تفسير الشعراوى لسورة الطور
تفسير الشعراوى لسورة الطور
بسم الله الرحمن الرحيم
(
والطور وكتاب مسطور فى رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور إن
عذاب ربك لواقع )
فتحت
السورة مع سورة الذاريات حيث أقسم الله عز وجل بأشياء .
بسم
الله الرحمن الرحيم ( والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات
أمرا إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع ما له من دافع )
الطور
: ( الطور الأيمن ) و ( طور سينين وهذا
البلد الأمين )
الطور : الجبل الذى كلم الله سيدنا موسى عليه السلام
عنده .
والذاريات
خاصة بحياة المادة وهنا يأتى بحياة القيم لماذا ؟
لأن
حياة المادة تترأى بأن تسعدك فى الدنيا أما حياة القيم فتسعدك فى الأخرة والدنيا
مهما طالت سوف تنتهى ولكن حياة القيم لا نفاذ لها ( استجيبوا لله وللرسول إذا
دعاكم لما يحييكم ) .
( وإن
الدار الأخرة لهى الحيوان لو كانوا يعلمون ) إن حياة المادة فى الذاريات يعقبها
موت أما حياة القيم فى الطور لا يعقبها موت بل هى فى حياة دائمة ( حياة الأخرة )
فالمادة
فيها روح فى الدنيا نزل بها الروح الأمين ( جبريل عليه السلام ) .
والقيم
فيها روح لا تموت وهى فى حياة دائمة فى الآخرة .
وكتاب
مسطور : كتاب به سطور تجذب العين حين تراها
فى رق
منشور : الجلد ليس مطويا وليس به قطع أى جلد سليم وليس به عيب .
الطور :
كلام الأنبياء كلهم كلموا بالوحى . أما موسى عليه السلام فكلم بالكلام المباشر من
الله عز وجل فله منزلة أخرى لأن بنو اسرائيل قالوا لنبيهم موسى عليه السلام لن
نؤمن لك حتى نرى الله جهرة لأن لو قال لهم أوحى إلى بشىء لا يصدقوه فكان الأنسب مكالمة الله لموسى
عليه السلام مكالمة مباشرة .
الكتاب
: الألواح .
البيت
المعمور : دليل على أن هناك أناس استجابت لمنهج الله وذهبت لبيت الله الحرام وقامت
بتعميره بالصلاة فيه للطائفين والعاكفين والركع السجود .
السقف
المرفوع : السماء مرفوعة بلا أعمدة ( سبعا شدادا )
البحر
المسجور : سجر البحر أى ملأه بالماء العذب والماء المالح فالعظمة فى ملئه بالعذب
والمالح وهو البحر .
(
والبحر المسجور )
المسجور : أى ملأه ماء ( عذب ومالح ) المسجور أى صيره
نارا .
لأن
البحر المالح يحفظ الماء ولأن الماء منذ أن خلقه الله لا يزيد ولا ينقص
وفى
الآخرة يصبح البحر نارا .
( إن
عذاب ربك لواقع ماله من دافع ) أى أن الله تعالى عذابه واقع أكيد فلا يوجد من يدفع
هذا العذاب إلا هو سبحانه وتعالى
( يوم
تمور السماء مورا ) ( السماء : السقف
المرفوع )
(
والسماء بنيناها سبعا شدادا )
تمور :
نار أى أن أجزائه ليست متماسكة ( وتسير
الجبال سيرا ) أى أنها ستصبح ذرات ليست متماسكة بل ستصبح كالهباء المنثور .
( فويل
يومئذ للمكذبين ) فالأسباب التى اعتمدتم عليها زالت ولم يبق إلا المسبب لهذه الأسباب
وهو الله عز وجل
الذين
كذبوا بالموجود فظنوا أن الحياة بالطبيعة ( الذين هم فى خوض يلعبون ) خوض للماء
( يوم
يدعون إلى نار جهنم دعا ) ( أرأيت الذى يكذب بالدين فذلك الذى يدع اليتيم ) يدع
اليتيم الدع : الدفع بقوة وشدة وقسوة للإهانة لهم ( يسحبون فى النار على وجوههم )
( يوم
يدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التى كنتم بها تكذبون )
(
والذين آمنواواتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم )
الالحاق
أن تطلق ناقصا فى أمر تكمله أنت
( وما
ألتناهم من عملهم من شىء ) ألتناهم : أنقصناهم من عملهم من شىء
الأول
آمن وعمل الثانى : آمن ونقص فى العمل
الذرية
قسمان :
1 )
ذرية قبل التكليف 2 ) ذرية بعد
التكليف
( كل
امرىء بما كسب رهين )
رهين :
فعيل وفعيل تأتى مرة بمعنى مفعول ومرة بمعنى فاعل
ما هو
الرهن ؟ الرهن هو أنت ترهن شىء عند شراء بضاعة كنوع من الحقوق لمدة معينة
(
وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون ) ( يتنازعون فيها كأسا ) التنازع بمعنى
المداعبة الكأس : إناء للشرب
الكأس
لا لغو فيها اللغو الكلام الذى لا فائدة
منه خمر الدنيا تذهب بالعقول إلى
المعاصى
خمر
الآخرة فيها متع ولا تذهب بالعقول إلى المعاصى
( ولا
هم ينزفون ) النزف هو خروج الدم من الجسد البشرى بسرعة وقوة
وخمر
الآخرة مبرأة من خمر الدنيا لأن خمر الآخرة فيها لذة ومتعة
(
يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم ) ( ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ
مكنون ) ( وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون ) ( قالوا إن كنا فى أهلنا مشفقين )
الاشفاق
: قول يأتى من قبل المخوف فالاشفاق ليس اشفاق كراهية وإنما اشفاق تعظيم والاشفاق من الله
( فمن
الله علينا ووقانا عذاب السموم )
المن : هو من لا يعقبه ضرر ( إنا كنا من قبل ندعوه
إنه هو البر الرحيم )
البر
الرحيم : الله سبحانه وتعالى بار
بالمؤمنين رحيم بهم
( فذكر
فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون )
الكاهن : الذى يذهب إليه الناس من أجل معرفة الغيبيات قبل حدوثها وهذا حرام
شرعا .
المجنون : الذى ليس له عقل يميز به بين الحلال والحرام
( لسان
الذى يلحدون فيه أعجمى وعربى وهذا لسان عربى مبين )
( أم
يقولون شاعر نتربص به ريب المنون ) ( قل تربصوا فإنى معكم من المتربصين ) ( أم
تأمرهم أحلامهم بهذا )
(
ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين ) ( أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون ) (
فليأتو بحديث مثله إن كانوا صادقين )
( أم
خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون ) الخلق : إيجاد من العدم
إن
الخالق هو الله سبحانه وتعالى ( أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون ) ( أم لهم
سلم يستمعون فيه فاليأتو مستمعهم بسلطان مبين ) ( أم له البنات ولكم البنون ) (
إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به
أم يمسكه على هون أم يدسه فى التراب ) ( أم لكم الذكر وله الأنثى تلك إذن قسمة
ضيزى ) أى قسمة جائرة
( أم
تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون ) ( أم عندهم الغيب فهم يكتبون أم يريدون كيدا
فالذبن كفروا هم المكيدون )
( أم
لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا
سحاب مركوم )
( فلما
رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها
عذاب أليم تدمر كل شىء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ) ( فذرهم حتى يلاقوا
يومهم الذى فيه يصعقون ) ذرهم بمعنى دعهم
( سبحان
الله عما يشركون ) تنزيه لله عن الاشراك فهو الله الذى ليس له مثيل لأن الله ليس
كمثله شىء
( يوم
لا يغنى عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون ) ( وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن
أكثرهم لا يعلمون )
( واصبر
لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم ) ( ومن الليل فسبحه وادبار النجوم
) .
Comments
Post a Comment