقولوا كلام غير حقيقى ( أم آتيناهم كتابا من قبلك
فهم به مستمسكون بل قالوا إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون )
فقضية اتباع الآباء والتقليد فالقرآن جاء بها فى هذه الآية وفى آيات أخرى ( وإذا
قالوا لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أو لو كان
آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) ( وإذا قالوا اتبعوا ما أنزل الله وإلى الرسول
قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا أو لو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يقتدون )
فيوجد فرق بين الاسلوبين .
( بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا ) هذا خطاب للقوم (
حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا ) خطاب آخر مختلف عن الخطاب الآخر لقوم أخر بحيث يؤدى
نفس المعنى .
( أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) فالفرق
بين الاسلوبين أحدهما يعقلون والآخر يعلمون
يعقلون : لأنهم لم يفعلوا قصر
يعلمون لأنهم قالوا حسبنا لا نريد شيئا آخر
( بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أو لو كان آباؤهم لا
يعقلون شيئا ولا يهتدون ) ( حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا أو لو كان آباؤهم لا
يعلمون شيئا ولا يقتدون ) .
يعقلون : هو الذى يستنبط المسائل من نفسه .
يعلمون : لا يستطيع الاستنباط من نفسه ويعلم من استنباط
غيره أيهما أقوى الذى يعلم لأنه يتعقل غيره ويعقل نفسه لكن يعقلون يأخذ التعب فقط
فى الاستنباط فهذا اسلوب وذاك اسلوب وما دام الله عز وجل هو الذى يتكلم ( بل نتبع
ما ألفينا عليه آبائنا ) ( حسبنا ما وجدنا عليه آبائنا ) ( إنا وجدنا آبائنا على
أمة وإنا على آثارهم مهتدون ) ( كذلك ما أرسلنا قبلك فى قرية من نذير إلا قال
مترفوها إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ) ( قل أو لو جئتكم
بأهدى مما وجدتم عليه آبائكم
قالوا بما أرسلتم به كافرون ) فهم يسيرون على التقليد
فالمناسب كما قال ( وخلق الأزواج كلها ) فاستبعدوا أن يكون لله جزء لأنه فرد ويوجد
هنا تقليد ( مهتدون / مقتدون ) فيأتى بآية يفسد بها عليهم ( ما وجدنا عليه آبائنا
) فهذا الكلام باطل لأن سيدنا ابراهيم عليه السلام أنتم أيها العرب بتفخروا به وكل
شىء من ابراهيم فالعرب من نسل ابراهيم عليه السلام لأنه ذهب لوالده وقال له
( يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك من
الله شيئا ) فخرج على التقليد فلو أنهم فعلوا مثل آبائهم حيث نقض ابراهيم هذا
التقليد وينقدها فلسفيا فما دمتم تقولون ( إنا وجدنا آبائنا على أمة ) فأول وجود
فى الكون كان آدم ومنهجه فكل جيل أتى بعد آدم عليه السلام بعمل المنهج فلا بد من
واسطة حيث يوجد أناس فقلبوا الحقائق لشهوات أنفسهم ومصالحهم فيوجد جيل يعبد
الأصنام فيعبدون ما لا تكليف منه ) .
فهدم القضية جاءت بابراهيم ( إذ قال ابراهيم لأبيه آزر
لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك من الله شيئا ) فقضية ابراهيم ووالده
فكأنهم مقلدين مكذبين قالوا ( بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا ) فقضية ابراهيم عرض
قضية تسوى فيها الجدل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنى اخترت من خيار من
خيار من خيار ) وقال ( ما زلت انتقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات ) فلا
يمكن أن يكون فى سلسلته أحد كافر أو مشرك فيقول ابراهيم أبو الأنبياء واسماعيل
ومنه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قام ابراهيم بعدم اتباع والده بل قام
ووحد وعمل فكيف تقولون إن ابراهيم أبوه كافر ومشرك فالنبى قال / ما زلت انتقل من
أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات
وأنا ( من خيار من خيار من خيار ) فلا يمكن أن يكون أبا
ابراهيم عليه السلام كافرا ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم لو انقسمت المسائل
قسمين فأنا فى خير القسمين فهذا الكلام لا بد له من التحقيق ( وإذ قال ابراهيم
لأبيه آزر ) وردت ( وإذ قال ) فى القرآن ( 8 مرات ) المرة الأولى فى سورة الأنعام
والمرة الأخيرة فى سورة الممتحنة فوسط بينهما فى سورة يوسف ( وإذ قال يوسف لأبيه )
فالثمانية خاصة بابراهيم عليه السلام وأبوه فسورة الأنعام قبل هذه السور كلها فكأن
الله عز وجل فى أول القرآن حسم قضية ابراهيم عليه السلام ( وإذ قال ابراهيم لأبيه
آزر ) وال ( 7 ) خاصة ( وإذ قال ابراهيم لأبيه ) بدون آزر فسورة الأنعام فالتوبة
فالممتحنة كلها لأبيه دون آزر وفى سورة الأنعام ( لأبيه آزر ) فأول سورة فى القرآن
الله عز وجل حل المسألة فى سورة الأنعام
( وإذ قال ابراهيم لأبيه آزر ) فلا بد أن يكون عمه وليس
والده لماذا ؟ لوجود آية فى القرآن ( أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال
لبنيه ما تعبدون من بعدى قالوا نعبد إلهك وإله أبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق )
آبائك جمع ( ابراهيم واسماعيل واسحاق ) جمع قالوا إذا اجتمع جمع فى حكم جمع
فالقسمة تصبح مفردة كيف ؟ فنأخذ أب ( ابراهيم ) وأب ( اسماعيل ) و أب / اسحاق
فإذا كان هؤلاء الثلاثة ( ابراهيم واسماعيل واسحاق )
آباء يعقوب فاسماعيل أخو اسحاق فإن كان اسماعيل الأب فلا يكون اسحاق الأب وإن كان
اسحاق الأب فلا يكون اسماعيل الأب فلا بد أن يكون أحدهما الأب دون الآخر ولذلك جاء
فى أول سورة من القرآن يتحدث فيها عن ابراهيم ( إذ قال ابراهيم لأبيه آزر ) ونحن
فى استعمالنا فإذا جاء أحد وسأل ( أبوك موجود ؟ ) ماذا يعنى ؟ يعنى الأب الحقيقى
فلما يكون غير الأب الحقيقى يقال لك أبوك محمد موجود ؟ فلا بد أن يأتى الفاصل
فالفرق بين أبوك وأبوك محمد .
وما دام تأتى بالعالم بعد هذا الوصف ( وإذ قال ابراهيم
لأبيه آزر ) وبعد ذلك ننفى فى رسول أنه قد دخل فى صلبه مشركين أو كافرين فهم ( 8
آيات ) آية ( وإذ قال ابراهيم لأبيه آزر ) فى سورة الأنعام ( 8 ) والباقى ( 7 )
بدون آزر ( وإذ قال ابراهيم لأبيه ) فلم يقل آزر لأبيه ليست مطلقة بل مقيدة بما
جاء به فى أول سورة يتكلم فيها الحق عن ابراهيم عليه السلام ( وإذ قال ابراهيم
لأبيه آزر ) فى سورة الأنعام وباقى سور القرآن ( التوبة / الممتحنة ) بدون آزر /
أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آبائكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون فانتقمنا
منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين
( وإذ قال ) إذ بمعنى اذكر ( وإذ قال ابراهيم لأبيه
وقومه إننى براء مما تعبدون ) .
يوجد براء
وبرىء براء : تطلق على المفرد
والمفردة والمثنى المذكر والمثنى الأنثى وجمع الذكور وجمع الاناث .
برىء : تأتى بريئان / بريئتان / بريئون / بريئات ) فبرىء
تأتى على كل وجه أما براء فتشمل الكل
ففى سورة الممتحنة ( ولقد كان لكم فى رسول الله اسوة
حسنة ) ( وإذ قال ابراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون ) وفى سورة أخرى (
فإنهم عدو لى إلا رب العالمين ) عدو لى : الأصنام
( إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين ) ( إلا الذى فطرنى فإنه
يهدين ) ( سيهدين / يهدين ) هدايته متصلة لأن المضارع إذا كان بغير السين للحال
وبالسين وسوف للاستقبال ( إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين ) فطرنى : خلقنى فالذى خلقنى
هو الذى أعطانى منهج الهداية ( الله عز وجل ) ( والذى هو يطعمنى ويسقين وإذا مرضت
فهو يشفين ) فالطبيب هو الذى يعالج ولكن
الله هو الذى يشفى فيأتى بها بالقصر .
( وإذ قال ابراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون إلا
الذى فطرنى فإنه سيهدين ) وفى آية أخرى
( فإنهم عدو لى إلا رب العالمين ) عدو لى : الأصنام وما
تعبدون من دون الله والشىء الذى يمكن أن يكون فيه خلاف يأتى بضمير الفصل ليفيد
القصر والشىء الذى لا وجود للخلاف فيه كالآداء القرآنى ( الذى خلقنى فإنه سيهدين )
لأن الله عز وجل هو الخالق والإنسان هو الذى يشرع القوانين ( والذى هو يطعمنى
ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين ) فالطبيب يعالج ولكن الله هو الشافى ( والذى يميتنى
ثم يحيين والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين ) فقال والذى يميتنى بدون ( هو )
ضمير الفعل ( والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين ) بدون ضمير الفعل ( هو )
فالأمر الذى لا يدعى لا يأتى بضمير الفعل فيه والأمر
الذى يدعى فيه يأتى بضمير الفعل ( هو ) ليجعله قصرا ( إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين
) ( وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) فكلمة ثائرة فى عقبه ( ووصى بها
ابراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله قد اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم
مسلمون ) هذه كلمة ثائرة باقية لأن الكلمة الطيبة الله جل وعلا شأنه جعل لها مثل
( ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى
السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها ) فهذه الكلمة الطيبة التى قالها ابراهيم عليه السلام والتى أتت بثمارها فى كل العصور
فهذه كلمة أم كلام ؟ فالكلمة مفرد كلام قال بن مالك ( وكلمة بها كلام قد يقصد ) (
كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) ( اتخذ الرحمن ولدا ) فهى كلمة أم
كلام فالكلمة قد يقصد بها الكلام ( وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون )
وتبقى كدستور ( بل متعت هؤلاء وآبائهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين ) فلماذا عبدو
الأصنام بعد ابرهيم عليه السلام فالقضية
الايمانية حينما تأتى تأخذ فى البهتان قليلا فقليلا فرسول الله صلى الله عليه وسلم
أتى ووجدهم يعبدون الأصنام فما دام قد
بهتت القضية الايمانية فلابد أن يأتى رسول
جديد ( خاتم الأنبياء / محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله عز وجل خلق فى
النفس البشرية ( الخليفة فى الأرض / الإنسان ) فإذا لم يكن بينه مناعة يصبح منهج
خلقى فهى مناعة ذاتية فيه فلا بد للمجتمع أن يكون فيه مناعة بالأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر وإذا فسدت فيه وفى المجتمع فالمسألة تحتاج لرسول جديد فيأتى محمد
بعد ابراهيم واسماعيل عليهما السلام ( وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) فقد
متعت هؤلاء بالجاه والنعيم والسلطان وجعلت لهم فى البيت ( بيت آمن / بيت الله
الحرام ) ( أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حوله ) وجعلت لهم
قداسة فى البيت ( رحلة الشتاء والصيف ) فقد أخذوا القداسة من بيت الله الحرام / الكعبة المشرفة ومع ذلك طغوا وعبدوا
الشرك والأصنام والموبقات ( بل متعت هؤلاء وآبائهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين )
فالهداية الآتية من السماء
مظهر لكل شىء فيه بخير ( ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر
وإنا به كافرون ) فهم يقولون هذا سحر فما هو هذا السحر ؟ فما دام يسحر الناس فيصبح
كذب ( ما يعلمه بشر ) ( لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين ) فهو
مجنون فالجنون عنده خلق ؟ فاللمجنون خلق
( ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإنك لعلى خلق عظيم ) صفات
تربط سلوك الإنسان بالخير ( وإنك لعلى خلق عظيم ) فهذا لا يعملها المجنون / لسان
الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين
فكلما يأتوا بحجة فلغة القرآن مفهومة وأنتم أيها العرب
أصل اللغة تعرفون الجيد من الردىء من الحسن فأنتم عملتم أسواق للكلمة بمكة المكرمة
( سوق عكاظ ) أسواق للشعر والأدب فأنتم تختلفون فى الكلام كلام ساحر وقالوا ( لولا
نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) كأن القرآن لا اعتراض عليه فلم يعد
سحرا ولا كذبا ولا كهانة فالخلاف فى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رجل من
القريتين ) ( مكة / الطائف ) مكة كان فيها الوليد بن المغيرة والطائف كان فيها
عروة بن مسعود الثقفى فالله سبحانه وتعالى رد عليهم رد جميل ( وقالوا لولا نزل هذا
القرآن على رجل من القريتين عظيم ) ( أهم يقسمون رحمة ربك ) فهل سيقسمون الرحمة لا
لأنهم لم يستطيعوا تقسيم الماديات لأنه جل جلاله جعلهم أعيان وفقراء ( نحن قسمنا
بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ) فإذا كانوا يريدون تقسيم رحمة ربك فهل يمكن لهم
تقسيم الماديات فعلا ؟ فالرحمة تخص الله عز وجل فأنا أقسم بينكم طريق المعيشة
لأصلح عملية الحركة الكونية فى الكون لأننى لو فعلت لكل غنى فلا نجد للصناعات الحقيرة
من يفعلها رغم أهميتها بل نعملها وردية فالمجتمع لا يأتى بتفاضلات من الناس إنما
تأتى بإرغام فيفسرها بوضوح فيقول ( أهم يقسمون رحمة ربك فنحن قسمنا بينهم معيشتهم
فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ) ( ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ) أى
بعض مرفوع وأى بعض مرفوع عليه .
أى بعض رفع وأى بعض رفع عليه فكل بعض مرفوع ومرفوع عليه
مرفوع فيما يتميز فيه ومرفوع عليه فيما لا يعقله من الصفات الأخرى فكل واحد مرفوع
فى شىء يجيده ومرفوع عليه فى شىء لا يجيده ليعمل استطراق ( وتلك الأيام نداولها
بين الناس ) ( ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ) ( ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ) فالاسلام
لا يرى أى مهنة حقيرة ما دام صاحبها مخلصا فى آدائها ( ليتخذ بعضهم لبعض سخريا
ورحمة ربك خير مما يجمعون ) فالرحمة خير ما أنتم فيه أيها الناس لماذا ؟ لأنكم
آخذين ضروريات الحياة وترفها فالحياة ستنتهى بالموت ولكن الرحمة النازلة من الله
عز وجل سوف تعمل للذى يستمع إليها حياة أخرى غير هذه الحياة ( الحياة الدنيا ) إلى
( الحياة الأخروية ) إما جنة للمؤمنين وإما نار للكفار والمشركين والمنافقين .
والحياة الأخروية للمؤمنين فى الجنة حياة خالدة وكل شىء
يفكر فيه الإنسان تأتيه على الفور بالخاطر يخطر الشىء على باله على الفور فتأتيه (
ورحمة ربك خير مما يجمعون ) .
وبعد ذلك تكلم الحق عن موضوع جديد فالناس فى الخارج أحسن
من المسلمين فى أشياء كثيرة .
( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر
بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ) كالمصاعد ( ولبيوتهم أبوابا من
الفضة وسرر من الفضة عليها يتكئون ) ( وزخرفا وإن كل ذلك لمتاع الحياة الدنيا ) (
وله الجوار المنشآت فى البحر كالأعلام ) فالذى ينزل القرآن ( الله عز وجل ) يعلم
ما سيكون للعالم من ارتقاءات سر من أسرار الله فى إخبارهم بشىء مستقبل فيرون كما
قال الله عز وجل فالله سبحانه وتعالى أخبر فيه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
بأشياء أتت بعد ( 14 سنة ) من هجرته من مكة المكرمة للمدينة المنورة ( ولولا أن
يكون الناس أمة واحدة ) فالناس مشغولين بترف الحياة فلولا أنهم يريدون تقليد الكفرة
من الناس كلهم يكفروا ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة ) فلم يجعلها سقفا من فضة
حتى لا يستمر الناس فى الكفر فهو قد جعلها هنية هنية حتى لا يعجب بها الناس ليبين
لنا أن المترفين والمنعمين يأتى عليهم ظرف فيرجعون إلى الأصول الأولى فالاسلام
الذى صنع الحضارة كلها ففى سورة الكهف ( هل أدلكم على الأخسرين أعمالا الذين ضل
سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) فيقول الله سبحانه إننى
وضعت لكم منهجا تسيرون عليه فى حياتكم الدنيا فالله سبحانه وتعالى حينما يصنع
منفعة تطل منفعة دائمة لأنها من صناعة الله خالق الإنسان فى الأرض ( ولولا أن يكون
الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون
ولبيوتهم أبوابا وسرر من فضة وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة
عند ربك للمتقين ) فلما بمعنى إلى فنحن نقول لما الجنة أحسن ؟ فكل ذلك لما يوجد
فيصبح متاع الحياة الدنيا ( والآخرة عند ربك للمتقين ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض
له شيطانا فهو له قرين ) فالله سبحانه وتعالى رب الكافر والمؤمن على السواء
فالكافر يعينه الله عز وجل على الكفر فيختم على قلبه بمعنى أن الكفر لا يخرج من
صدره ولا الايمان يدخل صدره فيصبح فى شقاء دائم ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له
شيطانا فهو له قرين ) يوسوس له كلما أراد فعل الخير يوسوس له ولذلك لا نجد اقبال الشيطان
على نفسه إلا إذا كانت النفس مطيعة لعمل طيب فلا يذهب الفاسد وإنما يأتى للمؤمن
فالشيطان وذريته لا يريد للإنسان إلا أن يكون عاصيا لله عز وجل بأى شكل ( وإما
ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) .
( وإذ قال ابراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون إلا
الذى فطرنى فإنه سيهدين ) إن الأصنام وما تعبدون من دون الله ( فإنهم عدو لى إلا
رب العالمين ) فالشىء الذى يمكن أن يوجد فيه خلاف يأتى بضمير الفصل ( هو ) حيث
يفيد القصر فالذى لا يوجد فيه خلاف لا يأتى بضمير الفصل ( هو )
( الآداء القرآنى ) ( إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين والذى
هو يطعمنى ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين ) فيأتى بضمير الفصل ( هو ) فالطبيب هو الذى
يعالج ولكن الله هو الشافى ( والذى يميتنى ثم يحيين والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى
يوم الدين ) فالأمر الذى لا يدعى لا يأتى بضمير الفصل
( هو ) والأمر الذى يدعى يأتى فيه بضمير الفصل ( هو )
ليجعلها قصرا ( إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون
) ( ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم
مسلمون ) فهذه كلمة باقية لأن الكلمة الطيبة ضرب الله لها مثل فى القرآن ( ومثل
كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها )
فالكلمة التى قالها ابراهيم الكلمة الطيبة التى أتت بثمارها فى كل العصور الكلمة
هل هى كلمة أم كلام فالكلمة مفرد كلام والكلمة الواحدة أم كلام ابن مالك قال /
وكلمة بها كلام قد يقصد
( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا وقالوا
اتخذ الرحمن ولدا ) فالكلمة قد يقصد بها الكلام ( وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم
يرجعون ) ( بل متعت هؤلاء وآبائهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين ) فلماذا عبدوا
الأصنام بعد ابراهيم عليه السلام ؟ فالقضية الايمانية حينما تأتى تستمر فى البهتان
قليلا قليلا حتى تنتهى فالرسول صلى الله عليه وسلم أتى وهم يعبدون الأصنام ولهم
شركاء فبهتت القضية الايمانية وما دامت القضية الايمانية قد بهتت فلا بد أن يأتى
رسول جديد فالله سبحانه وتعالى خلق فى النفس البشرية / الخليفة فى الأرض / الإنسان
مناعة ذاتية فيه فيعمل المعصية ثم يندم ويتوب فالمناعة ذاتية فيه فلا يوجد مناعة
وأصبح فاقد فالمجتمع لا بد أن يكون فيه مناعة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
فالمناعة منتشرة فى المجتمع وإن فسدت المناعة فيه وفى المجتمع فالمسألة لا بد أن
يأتى رسول جديد فالرسول صلى الله عليه وسلم جاء ليجدد القضية الايمانية بعد
ابراهيم واسماعيل عليهما السلام ( وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) بل
متعت هؤلاء بالجاه والنعيم والسلطان وجعلت لهم فى البيت ( بيت آمن ) ( أو لم يروا
أنا جعلنا حرما آمنا يتخطف الناس من حوله
) وجعلت لهم قوله البيت ( رحلة الشتاء والصيف ) والأنبياء تعترضهم وأخذوا القداسة
من بيت الله الحرام ( الكعبة المشرفة ) وبعد ذلك طغوا وعبدوا الشرك وعملوا الأصنام
وعبدوها والموبقات التى قاموا بها ( بل متعت هؤلاء وآبائهم حتى جاءهم الحق ورسول
مبين ) فالهداية الالهية من السماء ( ورسول مبين ) مظهر لكل شىء فيه خير ( ولما
جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون ) فيقولوا هذا سحر ؟ فالذى يأخذ الناس
ويسحرهم فماذا يسحر الناس فهذا دليل على أنه غير ساحر فهذا كذب ( ما يعلمه بشر )
إنما يعلمه رب البشر
( لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين )
فهذا مجنون فالمجنون ليس له خلق
( وما أنت بنعمة ربك بمجنون وإنك لعلى خلق عظيم ) خلق صفات تضبط سلوكك للخير أيها العبد المؤمن
بالله عز وجل ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ( لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين ) فلغة القرآن
مفهومة وأنتم أيها العرب أهل بصر باللغة تعرفون الجيد من الردىء من الحسن بدليل
وجود أسواق للكلمة ( سوق عكاظ ) أسواق للكلام والشعر والأدب فأنتم تختلفون فى أنه
كلام الله أم كلام ساحر فقالوا يقبضونها فى الآخر وقالوا ( لولا نزل هذا القرآن
على رجل من القريتين عظيم ) كأن القرآن لا اعتراض عليه فلم يعد سحرا ولا كذبا ولا
كهانة فإذا كان القرآن ينزل على رجل من القريتين عظيم إذن الخلاف فى محمد ر سول
الله صلى الله عليه وسلم ( رجل من القريتين ) القريتين ( مكة / الطائف ) مكة كان
بها الوليد بن المغيرة والطائف كان بها عروة بن مسعود الثقفى فنحن نريد أحدهم
فالله عز وجل رد عليهم رد جميل ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين
عظيم أهم يقسمون رحمة ربك ) فهم لا يقسمون الماديات لأننى جعلتهم أعيان وأغنياء
وفقراء ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ) فأنتم أيها العرب سادة فأنا
أقسم بينكم طريق المعيشة لماذا ؟ لأنه يصلح الحركة الكونية فى الكون لأننى لو عملت
لكل غنى لا تجد للصناعات الحقيرة من يعملها فنعملها وردية فخدمة المجتمع لا تأتى
بتفاضلات من الناس لا بد أن ت أتى
بإرغام فلا بد من وجود السباك والكهربائى والنجار والزارع والصانع ولذلك يفسرها
واضحة ( أهم يقسمون رحمة ربك فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ) أى
بعض رفع وأى بعض مرفوع عليه فبعض داخله فى الابهام أى بعض رفع وأى بعض مرفوع عليه
فكل بعض مرفوع ومرفوع عليه مرفوع فيما تميز فيه ومرفوع عليه فيما لا يعقله من
الصفات فكل واحد مرفوع فى شىء ومرفوع عليه فى شىء آخر ليعمل استطراق ( وتلك الأيام
نداولها بين الناس ) فكل واحد مرفوع وكل واحد مرفوع عليه ( وتلك الأيام نداولها
بين الناس ) والعلة
( ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا )
فالمرفوع عليه مسخر والاسلام لا يرى مهنة حقيرة ما دام مخلص فى آدائها ( ليتخذ
بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون ) فالرحمة التى يقسموها خير من الذى
أنتم فيه كله لماذا ؟ لأنكم آخذين ضروريات الحياة وترفها والحياة ستنتهى بالموت
لكن الرحمة النازلة بالمنهج من الله عز وجل فتعمل للذى يستمع لها حياة أخرى بعد
هذه الحياة وحياة خالدة وحياة متعتهم فيها بالخاطر يفكر فى شىء ما فيأتيه فورا (
ورحمة ربك خير مما يجمعون ) وبعد ذلك تكلم الحق عن موضوع يثار فالناس فى الخارج
أحسن من المسلمين فى أشياء كثيرة ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر
بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها
يتكئون وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ) فصاحب المنهج الالهى هو الذى سيأخذ الحياة
الآخرة بما فيها من النعيم المقيم فى الجنة فالقرآن ذكر السفن التى من دور واحد
وأصبحت بوارج ( وله الجوار المنشآت فى البحر كالأعلام ) فالعرب لم يشاهدوا السفن فالذى
نزل القرآن ( الله عز وجل ) يعلم ما سيصبح عليه العالم من ارتقاءات لتصبح سر من
أسرار الله فى اخبارهم بشىء مستقبل فيرونه كما قال الله عز وجل فمتى وجدت المعارج
؟ ( ومعارج عليها يظهرون ) من الأشياء التى تلفت النظر أن الله أخبر قديما بأشياء
لا تأتى إلا بعد ( 14 سنة ) ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة ) فالناس مهتمين بترف
الحياة ولولا معرفة أنهم يريدون أن يصبحوا كفرة لأن الكفرة حالهم جيد كلهم يكفروا
( لولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة
ومعارج عليها يظهرون ) لأن الناس يهتموا بالكفر ما دام الكفر يعطيهم الشىء الحسن
فالناس يقوموا وكلهم كافرين فهو جعلها هنية هنية حتى لا يعجب الناس بها ليبين لنا
أن المترفين والمنعمين يأتى عليهم ظرف يرجعون فيه للأصول الأولى ويأتى بالحضارة
التى أنارت الدنيا بالعلم وبعد ذلك يأتى من الحضارة فهم فعلوها ليترفوا ويترفوا
الناس إنما يصبح لها مساوىء أكثر من المنافع فهم لما صنعوا السيارات ليريحوا الناس
من مشقات المشى لكن قبل رصف الطرق فالسيارة عندما تسير مسافة ما فإنها تثير من
التراب الذى يتنفسه الناس مع الهواء فعادم السيارات يدخل كل المدن ولذلك يقول الحق
فى سورة الكهف ( هل أدلكم على الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا
وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) فالسيارة عندما تكون غير سليمة فالشكمان يبث فى
الهواء كمية كبيرة من الوقود المحروق الذى يلوث البيئة ففضلات الاحتراق ( العادم )
ولكن عادم ما خلق الله من المراتب فى الحيوان مفيد نأخذه ونضعه فى الزرع فالحق
سبحانه وتعالى يقول إننى صنعت لكم منهج وأنتم ستأتون بأشياء وأنتم بأنفسكم ستقولون
أنها ضارة فدودة القطن لها دواء معين ليقضى عليها ولكن بعد مدة أصبحت دودة القطن
لا يؤثر فيها هذا الدواء لأنها أخذت مناعة ذاتية ضده فالحق سبحانه وتعالى حينما
يصنع منفعة لا يصنع المنفعة التى تأتى بضرر إنما منفعة تظل منفعة لأنها من صنع
الله خالق الإنسان ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن
لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون وزخرفا
وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين ) لما بمعنى إلى وإن
كل ذلك لما يوجد ( والآخرة عند ربك للمتقين ) ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له
شيطانا فهو له قرين ) فالله رب الكافر والمؤمن فيقيض الله للكافر شيطان يعينه على
الكفر فيختم على قلبه فلا يخرج الكفر من صدره ولا يدخل الايمان إلى قلبه فكلما
يحاول الإنسان فعل الخير يوسوس له الشيطان فيصده عن فعل الخير ويأمره بفعل الشر
فلا تجد إقبال الشيطان على نفس إلا إذا كانت النفس تقوم بعمل طيب فلا يذهب للفاسد
فالشيطان وذريته لا يريد للإنسان إلا أن يكون عاصيا لرب العالمين بأى شكل كان فعن
طريق الجاه أم السلطان أم المال فما زال يحاول حتى يبعده عن الخير بكل الطرق
الممكنة ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) .
( وإذ قال ابراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون إلا
الذى فطرنى فإنه سيهدين ) دليل على أنهم ملحدون يعبدون كل على طريقته فعدم وجود
إله بل يوجد إله وهو الله رب العالمين وفى آية أخرى فالأصنام وما تعبدون من دون
الله (فإنهم عدو لى إلا رب العالمين ) فالشىء الذى يمكن أن يكون فيه خلاف بضمير
الفصل الذى يفيد القصر ( الذى خلقنى فهو يهدين ) فهذا آداء قرآنى فالله الخالق
والإنسان يصنع القوانين ( والذى هو يطعمنى ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين ) فالدكتور
يعالج والله هو الشافى ( والذى يميتنى ثم يحيين ( ولم يقل ( هو يميتنى ) ( والذى
أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين ) فالأمر الذى لا يدعى يأتى فيه بضمير الفصل
والأمر الذى يدعى يأتى فيه بضمير الفصل ( هو ) فهو يجعلها قصرا ( إلا الذى فطرنى
فإنه سيهدين ) ( وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) كلمة ثائرة فى عقبه (
ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يابنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم
مسلمون ) فهى كلمة ثائرة باقية لأن الكلمة الطيبة ضرب الله لها مثل فى القرآن
الكريم ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى أكلها كل حين
بإذن ربها ) فالكلمة الطيبة التى قالها ابراهيم كلمة باقية فى كل العصور والأزمان
.
فهل هى كلمة أم كلام فالكلمة مفرد كلام حيث أن ابن مالك
قال ( وكلمة بها كلام قد يقصد ) فلان قال كلمة فى المحفل المحدد فهو قد قال كلام
كثير ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا )
( اتخذ الرحمن ولدا ) فهل هى كلمة أم بعض كلام فالكلمة
قد يقصد بها الكلام ( وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) وتبقى دستور / بل
متعت هؤلاء وآبائهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين
فلماذا عبدوا الأصنام بعد ابراهيم عليه السلام فالقضية
الايمانية حينما تأتى تأخذ فى الاضمحلال رويدا رويدا حتى تطمس بالكلية فهم يعبدون
الأصنام ولهم شركاء فى عبادة الله فما دام قد بهتت القضية الايمانية فلا بد من
ظهور نبى جديد لماذا ؟ لأن الله قد خلق فى النفس البشرية التى هى خليفة الله فى
الأرض مناعة ذاتية فيه فيعمل الإنسان المعصية ثم يتوب ويندم فالمناعة ذاتية فيه
فإذا لم يكن فيه مناعة وبقى فاقد فالمجتمع يصبح فيه مناعة ( الأمر بالمعروف والنهى
عن المنكر )
وإذا فسدت القضية الايمانية فى الفرد والمجتمع فلا بد من
ظهور النبى الجديد ( محمد رسول الله )
صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين من أجل
تصحيح المسار الدينى للفرد والمجتمع لعبادة رب العالمين عن طريق ( محمد رسول الله
صلى الله عليه وسلم ) بعد ابراهيم واسماعيل عليهما السلام ( وجعلها كلمة باقية فى
عقبه لعلهم يرجعون ) فلم يحدث فقد متعت هؤلاء بالجاه والنعيم والسلطان وجعلت لهم
فى بيوتهم بيوت آمنة مستقرة ( أفلم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حوله
) وجعلت لهم قداسة فى البيت الحرام ( الكعبة المشرفة ) / رحلة الشتاء والصيف
وأخذت القداسة من البيت الحرام ( الكعبة المشرفة ) وبعد
ذلك طغوا وعبدوا الشرك بالله وقاموا بعمل جميع أنواع الموبقات ( بل متعت هؤلاء
وآبائهم حتى جاءهم الحق ورسول مبين ) .
حتى جاءهم الحق : الهداية الإلهية من السماء .
ورسول مبين
: مظهر لكل شىء فيه خير .
( ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر وإنا به كافرون ) فهم
يقولون هذا سحر فهو يأخذ الناس ويسحرهم فدليلها معها وما دام يسحر الناس فى طرفين
وتنفض المسألة فهو دليل على أنهم كاذبون فى قضية السحر ( ما يعلمه بشر ) ( لسان
الذى يلحدون إليه لسان أعجمى وهذا لسان عربى مبين ) فهو مجنون فهل المجنون عنده
خلق ( وما أنت بنعمة ربك بمجنون وإنك لعلى خلق عظيم ) حيث خلق صفات تربط سلوك محمد
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخير والذى لا يفعلها المجنون ( وإنك لعلى خلق
عظيم ) فهذه مسألة مهمة وتقول أن أحدا يعلمه ( لسان الذى يلحدون إليه لسان أعجمى وهذا
لسان عربى مبين ) فكل ما يأتوا بحجة فيقولون بأنه كاهن فلغة القرآن مفهومة فالعرب
هم أهل بصر باللغة فيعرفون الحسن من الجيد من الردىء فتوجد أسواق للكلمة ( سوق
عكاظ ) للأدب والشعر والكلام فيقبضوها أخيرا ( ولولا نزل القرآن على رجل من
القريتين عظيم ) كأن القرآن لا اعتراض عليه فلم يعد كذبا ولا سحرا ولا كهانة
فالقرآن الكريم نزل على ( محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فالخلاف فى محمد
رسول الله صلى الله عليه وسلم فمحمد الذى أتى من دهماء الناس وأوسطهم ( رجل من القريتين
عظيم ) فالقريتين هما ( مكة / الطائف ) فمكة كان بها الوليد بن المغيرة والطائف
كان بها عمرو بن مسعود الثقفى فنريد أحدهما فالله عز وجل رد عليهم رد جميل (
وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) ( أهم يقسمون رحمة ربك )
فهم يريدون تقسيم رحمة رب العالمين رغم أنهم فشلوا فى تقسيم الماديات لأنهم جعلوهم
أعيان وأناس فقراء ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ) فالرحمة لا تخص
إلا الله عز وجل رب العالمين .
فالله يقسم بين الناس طريق المعيشة ليصلح عملية الحركة
الكونية فى الكون لأننى لو عملت لكل غنى فلا تجد للصناعات الحقيرة من يعملها رغم
أهميتها فى الحياة فنعملها وردية فخدمة المجتمع لا تأتى بتفضلات من الناس بل تأتى
بإرغام فنريد الحرث فنأتى بحارث ونريد الحدادة فنأتى بحداد وهكذا ولذلك يفسرها
واضحة فيقول ( أهم يقسمون رحمة ربك ) فنحن ( قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا
ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ) فانظر للتعبير القرآنى ( ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات
) أى بعض مرفوع على بعض وأى بعض مرفوع عليه فنأتى بالإبهام أى بعض رفع وأى بعض رفع
عليه فكل بعض مرفوع ومرفوع عليه فكل بعض مرفوع فيما تميز فيه ومرفوع عليه فيما لا
يعقله من الصفات الأخرى فالذى يعمل فى مجال الأحذية مرفوع والذى لا يعمل فى مجال
الأحذية مرفوع عليه وكذلك البناء فكل واحد مرفوع فى شىء يجيده ومرفوع عليه فى شىء
لا يجيده ليعمل استطراق لماذا ؟ ( تلك الأيام نداولها بين الناس ) فالعلة ( ورفعنا
بعضهم فوق بعض درجات ) ما دام مخلص فى آدائها ( ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ) ( ورحمة
ربك خير مما يجمعون ) فالرحمة المقسمة من الناس خير من الذى أنتم فيه كله لماذا ؟
لأنكم أخذتم ضروريات الحياة وترفها والحياة ستنتهى بالموت لكن الرحمة النازلة
بالمنهج من الله ليجعل حياة أخرى بعد هذه الحياة وحياة خالدة إما جنة وإما نار
فالحياة الخالدة فى الجنة حيث يفكر الإنسان فى شىء ما فتأتيه على الفور ( ورحمة
ربك خير مما يجمعون ) وبعد ذلك تكلم الحق عن موضوع يثار فالجماعة غير المسلمة أحسن
من الجماعة المسلمة فى أشياء كثيرة ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن
يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ) ( ولبيوتهم أبوابا من
الفضة وسرر من الفضة عليها يتكئون ) ( وزخرفا وإن كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا )
فالقرآن ذكر السفن التى لها دور واحد وأصبحت بوارج كبيرة تسير فى البحار والمحيطات
كالأعلام ( وله الجوار المنشآت فى البحر كالأعلام ) فالعرب لم يعرفوا السفن فالذى
أنزل القرآن يعلم ما سيكون عليه العالم من ارتقاءات فتصبح سرا من أسرار الله
لاخبارهم بشىء فى المستقبل فيرونه كما قال الله فالأسانسير والمعارج وجدت متى ؟
فكيف يقول رسول الله ( ومعارج عليها يظهرون ) فهذه أشياء تلفت النظر فى أن الله
أخبر قديما بأشياء لا توجد إلا بعد ( 14 قرن ) ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة
لجعلنا لبيوتهم سقفا من فضة ) ليجعل الناس داخلين فى الكفر بإرادتهم وبعد ذلك يبين
أن المنعمين والمترفين يأتى عليهم ظرف يرجعون فيه للأصول الأولى فالحضارة
الاسلامية التى أدهشت العالم وبعد ذلك كل يوم يأتى من الحضارة معارج هم فعلوها ليترفوا
ويترفوا الناس فلما صنعوا السيارات ليريحوا الناس فقبل رصف الطرق فالسيارة عندما
تسير مسافة معينة ماذا تفعل ؟ تقوم بإثارة التراب الذى يتنفسه الناس وتقوم بتبوير
الأرض المزروعة والعادم من السيارات فى المدن يدخل كل المزارع ولذلك يقول الحق فى
سورة الكهف ( هل أدلكم على الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم
يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) فقد خلق الله فضلات الحيوان ليصبح سماد للنبات والزرع
فالحق سبحانه وتعالى أنا جعلت لهم منهج وأنتم بأنفسكم ستقولون أنها خير لكم فدودة
القطن لها دواء معين ليقضى عليها وبعد ذلك بمدة ما تعود دودة القطن حيث أنها تأخذ
مناعة من الدواء الذى يقضى عليها ولا يؤثر فيها فالمنفعة الوقتية التى تحدث الضرر
تظل منفعة دائمة فالحق سبحانه وتعالى حينما يصنع منفعة فلا يصنع المنفعة الوقتية
بل يصنع المنفعة الدائمة والمستمرة لأنها من صناعة الله عز وجل ( ولولا أن يكون
الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون
) ( ولبيوتهم أبوابا وسرر عليها يتكئون ) من الفضة ( وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع
الحياة الدنيا ) لما بمعنى إلا وإن كل ذلك لما يوجد يصبح متاع الحياة الدنيا (
والآخرة عند ربك للمتقين ) ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين )
فالإنسان غافل عن ذكر الله فالرحمن يساعده فيقيض له شيطانا يصبح قرينا له باستمرار
فالحق يقول أنه رب الكافر ورب المؤمن والكافر معيشة الكفر الذى هو ضدى يعينه على
الكفر فيختم الله على قلبه فالكفر لا يطلع والايمان لايدخل ( ومن يعش عن ذكر
الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) نقيض : نهيىء ونوجد له شيطان يوسوس له فكل ما
يعمل خير
يدفعه لفعل الشر ولذلك لا تجد إقبال الشيطان على النفس
إلا إذا قامت بعمل طيب فلا يذهب للفاسد الذى يشرب الخمر ويلعب القمار فالشيطان
وذريته لا يريد ون للإنسان إلا أن يكون عاصيا لرب العالمين بأى شكل كان ( وإما
ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) .
( وإذ قال ابراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون إلا
الذى فطرنى فإنه سيهدين ) فهم ملحدون بعدم وجود إله يعبدونهم على طريقتهم بل يوجد
إله وهو الله رب العالمين وفى آية أخرى الأصنام وما تعبدون من دون الله ( فإنهم
عدو لى إلا رب العالمين ) فالشىء الذى يمكن أن يكون فيه خلاف يأتى فيه بضمير الفصل
الذى يفيد القصر فهذا آداء قرآنى ( الذى خلقنى فهو يهدين ) لأن الناس تخاف ذلك
فالله الخالق والناس تضع القوانين ( والذى هو يطعمنى ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين )
فالدكتور يعالج ولكن الله هو الشافى ( وأنه يميتنى ) لا فلم يقل ( هو يميتنى ) بل
قال
( والذى يميتنى ثم يحيين ) بدون هو ( والذى يميتنى ثم
يحيين والذى أطمع أن يغفر لى خطيئتى يوم الدين ) فالأمر الذى لا يدعى لا يأتى فيه
بضمير الفصل والأمر الذى يدعى يأتى فيه بضمير الفصل ( هو ) الذى يفيد القصر ( إلا
الذى فطرنى فإنه سيهدين ) ( وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) كلمة ثائرة
فى عقبه ( ووصى بها ابراهيم بنيه ويعقوب يا بنى إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن
إلا وأنتم مسلمون ) .
فهذه الكلمة ثائرة باقية لماذا ؟ لأن الكلمة الطيبة ضرب
الله لها مثل فى القرآن الكريم ( ومثل كلمة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء تؤتى
أكلها كل حين بإذن ربها ) فالكلمة التى قالها ابراهيم عليه السلام هى الكلمة
الطيبة التى أتت بثمارها فى كل العصور والأزمان .
فهل هى كلمة أم كلام فالكلمة مفرد كلام حيث أن ابن مالك
قال ( وكلمة بها كلام قد يقصد ) ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا )
( اتخذ الرحمن ولدا ) هل هى كلمة أم بعض كلام فالكلمة قد يقصد بها الكلام ( وجعلها
كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) وتبقى دستور ( بل متعت هؤلاء وآبائهم حتى جاءهم
الحق ورسول مبين ) فلماذا عبدوا الأصنام بعد ابراهيم عليه السلام فالقضية
الايمانية حينما تأتى تأخذ فى الاضمحلال ( البهتان ) رويد ا رويدا حتى تنتهى
فالرسول صلى الله عليه وسلم أتى وهم يعبدون الأصنام ولهم شركاء وفى عام الفيل
بالتحديد حيث كان أبرهة الأشرم يريد هدم الكعبة المشرفة فأرسل لأبى سفيان رسولا
ليخبره بما جاء من أجله فرد عليه أبو سفيان قائلا إن للبيت ربا يحميه فأرسل الله
طيرا يحمل حجارة من حجر جهنم ( وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل
فجعلهم كعصف مأكول ) وفى عام الفيل ولد أشرف خلق الله عز وجل ( محمد رسول الله صلى
الله عليه وسلم ) فلقد بهتت القضية الايمانية وما دام قد بهتت القضية الإيمانية
فلا بد من ظهور نبى أو رسول جديد لماذا ؟ لأن الحق سبحانه وتعالى خلق فى النفس
البشرية ( الخليفة فى الأرض ) مناعة ذاتية فيه فيعمل الإنسان المعصية ثم يندم
ويستغفر الله فيجد الله غفورا رحيما فالمناعة ذاتية فيه فإذا لم يكن هناك مناعة وبقى
فاقد فالمجتمع يصبح فيه مناعة
( الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ) وإذا فسدت فى الفرد
والمجتمع المناعة الذاتية فالمسألة فى يد الرسول الجديد الخاتم لكل الأنبياء
والمرسلين ( محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ليصحح للأمة الإسلامية طريق
الإيمان والاتصال برب العالمين عن طريق الصلاة والمحافظة عليها فى أوقاتها وعلى
مدار عمر الإنسان المسلم فهذا أمر ( محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) بعد
ابراهيم واسماعيل عليهما السلام ( وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) / بل
متعت هؤلاء
بالجاه والنعيم والسلطان وجعلت لهم فى البيت بيت آمن (
أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حوله ) وجعلت لهم قداسة فى البيت
الحرام ( الكعبة المشرفة ) فى ( رحلة الشتاء والصيف ) فلا قبيلة تتعرض لهم ولا
تغير عليهم فالقداسة لقريش من البيت الحرام ( الكعبة المشرفة ) وبعد ذلك طغوا
وعبدوا الشرك وقاموا بفعل جميع أنواع الموبقات ( بل متعت هؤلاء وآبائهم حتى جاءهم
الحق ورسول مبين ) حتى جاءهم الحق : الهداية الإلهية من السماء )
ورسول مبين : مظهر لكل شىء فيه خير ( قالوا هذا سحر وإنا
به كافرون ) فهم يقولون هذا سحر فهو يأخذ الناس ويسحرهم فدليلها معها وما دام
يسحرهم طرفان وتنتهى المسألة دليل على أنهم لا يقومون بعملية السحر فيصبح الأمر
كذبا ففى كل يوم يأتوا بحجة مختلفة عن الحجج السابقة لهم ( ما يعلمه بشر ) ( لسان
الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين ) هذا مجنون فهل المجنون عنده خلق لا
( وما أنت بنعمة ربك بمجنون وإنك لعلى خلق عظيم ) خلق عظيم ( صفات تربط سلوكك
بالخير كله وهذا لا يفعلها المجنون ) فعند القول بأن أحدا يعلمه ( ما يعلمه بشر )
( لسان الذى يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين ) فكلما يأتوا بحجة حيث يقولون
بأنه كاهن فلم يأتى بأفعال الكهانة والكهنوت مطلقا فكلما يأتوا بحجة فلغة القرآن
مفهومة وأنتم أيها العرب أهل بصر باللغة تعرفون الحسن من الجيد من الردىء بدليل
وجود أسواق للكلمة
( سوق عكاظ ) فى الجاهلية أسواق للكلام والشعر والأدب
فهل أنتم ستختلفون فى الكلام الذى هو كلام
نبى ورسول من رب العالمين المتضمن فى القرآن الكريم أم كلام ساحر بل هو كلام نبى
وليس بكلام ساحر فيقبضوها أخيرا وقالوا ( لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين
عظيم ) .
كأن القرآن لا اعتراض عليه فلم يعد سحرا ولا كذبا ولا
كهانة بل القرآن نزل على ( رجل من القريتين عظيم ) فالخلاف فى محمد رسول الله صلى
الله عليه وسلم فمحمد الذى أتى من دهماء الناس وأوسطهم ( رجل من القريتين عظيم )
القريتين هما ( الطائف / مكة ) الطائف بها عروة بن مسعود الثقفى ومكة بها الوليد
بن المغيرة فهم يريدون أحدهم فالله رد عليهم رد جميل ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن
على رجل من القريتين عظيم ) ( أهم يقسمون رحمة ر بك ) فهم يريدون تقسيم الرحمة فهم
لم يستطيعوا تقسيم الماديات لأننى جعلتهم أعيان وأناس فقراء ( نحن قسمنا بينهم
معيشتهم فى الحياة الدنيا ) فكيف يمكن تقسيم الرحمة لهم فالرحمة خاصة بالله عز وجل
رب العالمين فالله يقسم بين الناس طريق المعيشة لاصلاح الحركة الكونية فى الكون
لأننى لو عملت لكل غنى لا تجد للصناعات الحقيرة من يعملها ويقوم بها خير قيام رغم
أهميتها فى الحياة فنعملها وردية فخدمة المجتمع لا تأتى بتفضلات من الناس بل تأتى
بإرغام فعند الحرث لا بد من وجود الحارث وكذلك الصانع فيفسرها واضحة فيقول ( أهم
يقسمون رحمة ربك ) رحمة الله للناس من رب العالمين يريدون تقسيمها على هواهم فنحن
( قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ) فالتعبير
القرآنى ( رفعنا بعضهم فوق بعض ) أى بعض رفع وأى بعض مرفوع عليه فبعض داخلة فى
الابهام أى بعض رفع وأى بعض رفع عليه كل بعض مرفوع ومرفوع عليه كل بعض مرفوع فيما
تميز فيه ومرفوع عليه فيما لا يعقله من الصفات الأخرى فالعامل فى مجال الأحذية
مرفوع والذى لا يعمل فى مجال الأحذية مرفوع عليه وكذلك البناء والذى يفحت الطرق
والحداد فالذى يعمل الصناعات الحقيرة رغم أهميتها فى الحياة فى وقتها مرفوع
والثانى مرفوع عليه فكل واحد مرفوع فى شىء يجيده ومرفوع عليه فى شىء لا يجيده
ليعمل استطراق ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) ليصلح العالم فكل واحد مرفوع وكل
واحد مرفوع عليه وتنقلب المسألة فالذى يصبح مرفوعا يصبح مرفوعا عليه والذى يصبح
مرفوعا عليه يصبح مرفوع ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) فالعلة ( ورفعنا بعضهم
فوق بعض درجات ) ( ورفعنا بعضهم ) أى بعض رفع وأى بعض مرفوع عليه ( ليتخذ بعضهم
بعضا سخريا ) فالاسلام لا يرى مهنة حقيرة ما دام صاحبها مخلص فى آدائها ( ليتخذ
بعضهم بعضا سخريا ورحمة ربك خير مما يجمعون ) فالرحمة المختلفون عليها ويريدون
تقسيمها حسب هواهم فالرحمة المختلفة عليها خير مما أنتم عليه كله لماذا ؟ لأنكم
أخذتم ضروريات الحياة وترفها فسوف تنتهى الحياة بالموت لكن الرحمة النازلة من
المنهج من الله عز وجل ستعمل للذى يستمع لها حياة أخرى بعد هذه الحياة الدنيا
وحياة خالدة متعتهم فيها بالخاطر فيفكر الإنسان فى شىء معين يحبه فيأتيه فورا (
ورحمة ربك خير مما يجمعون ) وتكلم الحق عن موضوع آخر يثار فالجماعة غير المسلمة هم
أحسن من المسلمين فى أشياء كثيرة فقال الله عز وجل ( ولولا أن يكون الناس أمة
واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ) (
ولبيوتهم أبوابا من الفضة وسرر من الفضة
عليها يتكئون ) ( وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا ) فكل ذلك
ينتهى عندما يموت الإنسان فى الدنيا فصاحب المنهج الالهى هو الذى سيأخذ الحياة
الأخرى الخالدة فى الجنة فالقرآن الكريم مس السفن التى تتكون من دور واحد وأصبحت
بوارج كبيرة تسير فى البحار والمحيطات كالأعلام ( وله الجوار المنشآت فى البحر
كالأعلام ) فالذى أنزل القرآن يعلم ما سيكون عليه العالم من ارتقاءات ليصبح سرا من
أسرار الله لاخبارهم بشىء ما فى المستقبل فيرونه كما قال الله عز وجل فمتى وجدت
الأسانسيرات والمعارج ؟ فكيف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها
( معارج يظهرون ) فالآية تلفت النظر إلا أن الله أخبر
قديما بأشياء لا تأتى إلا بعد ( 14 قرن )
( لولا أن يكون الناس أمة واحدة ) فالناس مولعين بترف
الحياة فلو أنهم يريدون أن يصبحوا كفارا لأن الكفار حالهم حسن كلهم يكفروا ( لولا
أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا ) فلم يجعلها لبيوتهم سقفا من فضة فالكفر جعل
الناس بسبب ترف الحياة غير مؤمنين بالله عز وجل وبعد ذلك يبين لنا أن المترفين
والمنعمين يأتى عليهم ظرف يعودون فيه للأصول الأولى ففى وقت الحضارة التى أنارت
الدنيا كلها ( الحضارة الإسلامية ) فيذهب الإنسان لمكان لا وجود للكهرباء فيه
ويجلس فيه يومان يأكل مما تنبت الأرض وبعد ذلك كل يوم تأتى من الحضارة معايب هم
فعلوها ليترفوا ويترفوا الناس ولكن يظهر لها معايب أكثر من المنافع فلما عملوا
السيارات ليريحوا الناس من مشقات المشى لكن قبل رصف الطرق فالسيارة عندما تسير
مسافة معينة ماذا تفعل ؟ فتثير الكثير من التراب الذى يتنفسه الناس وتقوم بتبوير
الكثير من الأراضى الزراعية فعادم السيارات فى المدن يقوم بتلويث البيئة ومن ثم
تأتى الأمراض لأهالى المدن بسبب تلوث البيئة ويقول الحق فى سورة الكهف ( هل أدلكم
على الأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
) ففضلات الاحتراق الناتجة من عوادم السيارات ولكن عادم ما خلق الله من المراكب
حيوان مفيد نأخذ من فضلاته السماد الذى يغذى الزرع لينمو ويكبر ويأتى بالمحصول
الجيد فقال الله عز وجل أننى صنعت لكم منهج وأنكم ستأتون بأشياء تقولون عليها أنها
مفيدة فدودة القطن تغلب المزارعين فعن
طريق مادة ( دى . تى . دى ) الذى يقضى على دودة القطن فهو يقضى عليها لفترة معينة ثم
تعود دودة القطن أقوى مما كانت عليه حيث أنها تأخذ مناعة ذاتية ضد دواء ( دى . تى
. دى ) الذى كان يقضى عليها فى الماضى فلا يؤثر فيها حاضرا ولا مستقبلا فيصبح دواء
( دى . تى . دى ) محرما دوليا فالحق سبحانه وتعالى حينما يصنع منفعة لا يصنع
المنفعة الوقتية التى تصنع الضرر بل يأتى بالمنفعة الدائمة والمستمرة وتظل منفعة
لآخر الزمان فلولا أن يكون الناس ليروا الكافرين سعداء فالناس يحبوا أن يصبحوا
سعداء كالكافرين ( ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم
سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون ولبيوتهم أبوابا وسرر عليها يتكئون ) كل من الفضة
( وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا ) لما بمعنى : إلا فلما الحينية أحسن
كل ذلك لما يوجد فهو متاع الحياة الدنيا ( والأخرة عند ربك للمتقين ) ( ومن يعش عن
ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) فالحق سبحانه وتعالى يقول إنه رب رب
الكافر ورب المؤمن والكافر الذى يعيش بالكفر الذى هو ضد الله عز وجل يعينه الله
على الكفر فيختم على قلبه فلا الكفر يخرج من قلبه ولا الايمان يدخل لقلبه ( ومن
يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) نقيض : نهيىء ونوجد فالشيطان
يوسوس للإنسان الكافر الغافل عن ذكر الله فكلما يريد الخير يوسوس له ليعمل الشر
ولذلك لا تجد إقبال الشيطان على نفس إلا
إذا كانت النفس ذاهبة لعمل طيب خير فلا يذهب للفاسد الذى يشرب الخمر ويلعب القمار
فالشيطان ابليس وذريته لا يريدون للإنسان إلا أن يكون عاصيا لرب العالمين فى
الدنيا بأى شكل كان سواء بالمال أو الجاه أو السلطان أو المدح فكل إنسان له مفتاح
يدخل منه ابليس للإنسان سواء المؤمن أم الكافر ليدفعه لفعل الشر على حساب الخير
فيأتى الشيطان للإنسان المؤمن وهو يصلى فى أمتع شىء له فيوسوس له ويذكره بأشياء
كثيرة فى دنياه من أجل انقاص أجر الصلاة
عند رب العالمين ولكن الإنسان المؤمن القوى يقول عند البدء فى الصلاة ( أعوذ بالله
من الشيطان الرجيم ) وهو يصلى / وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من
الشيطان الرجيم
( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين )
يتعامى عن ذكر الرحمن ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين فكلما
يأتى الإنسان بعمل طيب خير يدفعه الشيطان لفعل الشر فابليس ناصح فى أشياء وخائب فى
أشياء أخرى ناصح حينما عرف أن الله إذا أراد واحدا من خلقه مهديا لن يستطيع
الشيطان ( ابليس وذريته ) أن يأخذه لطريق الشر ( إلا عبادك منهم المخلصين ) (
فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ) فالله عندما يصطفى إنسانا
فالشيطان لا يستطيع أن يأخذه لطريق الشر حيث قال الشيطان لرب العالمين
( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين )
عزتك عن خلقك ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) فالله إذا كان يريد للناس كلهم
الهداية فالشيطان لا يستطيع الاقتراب من هؤلاء الناس حيث أقسم بالوصف ( بعزتك عن
خلقك ) بدليل أن الله عندما يصطفى إنسانا فلا يستطيع الشيطان الاقتراب منه ولقد
فضح الشيطان نفسه فالذى يريد عمل مكيدة فى أحد يفضح خطته فالذى يكيد لك لا بد أن
يعمى عنك خطته ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) فلقد فضح الشيطان نفسه وهذا قمة
الغباء والله حكاها عنه حتى عند عمل الطاعة أعمل الطاعة معتقدا أن الشيطان لا
يجعلنى أخلص منها ولذلك أكثر ما يجىء الشيطان للإنسان المؤمن فى الصلاة ويأتى
للإنسان بالأشياء الهامة ليشغله عن الصلاة ( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) فقصة أبو
حنيفة اشتهر بالفتوى فقد وضع أحد الأشخاص مالا فى مكان ما فى الخلاء وعلمه بحجر
وجاء السيل فحرك الحجر من مكانه فلم يعرف الشخص مكان المال فذهب الشخص لأبى حنيفة
وروى له القصة حيث قال له إن السيل زحزح الحجر عن مكانه فلم أعرف مكان مالى فقال
له أبو حنيفة يا بنى ليس فى هذا علم ولكنى أحتال لك فإذا جاء الليل وقف يصلى
ركعتين لله لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا حجبه أمر قام إلى الصلاة لعل الله
يهديك الطريق المستقيم فقال له هذا الكلام العصر فجاء الليل وقام كما قال له أبو
حنيفة وأخذ يصلى ركعتين لله فالشيطان جاء له وقال إنك مشيت خطوتين من الشجرة من
ناحية الشرق فذهب للمكان الذى حدده له الشيطان وقام بحفر المكان فوجد الكنز (
المال ) حيث قال له أبو حنيفة ما صنع الله بك ؟ قال له يا إمام وأنا قائم إلى
الصلاة فتذكرت خطوتين من الشجرة من ناحية الشرق فضحك أبو حنيفة وقال له يا أخى والله
قد علمت أن الشيطان لا يدعك تتم ليلة مع ربك فهل أتممتها شكرا ( لأقعدن لهم صراطك
المستقيم ) فى الصلاة ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن
شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) فالجهات ( 6 ) وليس ( 4 ) الأمام والخلف واليمين
والشمال والفوق والتحت لأن الذى يعيش دائما متطلعا لعز الربوبية وذل العبودية لا
يأتى له الشيطان أبدا .
وفى حالة أخرى جاء لأبو حنيفة شخص آخر وسأله بأنه طلق
امرأته فقال لها وهى واقفة على السلم إنك طالق إن صعدت السلم وإنك طالق إن نزلت
السلم فقال له أبو حنيفة قل لها ارمى نفسك من على السلم لا تصعدى ولا تنزلى فأبو
حنيفة كان يفتى فى كل شىء فعقليته قوية ليخرج الناس من المآزق .
( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين )
فحينما يعشق الإنسان الحزن ويألفه فكم مرة أكل الإنسان بعد مصيبة ( الموت ) التى
ألمت به فاللباس الأسود الذى تلبسه النساء فى العزاء مازال عليهن لمدة سنة أو أكثر
فلا بد من خلعه لتستمر الحياة فالذى يألف الحزن يجره الله دائما للحزن فمسمرى باب
الأحزان بمسمار الرضا ولا تجرعى الشيطان على ألا يدخل لك ( ومن يعش عن ذكر الرحمن
نقيض له شيطانا فهو له قرين ) ( وإنهم ليصدونهم ) ( الأخلاء بعضهم يومئذ لبعض عدو
للمتقين ) ( وإنهم ليصدونهم ) القرين فى الأخرة ( ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن
والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ) فنحن لم نقوم بإغوائكم بل أنتم الذين أغويتم أنفسكم
بأنفسكم
( بل لم تكونوا مؤمنين ) ( وما كان لكم علينا من سلطان
بل كنتم قوما طاغين ) فالذين يشربون الخمر ويلعبون القمار فى الدنيا وهم أصدقاء
سيصبحون أعداء بعضهم لبعض فى الآخرة فالأخلاء جمع خليل ومعنى خليل هو الذى يتعشق
صاحبه حتى يتخلل فى جسمه كله حتى يصبحوا وكأنهم واحد حيث قال اسماعيل صبرى ( ولما
التقينا هو ومن يحبه قرب الشوق جهده خليله ذهب لوعة وعتابا كأن خليلا فى صميم خلال
خليله تسرب أثناء الفاق وغابا ) ( وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون )
( يا وليتا اتخذت مع الرسول سبيلا ) ( ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلنى عن
الذكر بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للإنسان خذولا ) والشيطان سيغلبه فى الآخرة (
إننى
دعوتكم فاستجبتم لى ولم أكن عليكم من سلطان فلا تلومونى
ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخى إنى أخاف الله رب العالمين ) ( لا
قوة تقهرك ولا حجة تقنعك ) إنما كنت على تشويه
( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان
الرجيم ) ( وإنهم ليصدون عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ) ( حتى إذا جاءنا قال
ياليت بينى وبينك بعد المشرقين ) فكلمة بعد المشرقين : هما مشرق واحد فالعرب لها
طريقة فى اللغة فهما لما يكونوا هناك شيئان متقابلان لبعضهما البعض فيغلب أحدهما
على الآخر فنعرف الشيخين ( أبا بكر وعمر ) ( العمرين ) فالمشرقين هما ( المشرق
والمغرب ) فغلب المشرق على المغرب فعند فهم المسألة فهم فلكى وجغرافى فوجود المشرق
عندى يقابله مغرب عند غيرى وشرقت عندى عندما غربت عند آخر فكل جهة فيها مشرق لك
ومغرب لمقابلك فيوجد مشرقين لا مشرق واحد ( وبعد المشرقين ) ( ولن ينفعكم اليوم إذ
ظلمتم ) ما دمتم قد ظلمتم فى دنياكم لن ينفعكم ( أنكم فى العذاب مشتركون ) فالبلوى
إذا عمت هانت وذلك عندما قامت الخنساء ترثى أخوها صخر قالت ( لولا كثرة الباكين
حولى على اخوانهم أهلكت نفسى وهون فجعلت المصائب أننى وإن حاصرتنى لست فى موتها
وحدى ) ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم فى العذاب مشتركون ) ( أفأنت تسمع الصم
أو تهدى العمى ومن كان فى ضلال مبين ) وفر المسألة ولا تنصب لأن الأصم ليس بأصم بل
يسمع إنما المعنى أعراض وفى الكلام ( أفأنت تسمع الصم أو تهدى العمى ) فهم ليسوا
عمى بل مبصرين فهم يرون الطريق المستقيم ولا يريدون المشى فيه كأنهم عمى ( ومن كان
فى ضلال مبين ) اطمئن فليس عليك إلا البلاغ فلا تتعب نفسك فالله يريد أن يريح نبيه
أن يرتاح إلا إذا كان النبى حبا فى رسالته ومنهجه بل للخلق جميعا يريد تذويق
حلاوته للناس ليؤسس شرط الإيمان فى قلوب الناس فالإيمان لا يكتمل ( حتى يحب المرء
لأخيه ما يحب لنفسه ) فالرسول صلى الله عليه وسلم مكلف بتبليغ رسالة الإسلام للناس
وليس عليك هداهم فالإيمان لا يكتمل ( حتى يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه ) ( إن
عليك إلا البلاغ ) ( ما عليك إلا البلاغ ) ( فإما نذهبن بك ) لكى تطمئن ( سنريك
عذابهم فى الآخرة ) ( وإن كنت موجودا فى الدنيا ) ( سنريك عذابهم فى الدنيا ) إن ذهبنا
بك للموت ( فإنا منهم منتقمون ) ستشاهده فى الآخرة ( أو نرينك الذى وعدناهم ) إن
كنت عائش فى الدنيا
( أو نرينك الذى وعدناهم ) لن يفلتوا منا ( فاستمسك
بالذى أوحى إليك ) / إنك على صراط مستقيم
إنك على طريق قويم معتدل سواء إنك على صراط مستقيم )
فالمنهج فى الكتاب معجزة ومنهج فى القرآن ( وإنه لذكر لك ولقومك ) فنزول القرآن
باللغة العربية شرف للعرب إلى الآن فذكر : طريق حسن فالنفس البشرية مهما كانت تريد
الصيت ( إنه ذكر لك ولقومك ) ( لقد أنزلنا عليكم كتابا فيه ذكركم ) فستصبح اللغة
العربية موجودة إلى ما شاء الله ليصبح كل إنسان يريد أن يتعلمها حيث قال ابراهيم (
واجعل لى لسان صدق فى الآخرين ) فكأنما يريد الصيت ( لسان صدق فى الآخرين ) فإذا
لم تكن فيها الجزاءات لم يكن لكم فى الدنيا ذكر لهم وفى ابراهيم ( اجعل لى لسان
صدق فى الآخرين ) فابراهيم عليه السلام لم يشارك قومه ولا أبيه فى الكفر والإشراك
( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون ) ( واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ) فماذا
تقولون فكيف يأمر الله عز وجل رسوله بأن يرسل الرسل السابقين عليه فهم ماتوا والله
أمر أن يسألهم فالآية لها وقفة فإذا أمر الله رسوله بشىء لا بد من تنفيذه فليس من
الممكن أن يأمر الله رسوله بشىء ما ويتركه فلما شاء الله أن يسرى بمحمد صلى الله
عليه وسلم من مكة المكرمة إلى بيت المقدس على البراق فجمع له الأنبياء والأنبياء
موتى بقانون الموت ويصلى بهم وإمام فلقد اجتمع بهم وتحدث مع الأنبياء كلهم فمنهم
موسى وقال له فى حادثة الصلاة اذهب وراجع ربك لأننى علمت القوم قبلك فالصلاة فرضت
( 50 صلاة ) فى اليوم حتى أصبحت ( 5 صلوات ) فى اليوم بأجر ( 50 صلاة ) فالله
يستطيع جمع ميت مع حى ويتفاهموا ويتكلموا ( واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا )
فلقد هيأ له هذا اللقاء ليسئلهم هذا السؤال ولكن أسأل أم لم يسأل ؟ قال لم يسأل
ولكنه نفذ فقد قال له ربه اسأل فهو لم يسأل بل أنا لا أزداد يقينا ليس فى حاجة فى
أن أسأل لأن الذى يسأل فى حاجة لأن يأتى بمعنى فقال لجبريل عليه السلام هذا لأننى
لا أزداد يقينا فى الله والذى قالها الامام على كرم الله وجهه ( لو كشف عنى الحجاب
ما ازددت يقينا أنا مؤمن بالمسألة غيبا ) فالذى يقول أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم ربنا قال له واسأل فلا بد أن يكون معد له كيف يتم السؤال ولابد من أن يلتقى
بهم فهم أموات بقانون الموت وهو حى بقانون الأحياء وجمع بهم وصلى بهم فى بيت
المقدس إماما وأخذ يخاطب الأنبياء ويسلم عليهم ( موسى وعيسى ويحيى وزكريا وابراهيم
) فالمسألة فوق طلاقة القدرة فآمن بها غيبا وانسب كل عجيب فى مسائل الكون إلى
منشىء هذا العجيب ( الله عز وجل ) فإن كانت هناك قوانين تحكمه فلا توجد تلك
القوانين الحاكمة فإن كان عنده طلاقة قدرة ليعمل لماذا ؟ لنأخذ قصص عنهم فالنار
غايتها الاحراق فقد وضعوا ابراهيم فى النار ولما وضع فى النار قال الله عز وجل
للنار قانون الاحراق فيك سوف يتعطل وتبقى بردا وسلاما على ابراهيم فقد استطاعوا أن
يمسكوا بابراهيم عليه السلام وأن يرموا به فى النار والنار لا تنطفىء بمطر ولا أى
حاجة ومع ذلك قال الله للنار أوقفى عملية الاحراق وتعطلى عنها ولا تبقى نار بل
تصبحى بردا وسلاما على ابراهيم فقد أخذ يقلب الأضداد فعندما ترى الميت لا تقول
الميت بقانون الأموات يتكلم مع حى بقانون الأحياء وتدخل فى هذه المتاهات فالله له
طلاقة قدرة يفعل ما يشاء فلما ضرب موسى البحر بالعصا ماذا حصل ؟ ( كل فرق كالطود
العظيم ) الجبل العظيم فالماء أصبح جبل ولما كان فى الصحراء ( إذ استسقى موسى )
قال له ( اضرب بعصاك الحجر ) فضرب الحجر بالعصا فانطلقت المياه من الحجر فهذه
طلاقة قدرة ( واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من د ون الرحمن ألهة يعبدون
) فالناس الذين يستبعدون المسألة ( نسأل من أرسلنا ) فالرسل لهم رسالة معينة
والنبى صلى الله عليه وسلم عاصر أتباع الرسل وأخذوا الدين من الرسل فأسأل أتباع
الرسل لأن الأتباع سيصبحوا من أتباع الرسل فيسأل أتباع الرسل الموجودين عنده حيث
يريدون الافلات من معجزة أنهم أحياء أو ليس المراد السؤال بل المراد الجواب ولكن
المراد الاعتبار والعظة ( سل الأرض من أجرى فيها الأنهار وسل الأرض من أنبت فيها
الأزهار ) فأنت أيها الإنسان تفكر فالمراد العظة والتدبر والتفكر / واسئل من أرسلنا
من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون
( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا ) الآيات : هى الأشياء
الدالة على المعجزة فى أنه صادق بالبلاغة عن الله وأول الآيات مسألة الحية والعصا
ويداه فى جيبه تخرج بيضاء من غير سوء والسحر الذى عمله فهذه ( 3 مراحل ) فالقرآن
يكرر المسألة لأن الله حينما أوحى لنبيه
قال له ( ما تلك بيمينك يا موسى ) قال هى عصاى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى ولى
فيها مآرب أخرى قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هى حية تسعى ) .
( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين )
يتعامى عن ذكر الرحمن وما دام يتعامى عن ذكر الرحمن فالرحمن فى كل شىء فهو الذى
عمل للإنسان كل شىء فالله يساعده
( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين )
فكلما يحاول الإنسان القيام بعمل طيب خير فابليس هنا ناصح فى أشياء وخائب فى أشياء
أخرى ناصح حينما عرف أن الله إذا أراد واحدا من خلقه مهديا لن يستطيع الشيطان أن
يأخذه ( إلا عبادك منهم المخلصين ) ( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم
المخلصين ) فالله حينما يريد أن يصطفى إنسانا فالشيطان لا يستطيع أن يأخذه فلما
قال الشيطان ( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ) فانظر للقسم الذى
أقسمه الشيطان لأنه فاهم / فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين
بعزتك عن خلقك فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر فلو أنت
تريديهم لا استطيع أن آتى تجاههم فلقد عرف وأقسم ووصف بقوله ( فبعزتك لأغوينهم
أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ) فبعزتك عن خلقك فعندما تصطفى أحدا من الناس
فالشيطان لا يستطيع أن يأتى تجاهه ولقد فضح الشيطان نفسه لأنه صاحب المكائد فالذى
يريد عمل مكيدة فى واحد فهل يفضح خطته ؟ لا فالذى يكيد لك لا يفضح لك خطته بل
يفاجئك بها ويعميها عنك فالشيطان فضح خطته فهذا قمة الغباء ( لأقعدن لهم صراطك
المستقيم ) فلقد فضح خطته والله عز وجل حكاها عنه لحينما يعمل الإنسان الطاعة أعمل
الطاعة وأنا معتقد أن الشيطان لا يجعلنى أخلص منها ولذلك أكثر ما يجىء الشيطان
للمؤمن وقت الصلاة ويأتى إليك بالأشياء الهامة ليشغل المؤمن عن الصلاة فى وقتها (
لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) فقصة أبو حنيفة حيث أن أبو حنيفة اشتهر بالفتوى فكان
أحد الأشخاص وضع المال فى منطقة معينة فى الخلاء ولقد علم المكان بالحجر فجاء
السيل وزحزح الحجر فلم يعرف مكان المال فكان أبو حنيفة يفتى فى كل شىء فعقليته
قوية فقال له أبو حنيفة ليس فى هذا علم ولكنى أحتال لك فإذا جاء الليل وقف يصلى
ركعتين لله لأن النبى إذا حجبه أمر قام إلى الصلاة فقد قال له هذا الكلام العصر
فجاء الليل وقام يصلى فالشيطان جاء له فقال له إنك مشيت خطوتين من الشجرة من ناحية
الشرق فذهب ومشى خطوتين من الشجرة من ناحية الشرق وفحت فوجد المال ( الكنز ) فرجع
فى الفجر فقابل أبو حنيفة فقال له ما صنع الله بك ؟ قال له يا إمام وأنا قائم
للصلاة تذكرت أن خطوتين من الشجرة من ناحية الشرق فذهبت فحفرت فوجدت ( الكنز/
المال ) فضحك أبو حنيفة فقال له لقد علمت أن الشيطان لا يدعك تتم ليلة مع ربك وسيأتى
ليحدثك لكى تذهب قال أفعلتها شكرا قال أفعل إن شاء الله وجاء له فى الصلاة (
لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) وجاء بطريقة أخرى ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن
خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) فإن عز على آتيه من الأمام
وإن عز على آتيه من الخلف فإن عز على أتيه من اليمين فإن عز على آتيه من الشمال
( 4 جهات ) فالجهات ( 6 وليس 4 ) ( فوق وتحت / يمين
وشمال / الأمام والخلف ) لأن الذى يعيش دائما متطلعا إلى عز الربوبية وذل العبودية
لا يأتى له الشيطان أبدا وفى حادثة أخرى مع أبو حنيفة جاء رجل وأقسم على طلاق
زوجته وهى واقفة على السلم فقال لها أنت طالق إن صعدت وأنت طالق إن نزلت فقال له
أبو حنيفة قل لها ارم نفسك من على السلم فلا تصعدى ولا تنزلى .
( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين )
فعندما يألف أحد الأشخاص الحزن فهل أنت ما زلت حزينة فكم مرة أكلت بعد المصيبة
فاللباس الأسود حدادا على الميت فيستمر فى الحزن حتى يموت ويحصله فالذى يألف الحزن
يجيبه الله إلى الحزن فيقول له أنت عشقت الحزن فنجعلك تحزن كل ساعة فى مصيبة ما
فاغلقى باب الأحزان بمسمار الرضا ولا تجرعى الشيطان فى أن يدخل لك ( ومن يعش عن
ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين ) ( وإنهم ليصدونهم ) القرين ليس القرين فى
الآخرة فيأتى ( الأخلاء بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) فأنت أيها الشيطان الذى
أغويتنا ( ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ) فهم
الأخلاء فى الدنيا ( بل لم تكونوا مؤمنين ) ( وما لكم علينا من سلطان بل كنتم قوما
طاغين ) الأخلاء فى الدنيا سيصبحون أعداء فى الآخرة فالأخلاء جمع خليل ومعنى خليل
هو الذى يتعشق صاحبه حتى يتخلل فى جسمه كله فالاثنين يتخللوا فى جسم بعض كأنهم
واحد فاسماعيل صبرى عبر عن هذا المعنى تعبير ( ولما التقينا هو ومن يحبه ( خليله )
قرب الشوق جهده خليليه ذاب لوعة وعتابا كأن خليلا فى خلال خليله تسرب أثناء العناق
وغابا ) فالخليل متخلخل ( وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ) (
ياوليتا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا ياوليتى لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلنى عن
الذكر بعد إذ جاءنى وكان الشيطان للإنسان خذولا ) فالشيطان سيخذلهم فى الآخرة ( إن
ربكم دعاكم ) ( وأنا دعوتكم فأغويتكم ولكن لم يكن لى عليكم من سلطان ) لا قوة
تقهرك ولا حجة تقنعك إنما كنت على تشويه ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ
بالله من الشيطان الرجيم ) لأن الشيطان إذا سمع اسم الله يخنس ( أعوذ بالله من
الشيطان الرجيم ) ( وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حتى إذا جاءنا
قال ياليت بينى وبينك بعد المشرقين ) ياليتنى لم أكن أعرفك يا الذى كنت أغويتنى
بعد المشرقين فهو مشرق واحد فالعرب لهم طريقة فى اللغة حينما يوجد شيئان متقابلان
لبعض يغلب أحدهما على الآخر فالشيخين ( أبا بكر وعمر ) ( العمرين ) فالمشرقين هما ( المشرق والمغرب ) ولكن غلب هنا المشرق
على المغرب فأصبحت مشرقين فعند فهم المسألة فهم فلكى وجغرافى لأن معنى أن لى مشرق
قابله مغرب عند غيرى فكيف أشرقت على ؟ لم تشرق على إلا حينما غربت عند آخر ولم
تغرب عنى تصبح مشرقة عند آخر فكل جهة فيها مشرق لك ومغرب لمقابلك والثانى فيها
مشرق لك ومغرب لمقابلك فهما مشرقين ( وبعد المشرقين ) ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم
فى دنياكم ) اليوم لن ينفعكم ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم فى العذاب مشتركون
) لأن إذا البلوى عمت هانت فالخنساء حينما كانت ترثى أخاها صخر قالت ( ولولا كثرة
الباكين حولى على اخوانهم أهلكت نفسى وهون فجعات المصائب أننى وإن حاصرتنى لست فى
موتها وحدى ) ( ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم فى العذاب مشتركون ) ( أفأنت تسمع
الصم أو تهدى العمى ومن كان فى ضلال مبين ) فوفر المسألة ولا تتعب أنت عليك البلاغ
لأن الأصم ليس بأصم بل يسمعوا والمعنى إعراب ( أفأنت تسمع الصم أو تهدى العمى فهم
ليسوا بعمى لكنهم يشاهدون الطريق المستقيم ولا يريدون المشى فيه فكأنما لا يكون
أعمى / ومن كان فى ضلال مبين
اطمئن فليس عليك إلا البلاغ فلا تتعب نفسك فربنا يريد
إراحة نبيه ولا يطلب من نبيه أن يرتاح إلا إذا كان النبى حبا فى رسالته ومنهجه
وحبا للخلق جميعا فيريد تذويق حلاوة الإيمان بالله للناس لأنه يريد تأسيس شرط
الإيمان فى قلوب الناس فشرط الإيمان لا يكتمل ( حتى يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه
) فأنت غير مكلف بهذا أنت مكلف بالبلاغ فقط إنما عند الله تكون الهداية للناس ( إن
عليك إلا البلاغ ) ( ما عليك إلا البلاغ ) فإما نذهبن بك لتطمئن إن كنا نذهب بك (
سنريك عذابهم فى الآخرة ) وإن كنت موجود ( سنريك عذابهم فى الدنيا ) فإن ذهبنا بك
بالموت ( فإنا منهم منتقمون )
( أو نرينك الذى وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ) وفى مسألة
بدر وحنين وخيبر وأنت ستراهم وأنت حى وتوجد أشياء أخرى لك فى الآخرة ( إما نذهبن
بك ) أى تموت ( فإنا منهم منتقمون ) وستشاهده فى الآخرة ( أو نرينك الذى وعدناهم
فإنا عليهم مقتدرون ) ( فاستمسك بالذى أوحى إليك إنك على صراط مستقيم ) إنك على
طريق قويم معتدل سواء ( إنك على صراط مستقيم ) فالمنهج موجود فى كتاب معجزة ومنهج
( القرآن ) ( وإنه لذكر لك ولقومك ) إن القرآن باللغة العربية شرف للعرب ذكر طريق
حسن فالنفس البشرية مهما كانت تريد الصيت والحسن ( وإنه لذكر لك ولقومك ) فالصيت
سيأتى ( لقد أنزلنا عليكم كتابا فيه ذكركم ) فالعربية ستصبح موجودة إلى ما شاء
الله حتى يريد كل إنسان أن يتعلمها إذ قال ابراهيم / واجعل لى لسان صدق فى الآخرين
كأنه يريد الصيت ( لسان صدق فى الآخرين ) إن لم تكن فيها
الجزاءات ( ليكن لكم ذكر لكم )
( واجعل لى لسان صدق فى الآخرين ) فعندما تقلدوا
بابراهيم الذين يحبوه والذى لم يقلد أبوه ولا قومه فى قضية الكفر والإشراك بالله
عز وجل ( وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسئلون ) عن هذا
( واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ) ( اسئل من أرسلنا
من قبلك من رسلنا ) فهم ماتوا فكيف يقول الله لرسوله أن يسأل الرسل فالآية لها
وقفة فالرسل ماتوا وإذا أمر الله رسوله بشىء لا بد من تنفيذه فلا يمكن أن يتركه
فلما أراد الله أن يسرى بمحمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى بيت المقدس
فجمع له الأنبياء وتحدث معهم وصلى بهم وإمام حيث أن الأنبياء موتى بقانون الموت
فاجتمع اجتماع ميت مع حى وموسى كلمه فى مسألة الصلاة اذهب وراجع ربك لأننى عرفت
الأمم قبلك فالله يستطيع جمع الضدين الميت مع الحى يتفاهموا ويتكلموا ( واسئل من
أرسلنا من قبلك من رسلنا ) فقد هيأ له هذا اللقاء ليسألهم هذا السؤال ولكن أسأل أم
لم يسأل قال لم يسأل فقال له ربه اسأل فلم يسأل ( أنا لا أزداد يقينا ) أنا ليس فى
حاجة فى أن أسأل لأن الذى يسأل لا بد أن يأتى بمعنى ( لأننى لا أزداد يقينا فى
الله ) والذى قالها الإمام على كرم الله وجهه ( لو كشف عنى الحجاب ما ازددت يقينا
أنا مؤمن بالمسألة غيبا ) فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما يقول له ربه اسأل فلا
بد أن يكون معد له كيف يسأل الأنبياء فلا بد من أن يلتقى بهم فهو حى بقانون
الأحياء والأنبياء موتى بقانون الموت فهو صلى بالأنبياء إمام وسلم على موسى وعيسى
وزكريا ويحيى وابراهيم فالمسألة طلاقة قدرة آمن بها غيبا وانسب كل عجيب فى مسائل
الكون إلى منشىء هذا العجيب
( الله عز وجل ) فإن كانت هناك قوانين تحكمه فلا توجد
قوانين تحكمه فلا ينفع وإن كان عنده طلاقة قدرة فخذ قصص منهم فالنار طبيعتها
الاحراق ومسكوا ابراهيم ووضعوه فى النار ولما وضع فى النار قال الله للنار ( كونى
بردا وسلاما على ابراهيم ) فقانون الاحراق فى النار يتعطل فمن الممكن أن ينزل
المطر من السماء وينطفىء النار ولكن لم يحدث فهذه آية كونية فلقد أمسكوا بابراهيم
ووضعوه فى النار لا تنطفىء بأى حاجة إلا بأمر من ربها ( كونى بردا وسلاما على
ابراهيم ) فعملية الاحراق تعطلت وتصبح النار بردا ولكن البرد لا يموته وسلاما على
ابراهيم فيقلب الأضداد فكيف يتحدث الحى بقانون الأحياء مع ميت بقانون الأموات إلا
بطلاقة القدرة من الله عز وجل يفعل ما يشاء فلما ضرب موسى البحر بالعصا أصبح كل
فرق كالطود العظيم حيث أصبح الماء كالجبل ولما كان فى الصحراء فضرب موسى الحجر
بالعصا فخرج الماء من الحجر ( وإذ استسقى موسى ) ( اضرب بعصاك الحجر ) فهذه طلاقة
قدرة من الله عز وجل ( واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن
ألهة يعبدون ) فالناس الذين يستبعدون المسألة فالرسل لهم رسالة والنبى عاصر أتباع
الرسل وأخذوا الدين من الرسل فأسأل أتباع الرسل فالأتباع سيتكلمون من كلام الرسل فأسأل
أتباع الرسل الموجودين عندك فيريدون الافلات من المعجزة فليس المراد السؤال وليس
المراد الجواب ولكن المراد الاعتبار والعظة فحينما يخطب الخطيب ( سل الأرض من أجرى
فيها الأنهار وسل الأرض من أنبت فيها الأزهار ) تفكر أيها الإنسان فى المسألة
فالمراد العظة والتدبر والتفكر فاجتمع ( 2 ) صحيح سأل وصحيح لم يسأل ( واسئل من
أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن ألهة يعبدون ) ( ولقد أرسلنا موسى
بآياتنا ) فكلما يأخذ بشىء لا بد له من مناسبة الآيات هى الأشياء الدالة على
المعجزة بأنه صادق بالبلاغ عن الله فمسألة الحية
والعصا ويضع يده فى جيبه تخرج بيضاء من غير سوء والسحر الذى عمله فهذه ( 3
مراحل ) فالقرآن يكرر المسألة لأنه ساعة ما أوحى الله له قال له ( ما تلك بيمينك
يا موسى قال هى عصاى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى ولى فيها مآرب أخرى قال ألقها
يا موسى فألقاها فإذا هى حية تسعى ) ( واسئل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من
دون الرحمن ألهة يعبدون ) أمر من الحق سبحانه وتعالى لرسوله ( اسئل من أرسلنا )
وأوامر الله لا بد أن ينفذها رسوله فمتى يسأل وكيف يسأل رسول الله وهو حى بقانون
الأحياء من سبقه من الرسل وهم موتى بقانون الأموات أمر عجيب فالعلماء وقفوا عند
هذه النقطة ( واسئل من أرسلنا من قبلك ) أى اسئل أتباعه الذين بلغهم رسلهم ولما
يبلغ الأتباع الذين بلغهم رسلهم فكأنه سأل الرسل أو أن هذا السؤال مطلوب منه
للاعتبار والاتعاظ كما يقول أحدنا اثبات لقدرة الله عز وجل وجلاله فى خلقه ( سل
الأرض من شق أنهارها سل الأرض من أنبت ثمارها سل السماء من أنزل منها ماءها ) فنحن
لا نسأل بل نعرف قيمتها لكى نعتبر ونتعظ أو أن هذا سؤال حقيقى ويسأل الرسل لماذا ؟
لأن الذين يستبعدون المسألة قالوا هذا ميت بقانون الأموات وهو حى بقانون الأحياء
ففسروا المسألة لنسئل ولنعتبر ونتعظ والماء لماذا لا يكون على حقيقتها ويسأل رسول
الله الرسل ألم يثبت فى الإسراء والمعراج أن الأنبياء قابلوا رسول الله وأنه صلى
بهم إماما فى بيت المقدس إذن قابلهم وصلى بهم إماما فعل الحى بقانون الأحياء ما
فعله الميت بقانون الأموات فلقد صلى معهم وما دام قد صلى معهم فكيف يسألهم فجبريل
قال له سلم فقال أنا لا أسأل ( لأنى مقتنع ولا أحتاج لدليل ) فالحق يريد للناس أن
تسمع هذه الكلمة فلما قال سيدنا على كرم الله وجهه ( لو كشف عنى الحجاب ما ازددت
يقينا أنا مؤمن إيمانا غيبيا لأن اخبار الله لرسله أصدق من العيون التى ترى ألم
يقل الله لرسوله ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) والنبى ولد فى عام الفيل
وكان طفل لا يعرف ما الذى حصل ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ؟ ) أى ( ألم
تعلم ) ويعلم بأى وسيلة فيه علم بواسطة الحواس فهو علم بواسطة خالق الحواس أكد مما
ترى بعينيك ( ألم تر ) لم يشاهد وما دام أحياهم وصلى بهم وفعل فعل الكلام أم لا ؟
فتكلم رسول الله مع كل الأنبياء فهل امتنع من أن يسأل عندما قال له ربه اسأل فأنا
لا أريد السؤال ( أنا مقتنع ) فالحق يريد أن يسمع منه هذه الكلمة أنه آمن بالغيب
وأنه لا يريد أن يسأل أحدا فالحق سبحانه وتعالى ( واسئل من أرسلنا من قبلك من
رسلنا أجعلنا من دون الرحمن ألهة يعبدون ) فعبادة غير الله غير واردة من الرسل بل
من خلق البشر فلا أرسلنا إليهم كتب يدرسونها ولا أرسلنا لهم رسل فهى اقتراع منه
فعلة الاقتراع لماذا ؟ فهم يعبدون الأصنام والأشجار والشمس والقمر لأن المعبود
حينما يطلب من العابد أمر بقوله افعل كذا ولا تفعل كذا يقيض اختياره للأمور يعنى
لا يعطيه الحرية فى أن يفعل ما يشاء حيث قال له افعل كذا ولا تفعل كذا والتشريعات
كلها كذلك افعل ولا تفعل فالذى يصعب عليهم ماذا ؟ الذى يصعب عليهم قوله لا تسرق
ولا تزنى ولا تشرب الخمر ولا تلعب القمار وهو يريد فعل كل هذه الأمور فسوف أعبد
الأصنام والأصنام لا تكليف لها وأبقى على حريتى فهذا الذى جعلهم يعبدون الأصنام
فالحق سبحانه وتعالى جاء بعد هذه وقال ( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون
وملائه ) فما المناسبة التى جاء بموسى ولقطة من حياته فى هذه المنطقة قال ألم تسمع
أن لما اجتمعوا قالوا ( لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ) كأن
القرآن لا شك فيه بل الذى أنزل عليه القرآن فهو لا نريده لماذا
لأنه رجل فقير وليس له غنى ولا جاه ولا نسب فنحن نريد
واحد عظيم من القريتين / الطائف / مكة
الطائف كان بها عروة بن مسعود الثقفى ومكة كان بها
الوليد بن المغيرة الحق سبحانه وتعالى قرب لابن مسعود فى الطائف ماذا عنده ؟ عنده
بعض الغنى والجاه وهيبة فى القبائل والوليد بن المغيرة فى مكة لديه ما لدى عروة بن
مسعود فى الطائف من الغنى والجاه والهيبة فى القبائل فهل كان عنده جنود فلا يوجد
عنده جنود فهل عنده أناس يخضعون له ويقولوا بأنه آلهة لا يوجد عنده ومع ذلك أرسل
الله محمدا لهؤلاء الذين ليس لهم من السيادة من مال وسيادة وبعض السيطرة فيقولوا
ما هذه فقد أنزلت لفرعون والوليد بن المغيرة والعروة بن مسعود بوجود إله فالسيادة
فى الرسالات ممنوعة فرحمة الله يقسمها كيف يشاء ( فلقد أنزلت موسى لفرعون وليس
للوليد بن المغيرة ولا لعروة بن مسعود ) فلقد بلغ من السيادة والعوض أنه ادعى
الألوهية فأصبح سيدا كبيرا ومع ذلك أرسلت له موسى ( فرعون ) فموسى أقل فى حياة
المجتمع من محمد لأن موسى رباه فرعون وما دام لما نضج حصل الشكل الذى بينه وبين
موسى فقتله موسى فقالوا له إن القوم سيقتلوك ( فخرج منها خائفا يترقب ) وأخذ يسير
حتى وصل ماء مدين وجد امرأتين تذودان الغنم عن المياه فهم أتوا ليسقوا قال ما
خطبكما لماذا تمنعون الغنم عن المياه ( قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ
كبير ) فلقد وضع الدستور للمرآة ( دستور ) ( وأبونا شيخ كبير ) فبينت علة الخروج
فى الخارج فمهمة المجتمع الإيمانى أو الرحمى أو القريبى فلما واحد يرى إمرأة من
أقاربها أو من المسلمين تخرج لعمل يقضى لها حاجتها لكى تذهب لبيتها مطمئنة ( فسقى
لهما ) فموسى فى حياته المجتمعية أقل من محمد صلى الله عليه وسلم ( فخرج منها
خائفا يترقب ) ( وسقى لهما ) فلما سقى لهما فهذا مهمة المجتمع مع النساء إذا وجدها
تريد فعل شىء يقضى المجتمع لها حاجتها ويجعلها تذهب لبيتها مطمئنة ( فلما سقى لهما
وتول إلى الظل ) يدل على أنه فقير ( موسى )
( رب لما أنزلت إلى من خير فقير ) فهل يوجد ضعف أكثر من
هذا ؟ فمحمد صلى الله عليه وسلم لم يكن كذلك فمحمد صلى الله عليه وسلم وهو صغير
كان يرعى الغنم على قراريط من المال أى على أجره ولما كبر أصبح مدير أعمال صديقه
يذهب ويكسب فمحمد صلى الله عليه وسلم فى الحياة المجتمعية أكثر من موسى ومع ذلك
أرسل الله موسى الذى هو أضعف من محمد صلى الله عليه وسلم إلى فرعون الذى هو أقوى
من عروة بن مسعود الثقفى فى ( الطائف ) ومن الوليد بن المغيرة فى ( مكة المكرمة )
( ولقد أرسلنا موسى ) إلى فرعون وخصوصا أن فرعون هو الذى ربى موسى حيث يذهب موسى
ليخرجه عن شىء ما فيقول له ( أو لم نر بربك فينا وليدا ) فالذى يريد الذهاب إلى
أحد رباه ويريد أن ينهره وينهاه فقد نوله الله ربه بشىء فقال له لا تفعل هذا حتى
لا يقولوا نحن الذين ربيناك ( فقل لهما قولا لينا ) لكى لا تمكنهم من جعلهم أنهم
يعايروك لأن الذى له جميل عند أحد ويأتى لمناقشته ( فقل لهما قولا لينا ) ( فلقد
أرسلنا موسى بآياتنا ) الآيات : آيات تثبت أنه صادق فى التبليغ عن الله ومعنى
الآيات : المعجزات ويشترط فى المعجزة أمرين :
1 ) أن يتحدى بها فلا يستطيع أحد عملها . 2 ) أن تكون من جنس ما بلغ فيه القوم .
فالعرب جاء لهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم
أهل فصاحة فالقرآن جاء أكثر فصاحة منهم لأنه جاء من جنس ما بلغ فيه العرب من
الفصاحة لأنه لو جاء بشىء لم ينبغوا فيه فيقولوا لو تعلمنا هذا لجئنا بأحدث ما جاء
به فهل أنتم متعلمين وأهل فصاحة وبيان فأنتم الأمة الوحيدة إلى أن تقوم الساعة فأمم
الحضارات لم تفعلها فأنتم عملتم معرض للكلمة فالأمم تعرض الصناعات التى تنبغ فيها
فالعرب لم يفعلوا معرض للصناعات بل معرض للكلمة ( سوق عكاظ ) للشعر والكلام والأدب
والبلاغة والفصاحة فموسى كانت معجزته فى السحر فقومه كانوا مشهورين فى السحر فهو
يقوم بعمل كالسحر وإن لم يكن سحرا ( بآياتنا ) العصا ويديه فى جيبه تخرج بيضاء من
غير سوء آية أخرى ) وسوف تأتى له آيات أخرى ولما خرج من مدين هو وأهله جاء له
الوحى والنور فى جبل الطور فلم يذهب للبحث عن النار يصطلى بها أو يقتبس بها (
فنودى ) ( استمع لما يوحى )
( ما تلك بيمينك يا موسى ) فالله يكلمه فلابد أنها مسألة
عظيمة فأخذ موسى يرتعش فجعل الله له أنس ليرتاح قليلا ( ما تلك بيمينك يا موسى )
كان يكفى فى الجواب عن السؤال أن يقول عصا فالله يعرف أنها عصا فقال ( هى عصاى )
فهى ليس لها أهمية ( هى عصاى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى ولى فيها مآرب أخرى )
دليل على أنه يرعى الغنم فالغنم تأكل حشائش الأرض فإذا لم تجد الطعام تأكل من
الأشجار لتأكل الورق فلقد زودها كثيرا فكان يكفى أن يقول عصا فهو رأى أنه قد زود
عليها فقالها إجمالا ( ولى فيها مآرب أخرى ) فلما أنس بالله هذا علمك بها أما عصاك
فهى لدى عندى مآرب أخرى فقد بين له قال ( ألقها يا موسى ) فألقاها فلما ألقاها
فإذا هى حية تسعى فلقد انقلب من عصا جماد إلى حيوان حية لها حركة وحياة ( فأوجس فى
نفسه خيفة موسى ) قال له ربه ( لا تخف إنك أنت الأعلى ) فالقرآن كرر مسألة العصا
والحية كم مرة ؟ ففى المرة الأولى كانت للتجريب عليها حتى إذا ذهب لفرعون لا يفاجأ
ولا يخاف فلم يطمئن إلا أن يرمها فالمرة الأولى كانت للتجربة والمرة الثانية عند
فرعون فقال له فرعون أنت ساحر ولا بد له من جمع السحرة وجاء السحرة من كل مكان
والثالثة حينما جمع السحرة ( 3 مراحل ) لكى يطمئن إلى أن العصا لما يرميها ستبقى
حية ولما اجتمع السحرة حشروا له كل السحرة فقالوا أتلقوا أم ألقى أنا قال بل ألقوا
فألقوا حبالهم فخيل للناس أنها تسعى فآية العصا جعل لها ( 3 مواقف ) :
1 ) مع الله ليدربه على العملية ولا يجعله يخاف ولكى
يطمئن .
2 ) مع فرعون نفسه .
3 ) فالمسألة
تريد جمع السحرة فجمع السحرة لميقات يوم معلوم ( يوم الزينة ) فلما اجتمعوا قال
لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم فخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى فألقى
موسى عصاه وأصبحت حية كبيرة تلقف ما صنعوا فهذا ليس سحرا لأن الساحر يرى العصا عصا
والحبل حبل أما المسحور فهو الذى يشاهد السحر فقد رأوا حية صحيح فهذا ليس سحر فقد
خروا وسجدوا ( قالوا آمنا برب هارون وموسى ) فيوجد فرق بين السحر ومعجزة موسى
فالسحر تخييل ( يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى ) تقييم ليس حقيقة فالمسحور سحروا
أعين الناس بالتخيل وسحروا أعين الناس لكن لما رأوا شاهدوا شىء مختلف تماما فهذه
آية حقيقية فلقد سجد السحرة وآمنوا
ليس بموسى فهذا ليس فعل بشر فنحن معلمين فى السحر فقالوا
ليس آمنوا بموسى ولكن برب هارون وموسى ( قالوا آمنا برب هارون وموسى ) لأن المسألة
ليست مسألة بشر أما فرعون تزعزع حيث قال لهم ( آمنت له قبل أن آذن لكم ) فالأخذ
أنهم آمنوا قبل إذن فرعون فكأن فرعون كان يجب أن يأذن لهم حينما رأى المسألة ولكن
السحرة سجدوا وآمنوا برب هارون وموسى فقال لهم فرعون ( لأقطعن أيديكم وأرجلكم من
خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين ) فقالوا له افعل ما بدا لك فنحن عرفنا الحقيقة فقد عرفنا
الفرق بين السحر تخييل والذين ينظرون هم المسحورون لا الأشياء
( وسحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بإفك عظيم ) فالحق
سبحانه وتعالى تأكد لموسى فى المرتين ( فرعون والسحرة ) أن الكلام الذى قال له
الله فى التجربة حق لا تتخلف عنه ( قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى )
اطمئن لا تشك فى أنها تأتى أو لا تأتى فهذه آية من الآيات .
الآية الأخرى ( اسلك يدك فى جيبك تخرج بيضاء من غير سوء
آية أخرى ) فموسى كان أسمر اللون فالقرآن حينما أخبر أن السحر تخييل ليس بحقيقة (
وسحروا أعين الناس ) فقد ثبت أن السحر تخييل وفى الجن قال الله فيه ( وأنه كان
رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ) فى سورة الجن والجن حينما يأتى
هل سيأتى على حقيقته أم سيتشكل فى أى حاجة مادية يعمل إنسان أو كلب أو ذئب فما
يدريك أن السحر يسخر جن والجن يتشكل كيف يشاء ( يخيل إليهم من سحرهم أنها تسعى ) (
وسحروا أعين الناس ) وهى ليست لها حقيقة .
( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملأئه ) وإن
الآية الأولى العصا والثانية اليد يسلكها وتوجد آيات أخرى ( وما نريهم من آيات إلا
هى أكبر من أختها ) وفى آية أخرى قال ( إلى فرعون وهامان ) مرة قال ( إلى فرعون )
الكبير ومرة قال ( إلى فرعون وهامان ) ( فقولا له قولا لينا )
( بآياتنا إلى فرعون وملأئه ) ملأئه يعنى قومه مأخوذة من
ملأ يعنى ملىء العيون أى مكانة مرموقة فى المجتمع وليسوا مجهولين فى المجتمع وقال
( إنى رسول رب العالمين ) ( فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون ) لأن الساحر
حينما يقوم بشىء عجيب تضحك فالآية أثرت فيهم فى أنهم يضحكوا فقط إنما إيمان فلم
يؤمنوا ( وما نريهم من آية ) أى معجزة تقنعهم بصدق موسى فى البلاغ عن ربه ( إلا هى
أكبر من أختها ) ( ما نريهم من آية ) أى آيات كثيرة ومتعددة ( إلا هى أكبر من
أختها ) كأنهم آيات ( ما نريهم من آية فى واحدة إلا هى أكبر من الثانية ) فكل آية
كبيرة إذا قورنت بالغير كلهم كبيرة ) فهذه كبيرة من جهة وصغيرة من جهة أخرى فهى فى
ذاتها كبيرة لأن الآية المقصود منها إثبات شىء ليس فى طاقة البشر وما دام كل آية
مؤداها إثبات أنها شىء ليس فى طاقة البشر والذى يتحدى بها فهذه الآية جاءت لهذا
المعنى فهذه قد تكون صغيرة ( فلما أخذنا آل فرعون بالسنين ) القحط ( ونقص من
الثمرات لعلهم يتذكرون ) الآية ( 130 / الأعراف ) فهذه دون آيات السحر الأولى حيث
أتى لهم بالقمل والضفادع والجراد والدم آيات مفصلات فهى فى كونها آية مخالفة أو
يعجز عنها البشر تبدو آية كأختها ( وما نريهم من آية إلا هى أكبر من أختها
وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون ) عن المجادلة والمكابرة ( ولقد أخذنا آل فرعون
بالسنين ونقص من الثمرات ) ( ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ) أى القحط والثمرات
فهذه الأشياء تتعبهم فهم جوعى ويوجد لديهم هزال فهم مشغولون برزقهم وطعامهم
وأرسلناعليهم الطوفان ثم الجراد ثم القمل ثم الضفادع ثم الدم فلما تعبوا ذهبوا
لموسى فقالوا له ( يا أيها الساحر ) فهو تفوق عليهم فى مسألة السحر لكن كلمة
الساحر ليست فقط فى السحر فالساحر هو القوى فى العلم أو فى أى شىء بحيث لا يستطيع
أحد فعل نفس الشىء الذى يفعله الساحر بدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد
عليه الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم من سادة قريش ولقد عرفهم ببعض فعمرو بن
الأهتم يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الزبرقان بن بدر هو من سادات قومه
وكريم وشجاع فقال الزبرقان بن بدر يا رسول الله إن عمرو بن الأهتم يعرف عنى فوق ما
قال ولكنه جحدنى فضلى فهو لم يقل على كل صفات الكمال الموجودة فى الزبرقان بن بدر
فقال عمرو بن الأهتم يا رسول الله إننى قلت فيه ما قلت وسوف أقول والله إنه للئيم الأب
أحمق الخال ضيق العقب والله يا رسول الله ما كذبت فى الأولى وقد صدقت فى الثانية
ولكننى رضيت فقلت أحسن ما علمت وغضبت فقلت أسوأ ما علمت فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم ( إن من البيان لسحرا ) فالسحر التفوق فى أى ناحية من أى نوع فالساحر فى
السحر غلبته فتصرفات الساحر تدل على أنه ملم بأشياء كثيرة حيث جاء بالسنين والقحط
ثم الطوفان فكيف عملها دليل على أنه قوى فى العلم ( يا أيها الساحر ادع لنا ربك
بما عهد عندك إننا لمهتدون ) فهل يوجد مهانة فى أن يذهبوا لموسى عليه السلام وهم
يكذبونه فيقولوا له ( ادع لنا ربك ) فأنتم تعرفون أن له صلة بربه ( ادع لنا ربك )
فربك يجاملك فى أشياء كثيرة منها قلب العصا حية ( ادع لنا ربك ) فأول شىء عرفوه
أنه جاء من رب
( قالوا يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا
لمهتدون ) أى مما أعطاك فى المآجر فإن كشفت عنا العذاب إنا لمهتدون قالوها بلسانهم
ولكن مضمرين فى قلوبهم الكفر ( النفاق ) بدليل قول الله فيهم ( فلما كشفنا عنهم
العذاب إذا هم ينكثون ) فقولهم إننا لمهتدون ليس صحيحا فقالوها بلسانهم وليس
بقلوبهم فسحرة فرعون الذى أتى بهم وانهزموا أمام الرجل ( موسى عليه السلام )
أنه عمل شيئا يضايقهم بالسنين والقحط ثم الطوفان والجراد
والقمل والضفادع والدم فربوبية فرعون اهتزت لأنه حينما أخذهم بالسنين القحط إن كان
إله أو رب فسيرى مسألة الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فلم يحدث فربوبية
فرعون أصبحت فى مكانها أم اهتزت بلى قد اهتزت فخاف فرعون من أن الاهتزاز يضعف
مكانته عند قومه فماذا يقول ؟ ( ونادى فرعون فى قومه قال يا قوم أليس لى ملك مصر
وهذه الأنهار تجرى من تحتى ) فلم يأت بمسألة الربوبية فهذه الهزة جعلت فرعون فى
مسألة الربوبية تبهت عنده لكنه قال إننى ملك مصر فما هى مصر أى العاصمة
( القاهرة ) فتوجد عواصم كثيرة تأخذ اسما والاسم يدل على
محيط كبير من المحافظة فالفيوم بلد وأصبحت محافظة الفيوم وقد يطلق الوصف على الاسم
على بقعة مخصوصة فيها الرئاسة ويطلق على الأرض المرءوسة لهم كلهم وكذلك القليوبية
وباقى المحافظات فى مصر فمصر كان لها اسم العاصمة ( القاهرة ) واسم من البحر
الأبيض المتوسط شمالا فى الاسكندرية وأسوان جنوبا فعاصمة مصر ( القاهرة ) ولكن ملك
مصر فكل ذلك من البحر الأبيض المتوسط شمالا وصولا للاسكندرية ثم أسوان جنوبا
فيعتبر كل ذلك مصر ( أليس لى ملك مصر ) سؤال تقريرى حيث قالوا له إن الربوبية هدئت
لأن الهزة التى حدثت لفرعون هى فى مسألة السحرة وفى مسألة القحط والطوفان والقمل
والضفادع والجراد والدم فلقد هزت فرعون فى الربوبية فمسك الملك معقول
( أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى ) فكلمة
ملك وكلمة مصر والأنهار تجرى من تحته ( 3 أشياء ) فعند تفسير كلمة ( ملك ) فتوجد (
م ) و ( ل ) و ( ك ) ( م ) مرة تأتى مكسورة ومرة تأتى مفتوحة ومرة تأتى مضمومة فإن
كانت ( م ) مكسورة نقول ( ملك ) بكسر الميم فكل واحد يفعل شىء فى حوزته يصبح ملكا
بكسر الميم و ( ملك ) بضم الميم إدارة وسيطرة على من له ملك بكسر الميم على الكل و
( ملك ) بفتح الميم أى ليس من قطرنا ( ما أخلفنا موعدك بملكنا ) أى غصب عنا أخلفنا
الموعد فتوجد ( م ) فيها ( 3 ) ( ملك / بكسر الميم ) و ( ملك / بضم الميم ) و (
ملك / بفتح الميم ) فإذا ذهبنا إلى ( ل ) ملك بكسر اللام أى من البشر أو ملك بفتح
اللام أى الملائكة وملاك الأمر أى قوامه وحجته إذن ( م ) و ( ل ) و ( ك ) تدور حول
معانى متعددة ( أليس لى ملك مصر ) أخذ بضم الميم فى ملك فما الفرق بينها وبين ملك
بكسر الميم الملك الذى يدخل فى اختصاص أى أحد ويتصرف فيه فيوجد واحد يملك الكل
عنده ملك وهو يبقى ملك ( أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى ) فلما يملك
المالك الملك يملك الذى ملكه والذى لهم ملك والملك علم على السيطرة لكن كلمة ملك
ومالك أى شىء يصبح مالك ( وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ) ( فهم لها
مالكون ) فكل واحد يقال له مالك وليس كل واحد يقال له ملك فمالك للأفراد ومالك لمن
يملك هذه الأفراد ففى سورة الفاتحة يقال ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله
الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين ) فيوجد ملك
التقوى لأن المالك يملك من له ملك وتوجد قراءة أخرى ( ملك يوم الدين ) فلماذا أتى
بهذة لغة حفص المشهورة ( مالك يوم الدين ) فمرة يأتى بالشىء الأدنى أدل على القدرة
من الشىء الأعلى فملك أقوى من مالك لأن الملك يملك المالك فاختار الله المالك
لماذا ؟ لأنه يقول ( مالك يوم الدين ) وعامل منكم أناس يملكون الأرض واناس يملكون
العمارة وهو ( مالك يوم الدين ) فلما يقول مالك فغيره لا يملك يوم القيامة ( لمن
الملك اليوم لله الواحد القهار ) فمالك الأن هى النافعة لأنه يتكلم عن يوم الدين
وشىء آخر فنحن فى إقامة الصلاة أو فى الآذان نقول ( الله أكبر ) ونأتى فى التحريم
نقول
( الله أكبر ) فالله أكبر تحتها كبير لكن الأكبر أكثر
قليلا من الكبير لكن ليس من أسماء الله الأكبر إنما من أسماء الله الكبير فالله
اختار الكبير لكن فى أكثر منها الأكبر وعملها فى الاحرام لا يأتى بالله أكبر فيقال
الله كبير لكنها لها حكمة فأمر الشىء الأدنى له موضع من الشىء الأعلى لماذا ؟
لأنها الموجودة فى ( الله أكبر ) حيث يدعو الناس من مصالحهم وأعمالهم إلى أن يأتو
للصلاة وإن مصالحهم وأعمالهم مشروعة لله فهى كبيرة لأن كل وسائل الحياة بها فالله
يدعوك لترك مصالح الحياة إنما أدعوكم لشىء أكبر من مصالح الحياة لأن مصالح الحياة
فى ذاتها كبيرة ( إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع )
كأن البيع والشراء لأن إعمار الدنيا بها
( فذروا البيع ) فالصفقات التجارية بيع وشراء فلم يقل
شراء وبيع لماذا ؟ لأن الشراء قد يشترى الإنسان وهو مكره إنما البيع كل واحد يريد
أن يبيع لأن ثمرته فى وقتها يعطى فيربح إنما الزارع والصانه فالزارع ينتظر حتى
تنمو الزرعة والصانع ينتظر حتى يبيع الصناعة إنما الحاجة العاجلة ماذا ؟ ( وذروا
البيع ) أهم حاجة تؤدى إلى الربح فما دونها أولى ( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا فى
الأرض وابتغوا من فضل الله ) فالبيع بيع وبعدها نذهب للأرض ونقوم بآداء مصالحنا
يبقى كبير ولكن دعوة الله إليك أكبر من الكبير لماذا ؟ لأنك تشتغل فيما خلقه لك
الكبير بالقوة التى خلقها وفى الأرض التى خلقها بالعقل والعلم الذى خلقه فأنت ذهبت
إلى هبة الكبير بالأكبر من الكبير فالأكبر هى التى تناسب رغم أن من أسماء الله
الكبير ( ونادى فرعون فى قومه ) فى الخيبة التى حدثت له فى هذه المسألة حيث أن
الكل يعرفها فقال إننى كنت أدعى الربوبية إنما الذى فضل لى الملك ( ونادى فرعون فى
قومه ) أمر أن ينادى فى قومه ( قال يا قوم أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من
تحتى ) فمصر هل هى القاهرة أم هى البقعة من الاسكندرية شمالا حتى أسوان جنوبا (
أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى ) فأخذ أولا ملك مصر فمصر اسم علم على
هذه البقعة وهى مكونة من ( 3 حروف ) ( م ) و ( ص ) و ( ر ) لأن الاسم يأتى على ( 3
و 4 و 5 ) إن كان مجردا وإن زيد فيه إلى ( 7 أحرف ) فمصر أتت من أقل تكوين الحروف
يعنى لفظ سهل وخصوصا إذا كان أولها مكسور وأوسطها ساكن ليعطى خفة فكلمة مصر
موسيقية ( أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى ) فالكلمة الجميلة ( مصر )
ولذلك تجد مقدسات الله فى الأرض ( مكة / المدينة ) فمكة مذكورة مرة واحدة فى
القرآن والمدينة ومصر مذكورة ( 5 مرات ) فى القرآن المعجز والذى يقرأ تعبدا فى كل
وقت ( أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى ) واحدة
( وقال الذى اشتراه من مصر لأمرأته أكرمى مثواه عسى أن
ينفعنا أو نتخذه ولدا ) الثانية ( اهبطوا مصر ) لها كلام آخر ( ادخلوا مصر إن شاء
الله آمنين ) الثالثة ( ادخلوا مصرا ) بالتنوين لماذا ؟
( ادخلوا مصر ) و ( ادخلوا مصرا ) ( اهبطوا مصرا ) أى
مصر فيه الذى تريدون لكن أى مصر فهل تدخل فيه مصر فالقرآن يأتى بمصر فهو معجز وفى
اللوح المحفوظ ( أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى ) فكم نيل فى مصر إنه
نيل واحد ( نهر النيل ) وله فرعان فرع دمياط وفرع رشيد فالأنهار جمع فعندما يقوم
أحد بتوسيع رقعة مكان فيأتى بأشرف مكان والذى يطل على البحر فتم عمل ( 5 لفات
للبحر ) ليبقى كم شاطىء لدى مصر ( 10 شواطىء ) فكل واحد يتمتع بالبحر فالأنهار جمع
نهر فلابد أن يكون أكثر من ( 2 ) فعن طريق قراءة التاريخ أيام الفراعنة كان يوجد (
5 أنهار ) فيوجد نهر ( الملك ) عليه قصر الملك الأساسى ويوجد نهر آخر ( دمياط )
نسبة لمدينة دمياط ويوجد نهر ( تنيس ) والعجيب أن هناك نهر من الأنهار ( نهر طولون
) فنهر طولون ظهر فى دولة المماليك فما الذى جعله نهر طولون فنهر طولون كان فيه
الفرع الذى كان يسميه الخليل والذى هدمه طولون فنسب جديدا إليه لأنه فتحه مرة أخرى
فعن طريق الاستنباط أنهم عملوا
( 5 أنهار ) حتى يكثروا من الشطئان التى تطل على البحر .
( قال يا قوم
أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون ) فالأنهار جمع نهر فيوجد
( 5 أنهار ) منها ( نهر الملك / ودمياط / وتنيس / وطولون ) والذى ظهر فى دولة
المماليك فنهر ( طولون ) كان فيه الفرع المسمى بالخليل والذى هدمه طولون فنسب
جديدا إليه لأنه فتحه مرة أخرى .
فالأنهار متعددة لماذا ؟ لأنه عندما يقوم أحد بتوسيع
رقعة مكان فيختار أشرف مكان والذى يطل على البحر فتم عمل ( 5 لفات للبحر ) ليبقى
كم شاطىء لدى مصر ( 10 شواطىء ) فكل واحد يتمتع بالبحر فلا بد من تجميع الأنهار
عند القناطر الخيرية وعدم الأخذ من الأراضى الزراعية والتى تأخذ من الماء إلا بقدر
حجمها فيتم ملىء الأرض بالمياه ولعدم التعدى على الأرض الخضراء فننظر للرجل الذى
قام بإنشاء مصر الجديدة فلما أنشأ مصر الجديدة لم يتعدى على شبر من الأرض الزراعية
بل ذهب للصحراء وعمل من الصحراء حديقة فلم يتعدى على أخضر وزاد أخضر فى البساتين والذى
بنى فيه مدينته (مصر الجديدة ) فيوجد مساحات مائية فى مصر والتى تتمثل فيما يأتى :
1 ) الرياحات
2 ) الفروع الآخذة من الرياحات .
حيث أن كل من عليها طرق من اليمين والشمال فنجد الرياح
كم متر والطريق كم متر ونعمل أعمدة مسلحة فوق ونسقفها ونبنى كل مؤسسات الدولة فيها
فالرياح طويل ولكى لا نكتم الشمس عن الرياح فنبنى نفق بطول الرياح فيه كل ( 100
م ) أو ( 200 م ) نترك ( 200 م ) خلاء ومن
البلد للبلد تأخذ المؤسسات التى هنا وهناك فلما يزيد الناس فلهم أراض زراعية نعطى له
قطعة فى الأرض الزراعية يقوم ببنائها ( وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون )
من تحته أم من تحتها الأنهار ؟ فيوجد من تحتها ويوجد من تحته كأن للأنهار تأتى
للبساتين لكن فى القصر الذى جلس فيه فرعون قالوا ( حتى أنه صنع تحت السرير الذى
ينام عليه مجرى ماء فأى من مجرى فى كل
اتجاه ( وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون ) فلا تهتزوا بأن السحرة فقالوا
كذا وكذا لأنه خاف أن تهتز الربوبية ويهتز مع الربوبية الملك ( قال يا قوم أليس لى
ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى أفلا تبصرون ) فكلمة الأنهار من تحتى فالموجود
فى مصر كم نهر ( 4 ) والموجود فى الجنة ( 4 أنهار ) فالله خالق نموذج للجنة فأقرأ
القرآن ( فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر
لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى )
( 4 أنهار ) فالرسل أخبرت بذلك لقومهم فالفراعنة
سيأتيهم الكهنة والكهنة هى التى تخدم
دينهم فى السماء عن طريق الكاهن حتى قالوا إن العلوم التى عرفها الفراعنة وبنوا
عليها الهرم بدون مونة تحته التفريغ الأول ثم الأشياء المحنطة ثم الصخرة الكبيرة
كيف ترتفع المسافة الكبيرة هذه والحبوب الموجودة فما زالت الحبوب موجودة كما هى لم
تفسد بمرور الزمن فما دام كهنة بحضورها فى السماء فلما انتهت انتهى معها العلم
الذى كان يقوموا به فى آداء مصالحهم الدينية والدنيوية والشىء الذى فعله فرعون من
الأوتاد وأبو الهول فأرقى الأمم حضارة تأتى لترى العجائب الموجودة ( وفرعون ذو
الأوتاد الذين طغوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربهم سوط عذاب ) (
أفلا تبصرون ) فأنتم رأيتم كل ذلك فقال ( أم أنا خير من هذا ) أم للإدراك
( أى أنا ) بمعنى ( بل أنا ) ( خير من هذا الذى هو مهين
) فهو ضعيف فليس له جيوش ولا جند وحتى أنه لا يستطيع الكلام ( ولا يكاد يبين ) فيوجد
فعلين ( مهين / مبين ) وفى الخصام لا يستطيع إظهار طبيعة الخصام وأسبابه لأن موسى
عليه السلام كان فى لسانه ردة فالكلام لا يظهر بوضوح وهو صغير قال كلمة لم تعجب
فرعون قال إن هذا الرجل سيأتى بالنبوءة وسوف يقتلنا هنا فقالوا له إنه ما زال
صغيرا ولا يعرف أى شىء فأتى به وانظر ماذا يقول ( وأخى هارون هو أفصح منى لسانا
فأرسله معى ردءا يصدقنى إنى أخاف أن يكذبون ) ( ولا يكاد يبين ) فلما يريد الله أن
يبعث رسولا لا يبعثه فى أحسن حال ( عليه إسورة من ذهب ) ( فلولا ألقى عليه أسورة
من ذهب أو جاء معه الملائكة ) فهم يريدون شىء مادى يرفعه فيوجد لديه ( أسورة ذهب )
وله شىء معنوى نؤيده ( تأتى الملائكة معاه
فتؤيده ) ( مقترنين ) ( مصاحبين له ) فاستخف قومه بهذا الكلام استخف بمعنى جعلهم
خفاف ( فاستخف قومه ليبقوا على الفساد والضلال الذى كان عندهم ) ( فأطاعوه إنهم
كانوا قوما فاسقين ) فالذى يسير فى الضلال فهو الذى ينتفع بالضلال فما دام الذى
ينتفع بالضلال فيحارب الذى يعمل بالهدى والذى يعمل ضلال يؤيده ( فلما آسفونا )
كلام الحق ( آسفونا )
بمعنى ( أغضبونا ) فيجعلوا لنا نعمل للأسف ( فانتقمنا
منهم فأغرقناهم أجمعين ) فى البحر
( فجعلناه مثلا وسلفا للأخرين ) فما هو السلف والمثل ؟
السلف هو ما تقدم فإنهم متقدمين بهذه المسألة حينما قال ( آسفونا ) ( فأغرقناهم
أجمعين ) ( اضرب بعصاك البحر فانفلق ) ( فانتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعبن ) (
فجعلناهم سلفا ومثلا للأخرين ) سلفا أى يتقدمون فالناس تعتبر بهم فيروا نتيجة من
كذب الرسل فى الدنيا فالحق سبحانه وتعالى ( ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب
الأكبر ) العذاب الأدنى : فى الدنيا
والعذاب الأكبر : فى الآخرة ( فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ) ( ولما ضرب
ابن مريم مثلا إذ قومك منه يصدون ) فمن الذى ضرب المثل الله عز وجل هو الذى ضرب
المثل فلما قالوا ( إن عيسى مخلوق من أم بدون أب ) فالله رد عليهم بقوله ( إن عيسى
لديه أم لكن آدم ليس له أب ولا أم ( إنما مثل عيسى عند الله كمثل آدم ) ولكن آدم
أعرق فى الانجاز من عيسى لأن عيسى من أم بلا أب وآدم بدون أب وأم فما قدر على
الأدنى يقدر على الأعلى فتوجد آية فى قوله تعالى ( إنكم وما تعبدون حصب جهنم )
الآية تبين أن عبادة غير الله هو والذى يعبده سيكون وقود جهنم فجاء ( عبد الله بن
الزبعرة ) قبل أن يسلم ولقد أسلم بعد ذلك فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال
له يا محمد هذه الآيات لنا أم لجميع الخلق فقال له النبى لجميع الخلق فقال له موسى
عبد وعزير عبد والملائكة عبدوا من بنى مليح فهل هؤلاء سيذهبون للجنة أم النار ؟
فالذين عبدوهم فالكلام قوى جدا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن يوحى
إليه فلما نزلت الآية ( والذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ) بلغت على
كرم الله وجهه فلم يكن حاضرا وقول الله ( وإنكم وما تعبدون ) ضمان لغير العاقل فلا
يدخل فيها عيسى ولا يدخل فيها عزير ولا الملائكة فكيف أتى بها علي كرم الله وجهه ضمان
لغير العاقل لأن العاقل يقول من وهذا دليل على أن على شديد فى الفتوى فكلها من حوض
النبى وغيره أخذ من الجاهلية الكثير فكل الذى أتى به على من نور النبوة فلقد صدقوا
ولذلك عند الخلفاء الكبار عمر بن الخطاب رضى الله عنه
يأتى الوحى وفق ما يرى فالوحى ينزل بالقرآن كيفما يرى
عمر بن الخطاب رضى الله عنه فكان يقف فى مسائل ليس لها إلا الامام على فلما عرضت
عليهم امرأة ولدت بعد ( 6 أشهر ) من الزواج فيريد رجمها فالولادة والحمل لا بد أن
تكون ( 9 أشهر ) وليس ( 6 أشهر ) لماذا ؟ قال يا بن الخطاب هذا ينافى قول الله قال
له إقرأ القرآن ( حمله وفصاله ثلاثون شهرا ) ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين
كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) فعن طريق طرح ( 24 من 30 = 6 ) ولما دخل على عمر
ووجده غضبان فأمسك بالدرة التى يملكها ويضرب بها حذيفة ( ما لى أراك مغضبا يا أمير
المؤمنين فسألت حذيفة كم أصبحت فقال أصبحت أحب الفتنة وأكره الحق وأصلى بغير وضوء
ولى فى الأرض ما ليس لله فى السماء فلقد صدق والله يا عمر قال أتقولها يا أبا
الحسن إنما قول الله ( إنما أموالكم وأولادكم فتنة ) يحب ماله ويعير ولده ويكره
الحق أى يكره الموت لأنه لم يستعد له ( ويصلى بغير وضوء ) على النبى صلى الله عليه
وسلم فهل عندما نصلى على النبى نتوضأ ( وله فى الأرض ما ليس لله فى السماء ) له
زوجته وله ولد فهل الله عنده الزوجة والولد بئس المقام لأرض ليس فيها أبو الحسن
فالامام على كيف يستنبط فتواه ؟ يستنبط فتواه من نور النبوة فالإنسان تأتى له
الأفكار فعن طريق اختلاط المعلومات تتكون الأفكار الجديدة فليس عنده معلومة جاهلية
إنما معلومات إسلامية فلا يأتى إلا بالحق المبين الواضح فالله خلق فى الأرض أشياء
كثيرة جدا فنريد رؤية أقوى شىء فيها ماذا ؟ فالجبال والحديد فمر أبو الحسن فقال ما
خطبكم قالوا ما أشد جنود الله يا أبا الحسن فكأنه عارف أنه سيشتغل ويحضر الجواب
بدليل أنه حصر العدد قبل أن يتكلم فى المعبود كأنهم ( 10 ) فيعرف مقدما أنهم ( 10
) ( الجبال الرواسى )
و ( الحديد يقطع الجبال ) و ( النار تذيب الحديد ) و (
الماء يطفىء النار ) و ( السحاب مسخر يحمل الماء ) و ( الريح تقطع السحاب ) و (
ابن آدم يطلب الريح ) يستتر بالثوب أو الشىء الملبوس ويمضى إلى حاجته و ( السكر يغلب
ابن آدم ) فعندما يسكريترنح ويسقط فى الأرض
و ( النوم يغلب السكر ) فلما يكون سكران وينام يفوق و (
الهم يغلب النوم ) فأحد جنود الله الهم فعن طريق سرد خطبة بنت محمد صلى الله عليه
وسلم ( فاطمة ) عندما ماتت كل ما يقولها يعيدها مرة أخرى فلما ماتت فاطمة دفنت بجوار
رسول الله صلى الله عليه وسلم فالصحابة
قالوا لعلى كرم الله وجهه لو أرضى أن كل أولاد النبى يدفنون فى المسجد يضيق
المسجد بالناس فقال دعوها نهارا وأنا أنقلها ليلا حتى لا نعجل بالفتنة فلما قام
بدفن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السلام عليكم يا سيدى يا رسول
الله عنى وعن ابنتك النازلة فى جوارك السريعة اللحاق بك قال يا رسول الله عن صفيتك
صبرى ورق عنها تجلدى إلا أن لى فى التعزى بمصيبتك موضع سلوى فقد وصيتك يا رسول
الله فى ملحودة قبرك وما فى بين سحرى ونحرى نفسك أما ليلى فمزهد وأما حزنى فسرمد
إلى أن يختار لى الله دارة التى أنت بها مقيم وستخبرك ابنتك عن حال أمتك فأصفها
السؤال واستخبرها الحال هذا وإن لم يطل منك العهد ولم يخل منك الذكر فيريد أن
ينصرف فالذى ينصرف عن حبيبه فهل حال الوقفة قال والسلام عليكما سلام مودع لا قال
ولا سئل فإن انصرف فلا عن ملالاة وإن نقل فلا عن سوء ما وعد الله به عباده
الصالحين فلما تمسك المسألة تجد درر فهذا هو الامام على كرم الله وجهه ( يقول الله
إنكم وما تعبدون ) ما لغير العاقل فعيسى ليس له من الأمر شىء والعزير ليس له من
الأمر شىء والملائكة ليس لهم من الأمر شىء ( ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه
يصدون ) وقالوا ( آلهتنا خير أم هو ) ( ما ضربوه لك إلا جدلا ) فهم يريدون
المجادلة فعزير وعيسى والملائكة هل سيدخلون النار معكم فما أهون أن تدخل آلهتنا
النار فهذا جدل والجدل مذموم إذا أصبحت تريد تبرير الباطل إنما إذا كنت تريد
الوصول للحق فقال ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتى هى أحسن ) وجادلهم فالجدل
فيه مذموم وفيه مرغوب الجدل الموصل للحق محمود إنما الجدل لتأييد الباطل مذموم (
ما ضربوه لك إلا جدلا ) ( يجادلونك بالحق بعدما تبين ) فهذا جدل مذموم ( ما ضربوه
لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ) معنى خصم لديه لدادة فى الخصومة ويأتى بالكلام بأى
شكل ليغلبك فيقال خاصمنى فخاصمته خاصمته بمعنى انتصرت عليه فى ( أنه إلا عبد
أنعمنا عليه ) فهو عبد من عبادنا فقالها فأشارت إليه ( قالوا كيف نكلم من كان فى
المهد صبيا ) ( قال إنى عبد الله آتانى الكتاب وجعلنى نبيا ) فلما يكون عيسى عليه
السلام يتكلم فى المهد أليست عجيبة من العجائب ولازم يعرفها الناس ( قال إنى عبد
الله أتانى الكتاب وجعلنى نبيا )
فكلمة ( أتانى الكتاب ) فآتاك الكتاب فى الكبر وجعلك نبى
( قال أتانى الكتاب ) بمعنى أن الذى يريده الله سوف يحدث ( إن هو إلا عبد ) عبد
محل العطايا الأولى وما دام تخلص العبودية لله يعطيك مما عنده ( عبد أتيناه رحمة
من عندنا وعلمناه من لدنا علما ) فما دام أنه عبد ذليل فيشتغل عيسى عند واحد أسطى
والصبى ملتزم فى عمله فالعبد الخالص لله يعطيه فوق الرسالة التى جاءت إليه يعطيه
شيئا من عنده بدليل أن الله سبحانه وتعالى حينما تكلم عن الاسراء ( سبحان الذى
أسرى بعبده ) فالعبودية كأنها محل العطاء ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه ) أنعمنا
عليه بماذا ؟ باستفاء الرسالة وخلقناه على غير لسان من خلق البشر ( وجعلنا ابن
مريم وأمه آية ) واحدة فابن مريم وأمه يكونان الآية ( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه )
بطريقة غير طريقة البشر وهديناه النبوة وجعلناه مثلا لبنى اسرائيل لأن بنو اسرائيل
كانوا ماديين جدا كل شىء غيبى يريدونه بالمادة بدليل قولهم ( أرنا الله جهرة ) (
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ) فهم يريدون شىء مادى فالله أعطاهم المن
والسلوى فالمن الذى يأتى على الشجر يسود وموجود ناحية العراق والسلوى الطير الذى
يأتى إليهم فرزقهم من المن والسلوى .
( إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبنى اسرائيل
) لأنهم أخذوا يشككوا فقال لهم ( إن مثل
عيسى عند الله كمثل آدم ) فعيسى له أم بدون أب أما أدم فليس له أب ولا أم ( إن مثل
عيسى عند الله كمثل آدم ) ( وجعلناه مثلا
لبنى اسرائيل ) ( ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة فى الأرض يخلقون )
فقدرة الله ليس لها حدود فتوجد طلاقة قدرة ( وإنه لعلم
للساعة ) أى أنه سوف يعطينا علم الساعة فعلم الساعة لا أحد يعرفها أى عندما يأتى
ذلك معناها أن الساعة اقتربت فعلم علامة على قرب الساعة ( وإنه لعلم ) أى علامة
للساعة ( أفلا تمترون ) لا تشكوا فى أمر الساعة ( واتبعونى هذا صراط مستقيم ) (
اتبعونى ) اجعلوا أنفسكم تابعين لى فتابعين لى بمعنى مقتنعين بكلامى ومقلديننى فى
أننى أسوة لكم فى حركات العباد ( ولقد كان لكم فى رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ) ( ولا يصدنكم
الشيطان إنه لكم عدو مبين ) فالأدلة تريد اثباتها والشيطان يريدوهم عاصين لأوامر
الله عز وجل فيحوم حولهم ويأتى إليهم بالشبه وقال / لأقعدن لهم صراطك المستقيم
فالناس تشتكى وقت الصلاة يأتى إليهم الشيطان بأشياء يفكر
فيها الإنسان أثناء الصلاة فهذا عمل
الشيطان فلما أتى به لشىء يخرجه عن
ورع الصلاة ( إنما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم )
فالشيطان إذا سمع اسم الله يخنس فلا يأتى وارد الشيطان مع وارد الرحمن أبدا فالآفة
أنه عندما تأتى لنا بفكرة حسنة نسعد بها ( ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين )
وعداوته عداوة من أيام أبيكم آدم عليه السلام حينما أمر مع الملائكة باسجود لآدم
سجود تكريم ثم امتنع إبليس عن آداء السجود
لآدم ولعن أى طرد من رحمة الله فقال بسبب لعنتى لآدم ( فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا
عبادك منهم المخلصين ) فما دام الله يريده لا يقدر عليه الشيطان فالله يريدك حيث
قال فى منهج الله وعندما يأتى الشيطان لك قل ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) (
ولا يصدنكم الشيطان ) فهذه فرصة فيقول لك إن عيسى بدون أب ولكنه أتى من أم أما آدم
فلم يأت لا من أب ولا من أم لماذا ؟ حيث يأخذ التفكير فى الأمر الكثير من الوقت
بدون فائدة ( ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين ) يبين لك العداوة ( ولما جاء
عيسى بالبينات ) الإنجيل والأحكام فماذا قال لهم ؟ قال لهم ( ولما جاء عيسى
بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم
بعض الذى تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون ) فالله سبحانه وتعالى يقول أنه أعطاه
الحكمة وإذا عرفنا معنى الحكمة سنقول إن الحكمة تكون فى الإنجيل والحكمة ما هى ؟ الحكمة
وضع الشىء فى موضعه المناسب له فعيسى أتى بعد اليهودية واليهودية مسرفة فى المادية
فقالوا ( أرنا الله جهرة ) وجاء لهم بالمن والسلوى فنحن لا نريد المن ولا السلوى
فيمكن ألا يأتى الطير ( السلوى ) ويمكن المن أن لا ينزل من على الشجر نحن نريد شىء
نعمله بأيدينا فكل شىء مادى عندهم فالغيبيات ماديات كذلك فقال لهم عيسى ( اهبطوا
مصرا فإن لكم ما سألتم ) فعن طريق قراءة التوراة لا تجد فيها كلام عن اليوم الآخر
فاقرأ التلمود فلا تأتى بسيرته اطلاقا فالايمان باليوم الآخر ركن من أركان الإيمان
( لن تمسنا النار إلا أياما معدودات ) إذن
فهم ماديون ولما يأتى دين بعدهم لازم يحارب النقص الموجود فى البشر من أجل إعدال
حال البشر لأحسن حال ممكن فعيسى سئل مرة عن ميراث فقال إنى لم أبعث مورثا فإن
المادية الطاغية أنا قابلتها بروحانية فالطاقة الموجودة التى تدفع المادية طاقة
روحانية عن طريق رب المواجيد الدينية فى النفس البشرية فالحياة تريد شىء مادى
تتفاعل معه فى الوجود وفيه أشياء مادية تعطينا
وإن لم نتفاعل بها كالشمس والقمر والنجوم والمياه والهواء تعطينا فنحن لا
شأن لنا بها وشىء يعمل لك إن عملت فيه كالأرض تزرعها وبعد الحرث يظهر لك الزرع
فنعم الله على العبد التى خلق من أجلها قبل أن يوجد نوعان :
1 ) نوع يعطيك الخير ولا صلة لك به تقدر تتناوله .
2 ) نوع إن فعلت معه ينفعل لك .
فالمطلوب أولا أن الشىء الذى نعمل فيه ينفعل لنا نزرع ثم
نحرث ثم نرى البذرة تنمو وتنضج بسلامة ونسقيها الماء إن فعلت هذا فالأرض تنفعل لك
وإن لم تفعل تصبح الأرض أرض بور لا حياة فيها ولا ماء ولا نفع منها وبعد الارتقاء
فى الإيمان فما دام مخلوقا فإن الأشياء التى تعمل لنا بدون طلب منا نقدر أن نأخذ
منها نفع فالشمس نأخذ منها طاقة شمسية لتشغيل الأجهزة الكهربائية بالطاقة الشمسية
فالقمر يضىء لنا ليلا ولما تقدم العلم قمنا ببناء الأقمار الصناعية وارسالها
للفضاء فى مدار حول الأرض ليأتى لنا بالأخبار من كل أنحاء الدنيا وفى وقت حدوثها
بالتحديد وفى زمن قصير جدا وهذه الأشياء تنفعك وإن لم تعمل لها وفى أشياء لا تنفعك
إلا إذا عملت بها وانفعلت بها والأشياء التى تعمل لك ولا تعمل فيها شىء من الممكن
أن نأخذ منها شىء جديد كما أخذنا من الشمس الطاقة الشمسية ومن القمر الضياء ليلا
فالحكمة أنه دين جاء بعد قوم ماديين لا بد أن يكون روحانى صرف فيأتى رسول يجمع من
الحياة ( ماديتها وروحانيتها ) فى دين واحد متكامل
( دين الاسلام ) ولما تقرأ فى نهاية سورة الفتح ( محمد
رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ) فالمسلم لا ينطبع على طبع
واحد فلا بد أن يكون لديه الضدين ( رحيم وشديد ) شديد على الكفار ورحيم على
المؤمنين فلما مدح المسلمين ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) فالاسلام لا
يطبع المسلم بطبع واحد بل يطبعه بعدة طباع حسب المواقف التى تحدث للمسلم من أشياء
( تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود )
أتى بأشياء كلها غير مادية كلها أشياء قيمية ( ركوع /
سجود / يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود تصوف صرف فهذه
أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورغم ذلك ( مثلهم فى التوراة ) التوراة مادية صرف
فجاء المثل الأول فى المسلمين الرحامية ( الركع
السجد / يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا سيماهم فى وجوههم
من أثر السجود فالنقص فى اليهودية فالمثل جمع الإثنين ( ذلك مثلهم فى التوراة )
فيها قيم كلها قيم لم يأت بالمادة فيها لأنهم يقولون بالمادة فلا يوجد للروح فيها
أثر ( ومثلهم فى الإنجيل ) فلم يأت بقيم ( كزرع أخرج شطئه فاستغلظ فاستوى على سوقه
يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار ) لا يجعل الكافر يستعلى على المؤمن فى خير الحياة
فى الإنجيل كل ذلك مادى والمثل فى التوراة روحانى فقد قال إن الاسلام قادم يجمع
بين المادية والروحانية ويخالف اليهودية لأن اليهودية مادية والاسلام روحانى ( ركع
/ سجد ) كأن دين الاسلام هو الدين الجامع للمادية مع الروحانية وهو الذى يصلح
لقيادة الحياة لأن الروحية لا تستقيم أبدا إلا إذا خدمتها المادية فكل أمر لا بد
له من جمع المادية مع الروحانية ليستقيم الأمر فلا يستقيم أمر الكون إلا أن توجد
فيه مادية هى التى تخدم الروحية ولذلك ( محمد رسول الله والذين معه مثلهم فى
التوراة ومثلهم فى الانجيل ) فجاء الدين جامع الذى صدق فيه قول الله ومهيمنا عليه
( وإنه عندنا لعلى حكيم ) فكل الأديان كتبها فى اللوح المحفوظ لكن القرآن على
( قد جئتكم بالحكمة ) الحكمة : وضع الشىء فى موضعه وأنتم
العالم اليهودى المحتاج إلى حقنة قيم فكل الاسلام قيم لكى نعدل تلك المادية
الموجودة فى اليهودية ( ولأبين لكم بعض الذى تختلفون فيه ) فكانت الإبل محرمة على
اليهود فالذى كان محرما عدله ( ولأحل لكم بعض الذى حرم عليكم )
( وعلى الذين هادوا حرمنا من كل ظفر ومن الإبل والبقر
حرمنا عليهم شحومهما ) فجاء عيسى ليقول لهم إن المسألة انتهت بظلم الذين هادوا
والذين هادوا ليس لديهم فالله يرفع تلك المسألة فالجمل كان محرما على اليهود لأن
خف الجمل ليس له أصابع والنعام ليس له أصابع والأوز والبط موجود بين الأصابع غشاء
رقيق ( لأحل لكم بعض الذى حرم عليكم ) ( لقد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذى
تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون ) ( إن الله هو ربى ) فلا بد أن يقول الله ربى
فجاء بضمير الغيبة ( ضمير الفصل والذى يفيد القصر ) الله رب أما غيره ليس برب ( إن
الله هو ربى وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم ) الصراط المستقيم : الطريق العدل الذى
يوصل للحقيقة من أقرب طريق وما دام طريق يوصل دائما الطريق من وإلى إلى وليس من
إلى ولكن الطريق المستقيم من الله إلى الله كذلك من الله تكليفا وإلى الله ثمرة
وأجرا طريق مستقيم من الله يوصل للغاية وما دام هو من عند الله تكليفا أولا وما
دام من الله فيجازى به الجنة ( إليه ترجعون ) ( فاختلف الأحزاب )
الأحزاب : جمع حزب ومعنى حزب جماعة واعتقاد وفكر يصير
أصل عملهم فى كل شىء يعمل مبدأ فلما تدخلت الأحزاب وتختلف تجتمع الأحزاب على عدة
أشياء فالأفكار البشرية كل واحد له حزب
( أحزاب الشيطان ) إنما الحزب الذى خلقه الله / فاختلف
الأحزاب من بينهم وقالوا ويل للذين ظلموا
ويل بمعنى هلاك من الله والويل أتى من القوى وهو الحق
سبحانه وتعالى ( فويل للذين ظلموا ) ظلموا من فيوجد شركاء لله ( إن الشرك لظلم
عظيم ) ( ظلموا أنفسهم ) لأن نفسه حدثته بشهوة فطاوعها لتذهب به للنار وتمنعه من
الجنة فأنت ظلمت نفسك فلو لم تظلمها لما منعك من أخذ الخير الآتى إليك ( وظلموا
الناس ) ( فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ) فالعذاب
مرة يوصف بأنه أليم يوجع وجع شديد للحس تعذيب للقلب وفى عذاب عظيم وفى عذاب مقيم )
فالعذاب له أوصاف متعددة إنما كلها تجتمع فى أنها من الله وما دام جاءت من الله
فهى منسوبة لقدرة الله على أقصى ما تكون من العقوق ( هل ينظرون ) فى الساعة ستقوم
فى أى وقت
( هل ينظرون إلا الساعة ) كان يجب ما دام ينظروا للساعة
ولا يعرفون معادها ( لا يجليها لوقتها إلا هو ) يخاف أن تقع فى أى وقت وما دام
يخاف أن تقع فى أى وقت فيبقى مستعد لها فى كل وقت كالموت فلقد أبهم الله زمنه
لماذا أبهم الله زمن الموت ؟ الإبهام هنا غاية البيان لماذا ؟ لأن إبهام الزمن
يوسع العظة فما دام الإنسان زمنه مبهم فيستعد للموت فى كل وقت وما دام زمنه مبهم
فمن السبب ليس ضرورى المرض فقد يكون الفرد سليما ويموت فجأة بدون أسباب معروفة (
والموت من دون أسباب هو السبب ) مات لأنه يموت فماذا ينتظرون ؟ ينظروا الساعة
فالساعة مجهولة كما أن الموت مجهول ( وأن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون ) ( الأخلاء
يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) الأخلاء جمع خليل والخليل هو الذى توده ودا
يداخل كل أعضائك حتى أنه متخلل فى جسمك ( ولما التقينا ضرب بالشوق جهده خليلين
ذابا لوعة وعتابا كأن خليلا فى خلال خليله تسرب أثناء العناق وغابا ) الخليل ذو
الحب والود والذى يدخل فى كل جوانب النفس فالشعراء كانوا يفهمون أن العشق فى القلب
فالحب الحقيقى ليس فى القلب بل فى كل الجوارح فالخطرات ذكرك تستثير المودة فعندما
يأتى أحد بذكرك تهيج الود لك فأحس منه فى الفؤاد دبيبا ليس فى قلبه لا عضو ولى إلا
فى صبابة ( هذه هم الأخلاء ) فلما يحبه بعض ليس بسبب المصلحة بيحبه لماذا ؟
لأنه لديه خير يعطى أو شر يمنع فلما تحبه فهل ترى للخير
له دوام أم لا فنحن نريد ود لا يضيع
( وتوكل على الحى الذى لا يموت ) هذا الذى نتوكل عليه
أما غيره ضائع ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) فالأخلاء يجتمعون على
إثم وفسق ويأخذوا بأيدى بعضهم البعض للعب القمار وشرب الخمر ومن عجيب الأمر أن
يأتى فى الموبقات فالقمار كمثل أحد يكسب والآخر يخسر فكل واحد فى القمار يحاول أخذ
كل ما فى جيب الآخر من الأموال بدون وجه حق فكيف يصبح خليلا
( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) الأخلاء
جمع خليل وهو الذى يألفه قلبه ويلين إليه قالبه حتى كأن الجسمين يتغلغلان فى بعضهما
البعض ( ولما التقينا ضرب الشوق جهده خليلين ذابا لوعة وعتابا كأن خليلا فى خلال
خليله تسرب فى العناق وغابا ) هؤلاء هم الأخلاء لكن هذه الخلة إما أن تكون على خير
أم تكون على شر فالخلة على الخير هى التى تعين على منهج الله
( يتواصون بالحق ويتواصون بالصبر ) فإذا رأى واحد أخاه على
غنى نهره وقاطعه حتى يعود للخير الذين ( اجتمعوا على منهج الله ) ( تحابا فى الله
) ( الأخلاء على الخير ) ( رجلان تحابا فى الله ) ويوجد أخلاء يزينون لأنفسهم الشر
ويجتمعون دائما على إثم وفسق وفجور فيجتمعوا على شرب الخمر أو يجتمعوا على لعب
القمار والذى يجتمع على تحليل الزنا فالخلة على الشر فهؤلاء الذين أحبوا أنفسهم
وهم على شر لأنهم يعينون بعضهم على الشهوات والإثم يكونوا أعداء يوم القيامة لماذا
؟ لأنهم وجدوا أن الشر الذين تحابوا من أجله جاء لهم بعذاب مقيم فكل واحد حينما
يرى الثانى يكرهه لأنه كان معه ولم ينهاه لكن المتقين يتحابون فى الله كالتلميذ
عندما يأتوا إليه بعض الناس ويرشدوه لأشياء أخرى حتى لا يذاكر فيأخذوه على القهاوى
وفى الشوارع فعندما يرسب فى الامتحان فساعة الجزاء لا يبقى على الحب إلا من كان
ابتلاؤه وحبه على خير وسوف يقولون فى الآخرة ( ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من
الأسفلين ) لماذا ؟ لأنهم وجدوا من عملهم الذين عملوه لم يتقوا فيه وجه الله (
الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) ( يا عبادى ) كلمة ( يا عبادى ) الكل
فى الكون مؤمن وكافر طائع وعاصى عبيد لماذا ؟ لأن الكل خاضع لقهريات لا ينفك عنها
فهم عبيد امرض فلا تستطيع القول إنى لن أمرض موت فلا أستطيع الموت فالقهريات كل
البشرية مشتركة فيها فكلنا عبيد لكن يختار فكلمة
العباد ( هم الذين كان لهم الاختيار فاختاروا الشر ) على حساب الخير لكنهم
رأوا ما يريد منهم الله يريد الخير فنسوا مسألة الاختيار وقالوا سنبقى عبيد كما
أمرتنا فهم عباد فالله سبحانه وتعالى عرض الأمانة على السموات والأرض والجبال
فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) فالأمانة أن
يأتمن واحد على واحد على شىء ما وليس عنده شهود وليس عنده وثيقة فما هو الضامن له
؟ الضامن له أمانته إن شاء عند الآداء يؤدى أو لم يؤدى هذه هى الأمانة فإذا لم تكن
هناك أمر يرغمه فلا تكون أمانة فالأمانة ما يؤتمن عليه الإنسان وليس عند المؤتمن
حجة عليه إلا ذمته إن شاء أدى وإن شاء لم يؤد فهذا هو الاختيار فالأمانة هى
الاختيار
( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين
أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ) فلماذا ندخل أنفسنا
فى هذه المتاهة فيوجد فرق بين التحمل وبين الآداء فعند التحمل يمكن القول أن تأتى
بالشىء ثم إننى سوف أعطيك فأنت لم تعرف وقت الآداء ماذا يحدث ؟ فربما يأتى ظرف
تحتاج فيه لصرف النقود المؤتمن عليها فربما قلبك يتغير وتريد أكلها فيقول لك خذ (
1000 ج ) وخذهم كأمانة عندك ) فيقول لك ابعد عنى فربما يأتى ظرف يضطرنى أن أسحب من
( 1000 ج ) جزء من المبلغ الموجود أمانة لدى ( فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ) هى
نفسها ابعد عنى والثانية يقول لك هات ( 1000 ج ) وساعة ما تحتاجهم سوف أعطيهم لك (
فهو ) قسمين :
1 ) هو ساعة ما أخذهم فهو صادق على اعطائه إياه عند
الحاجة لكن ظروفه حكمت عليه .
2 ) فهذا السبب فى أن الحق سبحانه وتعالى يريد فى
التعامل منع عدم الآداء فلا تخالف ( إذا تداينتم بدين إلى أهله فلا تسئموا أن
تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ) لأن المسألة ليست ضمان لك فالناس تفهم أن
الكتابة ضمان للدائن فهى ضمان لدين المدين فلما يعرف أنها مكتوبة عليه لا يعمل أى
شىء أما إذا عرف أنها ليست مكتوبة عليه فربما يفلس فيها ( فلا تسئموا أن تكتبوه
صغيرا أو كبيرا إلى أجله ) فهل منع الله الصفة الإيمانية بعض فى بعض ( إن أمن
بعضكم بعضا فليؤد الذى أوئتمن أمانته وليتق الله ربه ) ما دام ائتمنك فالحق سبحانه
وتعالى فالذى لديه الاختيار والذى قبلها الإنسان فالإنسان مختار وأنا الذى لدى عقل
وسأحكم بالخير كما يريد الله عز وجل فأنت لم تضمن نفسك فأنت عملت فتوة وقت التحمل
إنما وقت الآداء فلا تعرف ما الذى ستفعله ؟ ولذلك قال الله فيه
( إنه كان ظلوما جهولا ) جهل وقت الآداء وفرح وقت التحمل
فلم يعرف كيف سيؤدى الأمانة ؟ أم أنه لن يؤدى الأمانة لمن ائتمنه عليها فالسموات
والأرض والجبال اختاروا أن يكونوا مسخرين ومقهورين لأوامر الله عز وجل فالذى يخلقه
الله مختارا فيقول الإنسان أننى مختار صحيح آمن وأكفر وأطيع وأعصى فأنا لدى
الاختيار لماذا ؟ لأن ثقتى فى الله أننى سأريد ما يريده الله عز وجل فأنا ألغى
الاختيار الممنوح لى والذى يريده الله سوف أنفذه فهؤلاء هم ( العباد ) ما هم
العباد إذن ؟
هم الذين تنازلوا عن الاختيار الذى خلقه الله فيهم إلى
مراد الله وجعلوا كل تصرفاتهم على مراد الله ولا يجعلوا لاختيارهم سببا فى غضب
الله عليهم ( فهم عباد ) والأخرى ( عبيد ) فتوجد آية واحدة فى القرآن ربما تنقد
هذا فلما يأتوا فى الآخرة يأتى للشياطين ويقول لهم ( أءنتم أضللتم عبادى هؤلاء )
فسماهم ( عباد ) وهم ضالين ( أءنتم أضللتم عبادى هؤلاء ) فسماهم ( عباد ) لأنهم
كانوا مخالفين لأن فى هذا اليوم لا يوجد لأحد فيه اختيار ( لمن الملك اليوم لله
الواحد القهار ) فكلنا عباد يوم القيامة ( يا عبادى لا خوف عليكم ) فعندما يقول (
يا عبادى ) دخولى تحت قولك ( يا عبادى )
ومما زادنى شرفا وتيها وكدت بأخمص قدمى أن أطأ الثريا
دخولى تحت قولك ( يا عبادى ) وأن سيرت أحمد لى نبيا فهذه زيادة على تجعلنى فوق
الثريا ( يا عبادى ) تشريف وما دام أنتم امتحنتهم فيه فلماذا تخافون وممن من ؟
فنحن فى الدنيا نقول لا كرب وأنت رب فماذا نقول فى الدين ؟ لا يوجد خوف فهم يحزنون
على شىء فاتهم من نعيم الدنيا لأن ما وجدوه عند الله خير وأبقى ( يا عبادى الذين
آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ) فيوجد فرق بين الإيمان والاسلام فالإيمان عمل القلب
والاسلام عمل الجوارح التى تنفذ ما أمر من آمنت به فالمنافقين أسبق الناس للصلاة
فقال لهم إن هذا غير ممكن فأقرأ قول الله ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن
قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان إلى قلوبهم ) فالمنافقين يأتوا فى أول الصف حتى لا
يصبحوا من المنافقين بل من المسلمين والمؤمنين ومن الظاهرة العجيبة أن المدينة
المنورة وهى منطلق الاسلام الأنصار ظهر فيها النفاق والمدينة التى كان فيها والتى
كانت تهدم فى المساجد لم يظهر فيها النفاق أبدا فعن طريق التفكير فى هذه المسألة
فما دام النفاق لا يظهر إلا إذا كان هناك خير يدعى إنما أهل المدينة فلماذا
ينافقون محمد وهو ضعيف ودينه ضعيف ومضطهدين فهل سينافقوه هو فلما ذهب للمدينة
وأصبح له عز وسلطان وجاه ( نافق ) فالنفاق فى المدينة ليس خسة فيها حيث أصبح
الاسلام ظاهرة قوية وأصبح يناقض إنما فى مكة ليس فيها ذلك الأمر .
( الذين آمنوا بآياتنا ) آمنوا بها اقتنعت قلوبهم اقتناع
يقين فيوجد اقتناع يقين واقتناع علم واقتناع حق اقتناع علم : عالم القضية واقتناع يقين بما فيها فى ذاته واقتناع حق
فتوجد أشياء فى الكون تحدث تفسر للإنسان فلسفة الآيات الكونية فيوجد علم يقين إذا
أخبر عن شىء صدق فيه فلما ظهرت الحاجة أصبحت عين يقين لأنه من صادق فلما تم تقطيع
الشىء أصبح حق يقين .
علم يقين : إذا أخبرك صادق .
عين يقين : إذا شاهدت .
حق يقين : إذا
جربت .
فالذين عندهم علم اليقين بالإيمان فهل ينفذون ما أمر به
من آمنوا به وهو الله عز وجل فالذين عندهم علم اليقين بالإيمان هل ينفذون ما فيه
ممن أمر به من آمنوا به فالذى ينفذ يصبح مشرك والذى لم ينفذ يقول ( آمنت نفاقا )
أنا أسلمت ولكنى لم أؤمن ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما
يدخل الإيمان فى قلوبكم ) فلما سمعوا كلمة ( لما ) عرب وفاهمين لما لنفى الواقع
ولكنه يرجيك فى المستقبل ( الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ) ( ادخلوا الجنة
أنتم وأزواجكم ) لماذا قال أنتم وأزواجكم ؟ لأن كل متعة يتمتع بها الإنسان ويصبح
مسرورا تدب فيه غرائز المراهقة وهى التى تشاركه فى كل شىء فى حياته فالزوجة هى
المرافق المشتهى أولا والمعين ثانيا سكنا ومودة ورحمة وفى السكن والمودة مفهومة
أما الرحمة فكبار المسنين لو رأيت رجل وإمرأة فى سنهما الكبير وهم يتعاملون مع بعض
كعشق العشق أنتم وأزواجكم ( تمام النعيم )
( تحبرون ) ( تسرون ) أو يغشاكم الحبار والحبار هو لون
البهاء الذى يشع من وجه الإنسان التقى لسروره ( تعرف فى وجوههم نضرة النعيم ) (
أدخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ) فانظر للتنعم
( يطاف عليهم بصحاف من ذهب ) الصحاف : الطبق الواسع
فرسول الله صلى الله عليه وسلم ابن جدعان كان عامل جفنة هذه الجفنة بنية وكان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يستظل فى الشمس بها فعند تسخير الجن لمن يعملون له ما
يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواد ( كبيرة جدا ) عمل الشياطين وصنعتهم ( ويطاف
عليهم بصحاف من ذهب ) للطعام ( وأكواب )
فيوجد كوب وابريق وكأس فالكوب الذى ليس له يد ولا بزبوز ( وأباريق ) أباريق كالكوز
ولكن له يد وخرطوم
أما الكأس هو الكوب ولكن لا بد أن يكون ملاك
( وأكواب وأباريق وكأس من معين ) ( يطاف عليهم بصحاف من
ذهب وأكواب ) ( وفيه ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ) ايجاز للمتعدد لأنه لو عدد
سوف يعدد كثيرا ( وفيه ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ) فيوجد فرق فى أن تأتى للضيف
بطعام أنت صانعه وبين أن تأتى له بطعام يشتهيه
فالله سبحانه وتعالى حينما يعدد النعم لما يكون فرد ما
لديه حديقة وثمار وأزهار وفرد آخر لا يملكها فيقول له أنت ستستفيد لأنك حينما تمر
عليها وتجد خضرة ورائحة زكية فهذه متعة أكبر من متعة الأكل ( انظروا إلى ثمره إذا
أثمر وينعه ) تجعل الإنسان أحسن ما يكون ( وأنتم فيها خالدون ) يعنى الموت الذين
كنتم تخافون منه لن يأتى 2 ) لانقطاع
المدد بسبب النعمة لن يأتى فالنعم لا مقطوعة ولا ممنوعة وكل النعم عطاء الله وعطاء
الله لا ينفذ ( كلما رزقوا من ثمرة رزقا قالوا هذا الذى رزقنا به من قبل وأتوا به
متشابها ) فكلوا ولكن ليس مثله ( وتلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون ) (
أورثتموها ) أخذتوها إرث ما هو الإرث ؟ الإرث أن الميت سيموت ويترك أشياء لأولاده
يملكون بدون عقد وبدون ثمن لأن الملكية تنشأ من عقد وثمن
( أورثتموها ) فماذا نورث ؟ الحق سبحانه وتعالى فى المقيت الأزلى الذى أنتهى عنده
كل شىء وصح أن القلم قد جف ما شغل ربك الأن وقد صح أن القلم قد جف لأن كل حاجة
أزلا مدونة قال أمور يبديها كأنها موجودة ولكنها مخفية يأتى ميعادها فتظهر فهى
أمور يبديها ولا يفتديها يرفع قوما ويخفض آخرين وهو القابض الباسط ورثناها بماذا ؟
الإرث يقل مال المورث للوارث فيجعل الله الإرث حلال وإن كان المورث أتى به من حرام
كالمورث الذى يتاجر فى المخدرات وأتى بأموال فهى من حرام إنما انتقلت لإبنه فهى
ليست حرام على إبنه فالمسئولية لا تتعدى ورسول الله صلى الله عليه وسلم حسمها
بقوله ( شركم من مات بشر وترك عياله بخير ) ولذلك لا تسأل ممن جاء الميراث ؟ لأنه
إن كان جاء من حرام فصاحبه مطوق به يوم القيامة كمثل النفقة للزوجة لا تسأل زوجها
من أين أتيت بالمال ؟ والولد غير البالغ لا يسأل والده من أين تنفق على ؟ أما
عندما يبلغ الرشد فمن حقه معرفة مصدر الانفاق عليه لأنه يستطيع أن يكسب غيره فالحق
سبحانه وتعالى يقول ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استأذن الذين من
قبلهم ) لم يعد له حق على أبيه وإنما انتقل الحق منه لأبيه .
( وتلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون ) إن الإرث
إما أن يكون من أب أو ممن له حق فى ماله ويوجد رأى آخر ( أولئك هم الوارثون ) (
الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) ورثوا من
إن الله حينما شاء أن يخلق الخلق عرف عددهم ( وأحصى كل
شىء عددا ) فصنع لكل واحد منهم أمرين ( 2 ) جنة يتمتع فيها ونار يعذب فيها فإن
أطعنا الله كلنا أصبحت الجنة لنا نتمتع فيها حيث نشاء وإن عصينا الله كلنا أصبحت
النار مثوى لنا نتعذب فيها باستمرار وللأبد فساعة دخول أهل النار النار يتركوا نصيبهم
فى الجنة فيقتسمه المؤمنون فلقد ورثوا الكفار الذين دخلوا النار فيما كان قد أعد
لهم على فرض أنهم مؤمنون لكن الله يقول ( بما كنتم تعملون ) فالمؤمن تفوق على
الكافر فى العمل الصالح ( لكم فيها فاكهة كثيرة ومنها تأكلون ) فلماذا لم يأت (
بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ) لماذا خصص الفاكهة هنا
؟ لأن الفاكهة كانت عند العرب غير موجودة فلما العرب يسمعوا ( صحاف من ذهب وطعام
وشراب ) فيأتى لهم بالفاكهة التى كانت غير موجودة ( لهم فيها فاكهة كثيرة ) ما
يتفكهوا بها بشىء لا يمثل ضرورة فالله قد خلق لنا أشياء للضرورة وأشياء للضرر
كاللباس ( يا بنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك
خير ) فاللباس الذى يوارى السوءة هو اللباس الضرورى والريش هو اللباس المتنعم به
ولباس التقوى ذلك خير فلم يتركم وأعطاكم لباس التقوى أتى بالمقابل هؤلاء فى جنات
يحبرون ( يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين )
فلا بد أن يأتى بالمقابل لأن النفس حين تذكر شيئا تنبسط له ثم تذكر شيئا بعده
تنقبض له يفهم الفرق بين ال ( 2 ) فيعاجل بالذى نفسه تنبسط له ( إن الأبرار لفى
نعيم وإن الفجار لفى جحيم ) لأن الناس المؤمنين ينبسطوا فى النعيم ( الجنة ) وأن
الناس الكافرين ينقبضوا فى الجحيم ( النار )
( فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا ) فالكفار يضحكوا قليلا
فى الدنيا وليبكوا كثيرا فى الآخرة ( إن المجرمين فى عذاب جهنم خالدون لا يفتر
عنهم وهم فيه مبلسون ) هم خالدون فى جهنم ولا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون أى وإن كان
عندهم أمل فى أنها ترفع فهم يئسون من هذه المسألة فالنفسية تخبرهم أنه لا يمكن
حدوث غير هذا الذى حصل لهم ( وما ظلمناهم ) لأننا هدينا وقلنا لهم عناصر الخير ما
هى وعناصر الشر ما هى وطلبنا منهم أن يذهبوا للخير دون الشر ( وهديناه النجدين )
( فألهمها فجورها وتقواها ) ( قد أفلح من زكاها وقد خاب
من دساها ) فالله لم يظلمهم بل ظلموا أنفسهم لماذا ؟ لأنهم عجلوا لها بشهواتها
التى تنتهى فى الدنيا فحرموا من الشهوة الأبدية التى لا تنتهى ولا يفوتها فيها
فهذا ظلم للنفس وشر الأشياء أن تظلم نفسك أما تظلم غيرك فهذا معقول وتظلم نفسك
التى بين جنبيك هذا هو الحمق ( وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ) ( ونادوا يا
مالك ) مالك خازن النار ( ليقضى علينا ربك ) نموت أحسن ما داموا خالدين ولا يفتر
عنهم وهم يائسين نريد الموت لأنهم رأوا أن حياتهم فى ألم فماذا أصنع بهذه الحياة (
فالنار عندما تشوى الوجوه ) انتهى الاحساس لأن العلماء اختلفوا فى مركز الاحساس فى
الإنسان ؟ فأى جزء يحس فقالوا ( المخ ) فالإنسان يحس بشىء ما لا يصل للمخ فعند وضع
الاصبع أمام العين قبل أن يصل الاصبع للعين تكون العين قد أغلقت تلقائيا فلم تأتى
إشارة عمل اضطرارى قسرى فالنخاع الشوكى الذى يعمل الأعمال العكسية ولقد اهتدوا فى
ألمانيا على أن الحس كله فى الجلد فالحس فى الجلد له دليل استدلوا به فلما تعطى
واحد حقنة لا يرج منك إلا ساعة شكة واحدة ساعة نفوذها من الجلد نفذ من منطقة
الاحساس ففى مسألة الخمر لأنها سيئة ولا تشرب فعند شربها يتم دلقها دفعة واحدة حتى
لا تمر على مناطق الذوق فى اللسان لماذا ؟ لأنه لو مر على مناطق الذوق فى اللسان
يصاب بالكحة ( وأنهار من خمر لذة للشاربين ) إنما خمر الدنيا ليست بلذة بدليل أنه
يريد تفويت الجرعة منها إنما كأس المانجو أو الليمون يتم شربه بلذاذة عن طريق حاسة
الذوق فى اللسان والتى هى للطعام والشراب أما بقية الأشياء حاستها فى الجلد
فالقرآن أتى بهذه المسألة من ( ق / 20 )
( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب
) فكأن عند احتراق الجلد لا يشعر الإنسان إنما مركز الاحساس الجلد ولذلك ستشهد
عليهم الجلود / ونادوا يا مالك ليقضى علينا ربك
ففى سورة ( يس ) ( إنكم ماكثون ) وفى قراءة ( يا مال )
فى شىء اسمه ( يا مالك ) وخلاص كله فى هذا الحرف وفى حاجات تبقى معجم ( يا مال )
وتسقط حرف ( ك ) فالذى ينظر إلى ( ك ) يأتيه فيقول ( يا مال ) ( ونادوا يا مالك
ليقضى علينا ربك ) أنتم تأمرون ربنا ولا بتدعوه فيوجد فرق بين الأمر والدعاء
والالتماس كلهم طلب لكن الأمر لا يكون إلا من أعلى لأدنى لأن عندما تأمر المساوى
تقول له علمنى لماذا أعمل هذه العملية إنما الأمر من أعلى لا يريد المناقشة فعندما
يكون مساويا الأمر فتقول له إنك تلتمس للأنا
أراه أما الأدنى فلا تقول لا لا أمر ولا التماس هذا دعاء من الأدنى للأعلى
أن يكون فعند الامتحان نقول لأحد الطلاب اعرب : ربى اغفر لى يقول رب منادى واغفر
فعل أمر لأنها لله اغفر دعاء لا أمر ولا التماس ( ليقضى علينا ربك ) قال ( إنكم
ماكثون ) ونحن لم نظلمكم ( لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون ) ( وما
ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ) يقول الله لرسوله أنت تعامل الناس الكارهين
للخير ولا يأتى رسول إلا وقد فسد زمانه واستشرى الفساد فيأتى ليعالج الفساد وهم
أهل الفساد بترفهم ونعيمهم فيعادوه أم لا ؟ لازم يعادوه لماذا ؟ لأنه سيخرجهم مما
ألفوه واشتهت أنفسهم من السيطرة والجاه والجبروت ولذلك سيعملوا معه كل حاجة يؤذوه
فى ذاته ولا يتركوه يصلى وأتوا بالجزور ورموه على رسول الله صلى الله عليه وسلم
فلم يكسروا رباعيته فى الله لم يشج رأسه إذن آذوه فى ذاته وآذوه فى معناه ( يا
كذاب يا ساحر يا مجنون يا مفترى ) آذوه فى معانيه وتحمل هذا وتحمل ذلك وبعد ذلك
أتوا بالمواجهة والمكر ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك ) يجعلونك فى سجن لا
تتحرك ( أو يقتلوك أو يخرجوك من الديار ) ( ومكروا ويمكرون ويمكر الله ) مكروا
بيتوا المسألة فى الخفاء ( وجعلنا من بين أيديهم سدا ) ( ويمكرون ويمكر الله والله
خير الماكرين ) ( أم أبرموا أمرنا ) فلا يقدرون علينا
( أبرموا أمرا ) ويبيتون له إنما الله عارف ما الذى
سيفعلونه والله سيعمل الضد له ( إنما الله عندما يصدر أمرا ) فلا يعرفوا وده
فعندما يبرموا فالله يعرف وعندما يبرم الله أمرا فهم لا يعرفوه ( هل يحسبون أن لا
نسمع سرهم ) ما هو السر ؟ هو الذى تسر به
إلى واحد أو السر الذى إذا سمعت شيئا يصبح سرا عندك لا تعرفه إلا أنت فالله يعرفه
أو النجوى التهامس مع بعض فالله يعرف
( وأسروا النجوى ) ( لا تتناجوا بالإثم ) ( أم يحسبون أن
لا نسمع سرهم ونجواهم ورسلنا لديهم يكتبون ) فمسجل عند الله وعند الرسل فلماذا
نسجله فى الكتب ؟ فالملائكة عندما يريدون حدث فى الكون ويعرفوا أن الله قد ذكره
قبل أن يخلق الكون يعرفوا أن الله عليم حكيم حيث سيزدادون يقينا وإيمانا به ( قل )
أمر لرسول الله إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين والولد جزء من أبيه فالله
مكون من أجزاء فالحق سبحانه وتعالى يقول لفظين من أوصافه بمعنى واحد ( واحد / أحد
) فواحد لا فرد آخر مثله إنما أحد هو فرد صحيح واحد إنما ليس مكون من أجزاء لأنه
حينما يكون مكون من أجزاء فكل جزء فى حاجة إلى الأجزاء الأخرى فواحد لا فرد آخر
مثله إنما أحد ليس له أجزاء وما دام ليس له أجزاء فليس له ولد لأن الولد جزء من
أبيه ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم
( فاطمة بضع منى ) فكل إنسان بضع من والده ووالده بضع من
جده ومسلسل إلى آدم والله حى فتبقى حياة موصولة بحياة ففى كل إنسان شىء من حياة
موصول من ملة آدم فلو قطعت فلا يوجد الإنسان أصلا فكل إنسان فيه جزىء لم تطرأ عليه
حياة من لدن آدم لماذا ؟ ( وإذ أخذ ربك من بنى
آدم ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا
بلى شهدنا ) فلا تقولوا يوم القيامة
( إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من
قبل ) فالذرة التى شهدت عهد الذر تتنبأ فيه لأنها سمعت كلام الله والذرة ( قل إن
كان للرحمن ولد ) فالجن ناصحين عن الإنس لماذا ؟ لأن الجن جنس كالإنس ولكن له
قوانين أخف من قوانين الإنس حيث يقطع الجن المسافة فى زمن قصير جدا ويدخل من
الجدار ويتمثل فى الشىء الذى يريده إنما يوجد فيه تفاوت فى التكوين ( قال عفريت من
الجن ) فالجن فيها عفاريت كالإنس فلم يأت إلينا بجن وإنما بعفريت يقال هذا فلان
عفريت فيه أقوى من الجنسية فالجن شاطر قوى حينما قال ( وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ
صاحبة ولا ولدا ) أى أنه من عظمة الله أنه لم يتخذ صاحبة ولم يتخذ ولد ( من
أزواجكم وأولادكم عدو لكم ) فالولد فأحسن طريقة فى الزواج أن تتزوج مبكرا فقلنا
لماذا ؟ قال لتنجب أبا يعولك فى طفولة الشيخوخة سبحان : تنزيها لله عما يدور فى
خاطر الإنسان ولذلك لا تأتى كلمة سبحان إلا فى شىء تقف فيه العقول ( سبحان الذى
خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا تعلمون ) فالسالب والموجب فى
الكهرباء فالحق سبحانه وتعالى يعطينا الأمور أن الزمن يثبت صدق الله فيها سبحان
فيها فالاسراء والمعراج فيه مخالفات كثيرة للكونيات فالمسافة بعيدة والزمن قليل (
سبحان الذى أسرى بعبده ) محمد أسرى به فالفاعل الله .
( سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون ) سبحان
دائرة فى القرآن مدار الزمن كله ودائرة فيه قبل الزمن كله الحق سبحانه وتعالى حين
يقول سبحان يقول سبحان قبل أن يوجد من يسبح سبحان ذاتية قبل أن يوجد المسبح فلما
أوجد المسبح ( السموات والأرض ) ( سبح لله ما فى السموات والأرض ) وفى سورة أخرى (
سبح لله ما فى السموات وما فى الأرض ) إنما سبح لله ما فى السموات والأرض وهل سبح
وانقضى تسبيحه ( يسبح لله ما فى السموات والأرض ) فى الحال والاستقبال ( سبح /
يسبح ) هذا هو الزمن وقبل ذلك قال هو سبحان منزه قبل أن يوجد من يسبح ولذلك هو
موصوف بالخالق قبل أن يوجد من خلقه لأن ما خلق إلا لأن الصفة فيه فصفاته موجودة فى
ذاته قبل أن يوجد من يسبح فسبحان تنزيه لذات الله عز وجل ( سبح لله ) لما خلقه وهل
انقطع التسبيح ؟ ( يسبح لله ما فى السموات وما فى الأرض ) أيها الإنسان ( ما فى
السموات وما فى الأرض ) مسخر لك لأنه قال يا ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك
من أجلى فلا تشتغل بما هو لك عما أنت له إذا كان التسبيح له ذات قبل أن يوجد
المسبح ثم لما خلق سبحت السموات والأرض ( وتسبح السموات والأرض ) سبح باسم ربك
ولذلك قال ( سبح باسم ربك الأعلى ) له تسبيح قبل أن يوجد من يسبح ولما خلقه سبح
أسبح ويسبح للحال والاستقبال فسبح أيها الإنسان الذى خلق الأشياء من أجلك ( سبح
باسم ربك الأعلى ) ( سبحان رب السموات والأرض رب العرش عما يصفون ) أى من اتخاذ
الولد سابقة ( فذرهم ) دعهم واتركهم فى خوضهم كلمة خوض الأصل فيها أن يخوض الإنسان
فى الماء الكثير وهذه معروفة أن يخوض الإنسان فى الماء الكثير وبعد ذلك استعملت فى
الخوض فى أى شىء خضت فيه ولكنه غلب الخوض فى الباطل الخوض أصله الدخول فى الماء
الكثير لكن الدخول فى الماء الكثير أنت تسير فى المياه وأرض البحر غير مستوية بها
عال وواطى فلابد أن تتحسس الخوض قبل الدخول فى ماء البحر ولذلك لا بد من تحسس المواقع
والنسب الموجودة فى ماء البحر فلا بد من تغليبه فى الخوض فى الباطل فقال لهم (
ذرهم يخوضوا ويلعبوا ) أنا آمرهم وهم يجدون فى الحياة وهم بيلعبوا فما هو اللعب
والجد واللعب واللهو فيوجد لعب فاللعب هو أن تفعل شىء لا فائدة له إلا التسلية أو
الدربة على العمل إنما قبل التكليف فإذا كلف الطفل الذى كان يلعب بألعابه إذا
كلفوا إذ عمل حاجة غير مكلف بها يصبح لهو ( إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا
إلى ذكر الله وذروا البيع ) ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا من حولك ) فاللهو أن
تشتغل به بلعب ما يفيد عن واجب مطلوب منك ( اللهو ) .
اللعب : لا شىء مطلوب منك حتى الأن / فذرهم يخوضوا
ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذى يوعدون
فأنا لم أتركهم إنما نبهتهم فيه وعد يعد وأوعد يوعد وعد : بالخير
و أوعد : بالشر ( يوعدون ) من يوعد من ؟ من أوعد أم من وعد فالوعد بالخير
فلما وعدهم وقال لهم إن فعلتم كذا ستذهبون للنار فنصحهم قبل أن يفعلوا فقد قدم لهم
خدمة ( خير ) ففى آية الرحمن ( الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان )
فالتعليم بعد الخلق فقد تم الرد فالتعليم قبل الخلق لأنه قبل أن يخلق عارف الغاية
له ووضع له المنهج كالصانع الذى يصنع الصنعة قبل أن يصنعها هو عارف ما الذى سيصنعه
وكيف يعالجها إن فسدت فترتيب المنهج من الغاية والصيانة معمول قبل بداية الخلق فلم
يخلقهم ثم عمل لهم المنهج من القبل وهو عملهم المنهج فقول الله سبحانه وتعالى (
خلق الإنسان من صلصال كالفخار وخلق الجان من مارج من نار فبأى ألاء ريكما تكذبان )
لأن الخلق نعمة ( رب المشرقين ورب المغربين ) نعمة ( مرج البحرين يلتقيان بينهما
برزخ لا يبغيان ) نعمة فيقول بعدها
( فبأى ألاء ربكما تكذبان ) ( إنما يرسل عليكما شواظ من
نار ونحاس فلا تنتصران ) ما النعمة فى هذه ؟ فيقول بعدها ( فبأى ألاء ربكما تكذبان
) وما دام يوعد لى ويقول يوجد كذا وكذا وكذا قبل أن يخلق فقد عمل فى خير والنعمة أنه
وعظنى قبل أن يخلقنى فهذه نعمة ( فبأى ألاء ربكما تكذبان )
( فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذى يوعدون )
لا تذهب نفسك عليهم حسرات لأننا سنراضيهم وأنت حى نبين الذلة والهزيمة كما فعل لك
فى موقعتى بدر وحنين ( فإما نذهبن بك ) تموت ما الذى يحصل ؟ لما تذهب أو أنت تموت
فيأتى من بعدك ( وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله وهو الحكيم العليم ) فالله
ليس له مكان يسعه لأن المكان خلقه والمخلوق لا يسع الخالق ولذلك لا تقول متى وأين
؟ لأن متى للزمان وأين للمكان والزمان والمكان مخلوقان لله فلا تستعملهم مع الله (
وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله ) فلا يحدث ذلك فتقول فلان فى البيت رجل وفى
الشارع رجل يعنى صفة ذاتية لا تفارقه فالكمال لا يفارقه هنا أو هناك ( فى السماء
إله وفى الأرض إله ) الأرض للعبيد الذين يسكنوها ( وفى السماء إله ) للملائكة
الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون جاء هنا إشكال من المستشرقين قالوا إنكم
تقولون عندكم أن النكرة إذا أعيدت كانت غير الأولى كما تقول لقيت رجلا وأكرمت رجلا
هل أكرمت نفس الرجل أم رجل آخر إنما لقيت الرجل فأكرمت الرجل ( هو هو ) فالنكرة
لما تعاد تصبح شيئا آخر والمعرفة إذا أوعدت تصبح شيئا من
( 2 ) ( وهو الذى فى السماء إله ) وهنا نكرة ( وفى الأرض
إله ) نكرة فهذا دليل على أنه غير الأول ( وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله )
فلم يقل ( وهو الذى فى السماء الإله وفى الأرض الإله ) لا فالنكرة إذا أعيدت أفادت
شيئا آخر والمعرفة إذا أعيدت كانت عين الأولى لذلك قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم حينما قرأ ( إن مع العسر يسرا ) ( العسر ) معرفة و ( يسر ) نكرة ( إن مع
العسر يسرا إن مع العسر يسرا ) لما العسر يأتى بالتعريف عين الأول ولكن يسر جاءت
نكرة فهى غير الأولى ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استنباطا من الآية لن
يغلب عسر لأنه واحد يسرين لأنهم ( 2 ) فيوجد الاسم الموصول وهو ( الذى ) معرفة وهو
صلة الموصول
ال ( 2 ) فلم يحدث تكرير ( وهو الذى فى السماء إله وفى
الأرض إله ) ( الذى ) الاسم الموصول معرفة فلا يوجد تكليف لأن إله صلة الموصول
والثانية صلة الموصول لمن ؟ لمعرفة وهو واحد
( وهو الحكيم العليم ) الحكيم هو الذى يضع الشىء فى
موضعه والعليم العليم بما يصلح خلقه وبما يعينهم على معاشهم ويعينهم على معادهم فما
كان الله ليعطيهم مقومات المادة من الطعام والشراب والهواء ثم يترك قيمهم بدونها
فلا بد من أن يأتى منهج ليكلفهم به ولذلك قلنا إن البدن الله قال روح
( ونفخت فيه من روحى ) آدم عليه السلام والقرآن سماه روح
فالروح التى فى البدن لها ميعاد قد تموت فيه إنما الروح القرآنى حياة خالدة فلا
تموت أبدا ( وتبارك الذى له ملك السموات ) تبارك لفظ وحيد لا اشتقاق فيه لا مصدر
ولا فعل ماض ولا مضارع ولا أمر ومعنى تبارك من البركة يعنى قدر الله عالم وعطائه
كثير لأن البركة معناها أن الشىء الذى لا يكفى ( 3 ) إنما يكفى ( 10 ) يقول هذا
مبروك فواحد يقبض مبلغا من المال وحياته منظمة وأولاده متربيين يقال له إن الله
مبارك له فالبركة أن يعطى الشىء القليل الكثير الذى لا ينتظر منه ( تبارك الذى له
ملك السموات والأرض ) فكلمة تبارك بها أمر يدل على أن هذا القرآن توقيفى حتى فى
كتابته ( تبارك ) كلها بألف وتأتى تبرك بدون ألف فهذا أمر توقيفى كلمة اسم فى
القرآن كله باسم بدون ألف لأن فيها همزة وصل فهمزة الوصل أثناء الكلام تحذف وفى
بدء الكلام توجد فباسم فى كل شىء محذوفة فى همزة الوصل إلا فى آية واحدة ( إقرأ
باسم ربك ) توجد فيها ألف لماذا ؟ دليل على أن هذا الأمر أمر توقيفى ( وتبارك الذى
له ملك السموات والأرض وما بينهما ) وأول السورة المقرءوة هناك ( له ما فى السموات
وما فى الأرض ) فهذا الظرف وذلك المظروف ( وما بينهما ) يأتى فى آية أخرى فيقول (
وما تحتها ) ولذلك الحق سبحانه وتعالى يتكلم فى سورة طه ( وما تحت الثرى ) وتبين
أن تحت الثرى هذه هى التى فيها خيرات العالم كله فكل الخيرات آتية من تحت الأرض
فسيادة الكون وأصحاب المال هم الذين يبحثون تحت الأرض فى الصحراء ( المياه ) وتزرع
الصحراء وأرض الجبال تظهر المعادن من جميع الأنواع ( الجواهر الكريمة ) كالماس
ففيه مطمورات الخير فى الوجود كله على حسب مراحل الإنسان فى التطور وفى الارتقاء
فالحق سبحانه وتعالى يريد أن ينبهنا أن ما تحت الثرى أى افحتوا وستلاقوا ولذلك
علماء الحفريات هم الذين يسيرون فى البلاد ليحفروا ويلاقوا مواد وجواهر كثيرة
كالياقوت ( السماء والأرض وما بينهما وما تحت الثرى ) والذين يرونه فى البحر هل سيخرجوه
لأنه داخل فى تعريف الأرض لأن الأرض كلها شاملة اليابسة والماء والماء ثلاثة أرباع
الأرض واليابسة ربع الأرض ( وتبارك الذى له ملك السموات والأرض وما بينهما ) فكل
هذه الأشياء قد تغرى الإنسان الموجود فى الكون يا أيها الإنسان إذا صادفتك نعمة من
نعم الله فإياك أن تغتر بها ) فتدخل فى قوله ( إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى ) وخذ
بالك لماذا
وعنده علم الساعة وأنت لا تعرف ميعاد قيام الساعة ؟ فمرة
الساعة يراد بها القيامة ومرة الساعة يراد بها الموت من مات فقد قامت قيامته لأنه
عندما يموت تكون الدنيا قد انتهت بالنسبة له ولما يموت لا يزاول عمله ولما يموت
فلا يمر عليه زمن ( كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها ) فإذا مت فكأن
القيامة قامت ( وإليه ترجعون ) فكل شىء منه خلقه ومنه تربية مادة ومنه إنزال قيم
وتأتى إليه وإليه نرجع فالذى يأخذ مدلولات من ويستعد بها وإليها هو هذا اللانائم (
ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة ) ( الذين يدعون من دونه ) من هم ؟ الأصنام
والشمس والقمر لا تملك لهم شفاعة فالعبادة التى يقولوا بها عبادة باطلة ولا يصح
تسميتها عبادة لماذا ؟ لأن العبادة طاعة العابد لأوامر المعبود فما هى أوامر الصنم
؟ وما هى أوامر الشمس ؟ وما هى أوامر القمر ؟ وما هى أوامر الشجر ؟ فلا يوجد أى
أوامر من هؤلاء فكلمة ما نعبدهم خطأ لأن العبادة إطاعة العابد للمعبود فيما يأمر
وفيما ينهى وهذه الأشياء ليس لها أمر فتسميتها عبادة خطأ
( ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة ) ( ما نعبدهم
إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) لماذا لا يملكون الشفاعة لأنهم كانوا السبب فى ضلال
هؤلاء السبب فى ضلال من ضل فى عبادته ( ولا يملكون الشفاعة عند الله بل فى الدنيا
كذلك فعند أخذ الذبابة شىء من طعام الإنسان هل يستطيع الإنسان استردادها من
الذبابة لا فالحق سبحانه وتعالى يقول ( ضعف الطالب والمطلوب ) ( إن الذين تعبدون
من دون الله لم يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه
ضعف الطالب والمطلوب ) ولا يملك الذين يدعون من دونه من الأصنام والأوثان الشفاعة
فالشفاعة أن واحدا يشفع لهم عند الله فمن الذى يشفع عند الله فالجيد لا يرضى
الشفاعة لهم وكذلك الردىء لا يرضى الشفاعة لهم فالشفاعة باطلة من كل ناحية
فالشفاعة من المنسوبين لله بالتقوى لا يرضى عنهم وإن كان منهم فالله لا يقبل له
الشفاعة فهذا كلام باطل ( ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة ) فمن الذى يشفع ؟
فالشفاعة لمن شهد بالحق فلما يشفع لأحد ولكن بإذن الله ( من ذا الذى يشفع عنده إلا
بإذنه ) فالشفاعة أن يتوسط أحد لمن يملك أمرا على غيره فيشفع له بأن يكف عنه الأذى
أو يجلب له الخير هذا هو الشفيع ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله )
( الانفطار 19 ) ( يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا و لا
هم ينصرون ) ( الدخان 41 ) ( ولا يؤخذ منها شفاعة ) وفى آية أخرى ( لا يؤخذ منها
عدل ولا تنفعها شفاعة ) لأن هناك شافع وفيه مشفوع عنده والمشفوع له فالشافع هو
الذى يتوسط له والمشفوع عنده هو الذى يتوسط عنده والمشفوع له هو الذى يقول له اشفع
لى فهم ( 3 ) لم يفطنوا إلى مرجع الضمير ( لا تجزى نفس عن نفس ) فالمشفوع عنده
واحد والشافع والمشفوع واحد ( لا تجزى نفس عن نفس ) فيوجد نفسين ( لا تجزى نفس )
الشافعة ( عن نفس ) المشفوع له ( لا تجزى نفس عن نفس شيئا ) لما يكون المشفوع له
عنده ذنب يقول أنا أدفع تعويض عن الذنب فلا يمكن أن نأخذ منها ولما لا يجد يذهب
لأحد آخر يقول له اشفع لى ( الأول ) ( لا يؤخذ منها عدل ) مرة الشافع ومشفوع له
فالشافع متى يجىء ؟ لما أنت لا تستطيع حل المسألة فلما لا تستطيع حل المسألة افرض
أننى عملت حاجة وقلت لله خذ العدل منى خذ الغرامة ( لا يؤخذ منها عدل ) فلما لا
يؤخذ منها عدل لا تيأس تذهب لأحد ما كبير وتقول له اشفع لنا عند ربنا فلم يأخذ
منها العدل ( لا تنفعها شفاعة ) أما الأخرى النفس الثانية تقول فلان يستشفع بى
عندك وفلان هذا ماذا عمل عمل كذا وكذا وكذا أنا أشفع له لا تقبل شفاعته أنت غير
قابل شفاعته أنا أدفع عنه كل ذنوبه ( ولا يؤخذ منها شفاعة ) فيه شافع وفى مشفوع
والاثنين غير متكررين على معنى واحد وذلك بمرجع الضمائر فى كل ( ولا يملك الذين
يدعون من دونه الشفاعة ) إلا من شهد بالحق وهم يعلمون أنه من كان عندهم من شهد
بالحق ولا ليس عندهم فإن كان لديهم من شهد بالحق لا يرضى أن يشفع لهم وإن كان شفع
لهم فإن الله لا يقبل شفاعته فتصبح شفاعة باطلة ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن
الله ) ( ولئن سألتهم من خلقهم ) وفى آيات أخرى ( ولئن سألتهم من خلق السموات
والأرض ليقولن الله ولئن سألتهم من أنزلنا من السماء ماء ليقولن الله ) فكل حاجة
الله الله وما دمتم أنتم مؤمنين بهذا فأنتم لماذا لا تؤمنون به ( ولئن سألتهم من
خلقهم ليقولن الله ) فكيف ينصرفون عن هذا مع أن هذا بشهادتهم هم وخلق لهم قوتهم
وخلق لهم السموات والأرض وخلق لهم المطر فما هى المسألة ؟ ( فأنى يؤفكون )
فتنصرفوا عن هذا مع أنتم الذين شهدتم بهذا الذين شهدتم بالحق ولذلك الحق سبحانه
وتعالى يقول فى سورة البقرة بالنسبة للذين يكفرون بالله أمرهم عجيب ما حيثيتهم فى
الكفر بالله ما دواعى الكفر عندهم هذه مسألة عجيبة كيف تكفرون بالله قولوا لنا كيف
تكفرون بالله مسألة لا تدخل العقل بعدما تعرف أنه خلق كذا وكذا فكيف تكفرون به (
ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فأنى يؤفكون ) يعنى كيف يعرفون ( وقيله يا رب إن
هؤلاء قوم لا يؤمنون ) قيل هى المصدر لقال لأن قال قولا وقال مقالا وقال قيلا
القال يأتى على ( 3 ) ( القول / المقال / القيل ) فالله قال ( من أصدق من الله
قيلا ) جاء بالمصدر الغريب ( قيلا ) ( قيله بمعنى قوله ) قول من قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم وقيله يا رب هو لما دعى ماذا قال ؟ قال يا رب الناس عذبونى فى ذاتى
إيذاء وبمعناى صفاتا وبهدلونى ورمونى بالحجارة قال يا رب إن الناس كذبوا على
وقالوا ساحر ومجنون وشاعر وكاهن يا رب الناس آئتمروا بى وحاصرونى أنا وقومى فلم
يأت بشىء من حاجاته أبدا إنما الذى أحزنه ( وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون )
كأن الذى حدث فى نفسه لا مع الذى حدث له فى ذاته ولا مع الذى حدث له فى أوصافه
الشاذة ولا مع الذى حدث له فى البتر به فلا شىء من هذا يحزنه إنما الذى يحزنه عدم
إيمانهم بالله فكأن غيرته على الحق والإيمان به نفسه انتهت المسألة لماذا ؟ لأن
النبى نهى الإنسان أن يكون غضبته لنفسه بل يجب أن يكون غضبته لله عز وجل ( إن
هؤلاء قوم لا يؤمنون ) فهذا الذى يحزنه ( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا
بهذا الحديث أسفا ) وفى سورة الشعراء ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين ) ( إن
نشأ ننزل عليهم آية من السماء فظلت أعناقهم لها خاضعين ) فالملائكة ( لا يعصون
الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) إنما أنا لا أريد قوالب تسجد لى وتعبد إنى أريد
قلوبا تحب ذاتى ( وقيله يا رب ) يا رب ماذا تعمل ؟ ( إن هؤلاء قوم لا يؤمنون )
لأعذبنهم عذابا يشفى صدرك منهم فلما يقول لك هذا ولم يفعلوا اصفح عنهم لماذا ؟ لأن
لما تصفح عنهم فإن بعضهم سوف يأتى لك مؤمنين كخالد بن الوليد سيف الله المسلول
وعمرو بن العاص وكثير منهم فاصفح عنهم بقوله ( اصفح الصفح الجميل ) فلا تغضب لأن
غضبك سيؤثر فى تكوينك فأخرج المسألة من قلبك لأن لك رب سيدافع عنك ( فاصفح عنهم )
لماذا ؟ لأن منهم من قد يؤمن ويصبح نافعا للإسلام ولعدم اغضاب نفسك فتؤثر عليك وعلى
الدعوة فاصفح عنهم فالحق سبحانه وتعالى يقول ( اصفح الصفح الجميل ) ما هو الصفح
الجميل ؟ لأن الذنب عندما يعمل يراد الانتقام منه فيكظم غيظه إنما الغيظ بمعنى كظم
غيظه إنما ليس له عملية نزوع لأن المشاعر الإنسانية ( 3 مراحل ) ( 1 ) تدرك أشياء
( 2 ) وتجد فى نفسك عنها شيئا وتنزعه فتراها منظرا جميلا انظر ما شئت وأعجب بما
شئت إنما لو حاولت قطفها فليست لك فالشرط لا يتعرض للاضرار ولا يتعرض للمواجيد
التى تأتى نتيجة للاغراء إنما يتعرض للنزوع فساعة أخذ الشىء فهى ليست لك ففيه كظم
غيظ وعفو عن ذنب وإحسان لمن أساء إليك لأنه جعل الله مراقبا إياه فى كل أعماله .
Comments
Post a Comment