تفسير سورة الفتح للشعراوى
تفسير سورة الفتح للشعراوى
بسم الله الرحمن الرحيم
( إنا
فتحنا لك فتحا مبينا ) إنا للجماعة أما للفرد إن فإن الله عز وجل يخاطب الجماعة من
المؤمنين لا بصفة واحدة ولكن بصفات متعددة من الكمالات قدرة وعلم وحكمة وحينما
يتكلم عن الذات فيقول إننى أنا الله ففى الوحدالنية يفرد وفى الجماعة
( نحن )
وفى هذا تأكيد على الاستجابة فعندما يتكلم عن المنهج السماوى والمعجزة فى القرآن
فإذا ما أراد القدرة يأتى بنون الجمع وإذا ما أراد الإفراد يقول إننى أنا الله .
وفتحنا
( مادة ( ف و و ت و ن ) ( الفتح تأتى بمعان متعددة :
1 )
افتح الباب أو القفل ومعنى الفتح إزالة المغاليق فالفتح الحسى فى سورة يوسف عليه
السلام ( فلم فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم ) .
2 )
الفتح المعنوى : ما يأتى بالخيرات كلها فالمنافقون
حينما يأتوا لرسول الله عليه أفضل السلام وأتم التسليم اظهروا الايمان وهم كاذبون
ويضمرون الكفر ( إنا آمنا وإذا خلا إلى بعضهم قالوا إنما نحن مستهزون ) (
فالله يستهزىء بهم ويمدهم فى طغيانهم
يعمهون ) .
(
أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم ) ففى التوراة من المعانى فعليكم
فى التوراة أيها اليهود من المعانى بوجود صفات ومعانى الرسول محمد صلى الله عليه
وسلم وتحدى رسالة الاسلام المحمدية بالجحود والاستهزاء .
3 )
الفتح بمعنى الفصل فى الحكم ومن معانى الفتح النصر ( وأيده بجنود لم تروها )
العنكبوت والحمامة حينما كان رسول الله وصاحبه أبوبكر الصديق رضى الله عنه إذ قال
أبوبكر لرسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا فقال له الرسول الكريم العظيم (
ما بالك بإثنين الله ثالثهما ) .
فعليكم
أيها المسلمون عدم الاغترار بالنصر بقوة ( فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن
الله ) وهذا واقع فى معركة بدر حيث كان الرسول الكريم والمؤمنين والمسلمين وقريش
حين انتصر المسلمون فى معركة بدر أولى المعارك فى تاريخ الاسلام حين كانت قريش (
12000 شخص ) والمسلمون ( 300 شخص ) لاغير .
( هو
الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله ملك السموات
والأرض ) فحينما قامت دعوة الاسلام وعاندتها قريش وأهل الطائف حينما خرج رسول الله
صلى الله عليه وسلم حينما يئس من قريش فاستظل رسول الله الكريم العظيم حين قال (
اللهم أشكو لك ضعف قوتى وقلة حالتى وهوانى على الناس إن لم يكن عليك غضب فلا أبالى
أعوذ بنورك الذى أشرقت له الظلمات وصلح
عليه أمر الدنيا والآخرة أن تنزل عليك غضب لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا
بك ) فأنزل االله ملك الجبال وقال لرسول الله إن أردت أن أقبض عليهم الأخشبين (
الجبلين ) لفعلت فقال له رسول الله العظيم الكريم أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم
من يؤمن برسالة الاسلام أى بالقرآن وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم
فالله
عز وجل بشر رسوله الكريم حينما وقفت قريش ضده فوعده الحق بأن جزيرة العرب كلها
ستقف معه وتؤيده بدءا من أهل يثرب ( المدينة المنورة ) وتنصره فى دعوته ( دعوة
الاسلام ) .
المبين : الأمر الظاهر الواضح ( أو لم ير أن نأتى
الأرض ننقصها من أطرافها ) ( فينصرك الله نصرا عزيزا ) ( ما يفتح الله للناس من
رحمة فلا ممسك لها )
فتحنا
لك وفتحنا عليك ففى الدعاء ( الله يفتح لك ) وفتحنا عليك إنما
يفتح عليك فالفتح يأتى بالخير
( فلما
نسو ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شىء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغته )
( يأس بعد إطماع )
( كلا
إن الاسلام ليطغى إن رءاه استغنى إن إلى ربك الرجعى إفرأيت الذى ينهى عبدا إذا صلى
) ولو أن أهل الأرض آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض )
عليهم
تأتى عندما يأتى بعدها شر أما لك تأتى
بعدها خير
( ما
يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما
تأخر ) فالله عز وجل لن يتخلى عن رسوله
الكريم فى دعوته لرسالة الحق والخير والصلاح وحسن الخلق والصدق والأمانة والاخلاص
وترك الفواحش ما ظهر منها وما بطن كالكذب والنفاق والغش وسوء الخلق والخيانة فرسالة
الاسلام تدعوا لخير البشرية فى الدنيا والآخرة .
( ومن
يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين ) فتحريم ما أحل
الله وتحليل ما حرم الله من الأمور التى توقع الإنسان فى الشرك والكفر والالحاد .
فيوجد
عتاب عليك وعتاب لمصلحتك فالستر من الذنوب له عقوبة وما تأخر ستر الذنوب فلا تحضر
لك أبدا
( ويتم
نعمته عليك ) فالاسلام بدأ فى جزيرة العرب فما لا يوجد شخص فيها إلا ودخل الاسلام
والمسلمون بعد ذلك مطالبون شرعا بدعوة باقى دول العالم لدعوة الاسلام وفق ( 3 )
مبادىء 1 ) الدخول فى الاسلام 2 ) الجزية
3 ) القتال
فمعجزة
الاسلام أنه أخذ نصف الأرض بهدايتهم للاسلام فى نصف قرن ( اليوم أكملت لكم دينكم
وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا ) فقال أبو بكر الصديق رضى الله عنه إن
محمدا قد نعى نفسه فى يوم الحج الأكبر حينما أمر رسول الله عز وجل المسلمون بالحج
فقال المسلمون أفى كل عام يا رسول الله فقال لو قلتها لوجبت بمعنى أنها فرضت فى
العمر واحدة وما زاد فهو تطوع .
واكتمال
الرسالة المحمدية ( رسالة الاسلام فى الأرض ) حين اختار رسول الله الالتحاق
بالرفيق الأعلى ( الله عز وجل )
(و
يهديك صراطا مستقيما ) ( وينصرك الله نصرا عزيزا ) فالمنصور هو العزيز فكأن نصر
الحق يسعد الحق نفسه والعزيز الشىء النادر .
فالله
ناصرا عبده فى أوقات الشدة وفى أوقات الرخاء ففى أوقات الشدة ( لقد نصركم الله فى
مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبنكم كثرتكم فلم تغنى عنكم من الله شيئا فضاقت عليكم
الأرض بما رحبت فأنزل السكينة فى قلوب المؤمنين وأيدهم بجنود لم تروها ) ( فكم من
فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ) وهى واقعة فى بدر حيث ردم الرسول العظيم آبار بدر كلها إلا واحدة
ليشرب منها المسلمون ليعطش الكفار فلا يجدوا ماء ويموتون من شدة العطش بلإضافة للسيوف
والرماح والنبال التى كانت فى أيدى المسلمون فى معركة بدر وهى أول معارك الاسلام
ضد الكفر والفسق والالحاد .
( هو
الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين ليزادوا إيمانا مع إيمانهم ولله ملك السموات
والأرض ) إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل
منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلى
المؤمنون وزلزلو زلزلا شديدا
فعندما
تأتى المشقة فالله عز وجل يعاقب المؤمنون لأنهم اغتروا بالكثرة ولا بد للمؤمنون
ألا يخالفوا قانون الجندية فقانون الجندية ( الطاعة ) للرسول صلى الله عليه وسلم
حينما مر على النصر فى بدر ففى موقعة أحد فجاء الرماة بالنبل فأمرهم الرسول العظيم
بألا يتركوا ربوة جبل أحد بقوله إذا رأيتمونا نغنم فلا تشاركونا وإن رأيتمونا نهزم
فلا تأتوا خلفنا ) ولكن الرماة لم يستجييبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثت
الهزيمة عن طريق خالد بن الوليد وكان مشركا وقتها بالالتفاف وراء الربوة وهاجم جيش
المسلمين فبعد الهزيمة قال لهم أبو سفيان ( يوم بيوم يوم لنا ويوم عليكم ) فأجابه
رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أعز وأجل قتلانا فى الجنة وقتلاكم فى النار )
فالرسول الكريم لم يؤذ كما أوذى فى أحد .
( ولله
جنود السموات والأرض ) ( له معقبات من أمامه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ) (
وكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليهم حاصبا ) الحاصب جندى من جنود الله عز وجل ( ومنهم من أخذته
الصيحة ) والصيحة جندى من جنود الله
( ومنهم
من خسفنا به الأرض ) والخسوف جندى من جنود الله
( ومنهم من أغرقنا ) والغرق جندى من جنود الله عز وجل
فالجنود تعمل بخفاء عن عيون العدو فحينما أمر
الله عز وجل رسوله الكريم بالهجرة للمدينة المنورة ( يثرب ) ( وأيده بجنود لم
تروها وجعل كلمة الله هى العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ) فالكفار يأتو لغار ثور
ولا ينظرون تحتهم ليروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر الصديق رضى
الله عنه فحين لاقى رسول الله جوار ربه ( ص ) قال للمسلمين (-( من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان
يعبد الله فإن الله حى لا يموت ) فالعنكبوت ينسج خيطه على باب غار ثور وهو جندى من
جنود الله والحمام تقوم ببناء عشها فوق خيوط العنكبوت وهى جندى من جنود الله عز
وجل .
فحينما
أتى سراقة بن مالك ليحاول الوصول للرسول ( ص ) من أجل الغنيمة فحاول الوصول ولكنه
لم يفلح حيث غرزت قدم حصانه فى رمال الصحراء ووقع سراقة على الأرض وكاد يموت فسخره
الله لرسوله ليرشده لطريق المدينة المنورة وكان مشركا وقتها فالرمال جندى من جنود
الله ( اعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) فحينما أمر الله أم موسى حينما خافت
عليه من فرعون حيث كان فرعون يقتل أولاد بنى أسرائيل وأى ولد يولد فأمرها الله أن
تقذفيه فى اليم ( البحر ) فيأخذه عدو لى وعدو له فيتربى موسى عليه السلام فى قصر
فرعون وحينما أمر الله عز وجل موسى عليه السلام
حيث أنزل عليه الألواح حين نزلت عليه فى أرض سيناء عن طريق أنه رأى نارا
فقال لأهله أمكثوا إنى أنست نارا لعلى أتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى فحين
وصل إليها قال الله عز وجل له إخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى فقال له الله عز
وجل وما تلك بيمينك يا موسى قال له هى عصاى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى ولى
فيها مآرب أخرى قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هى حية تسعى فخاف موسى عليه السلام
فخاطبه الله بقولة يا موسى لا تخف سنعيدها
تارة أخرى وأضمم يدك لجناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى .
فوعد
الله أم موسى برجوع موسى عليه السلام إليها بقوله ( إنا رادوه إليك ) فقالت لأخته
قصيه فعندما وصل التابوت الذى فيه موسى عليه السلام أمام قصر فرعون قالت زوجة
فرعون ( لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا )
حيث حرم
الله عليه المراضع فردناك إلى أمك لكى لا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ) فرب القلوب
يجعل المرء يأخذ الأوامر الالهية دون مناقشة فأوامر الحق لا ينازعها شيطان ( ولله
جنود السموات والأرض وكان الله عليما حكيما ) .
عليم بالجنود
وهو خالقها وحكيم يقومها فى وقت مخصوص وفى وقت بحكمة مخصوصة فحينما نزلت على رسول
الله
( ص )
الأية قال لقد نزلت على آية ما أحب أن يكون بدلها عين الأمر كله ( إنا فتحنا لك
فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر وينصرك الله نصرا عزيزا ) فقال
الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين هنيئا مريئا يا رسول الله ( ص ) هذا ما أعده الله
لك فماذا أعده الله للمسلمين فنزلت الآية ( ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من
تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم ) ( ليدخل المؤمنين فى رحمته )
فالحكمة من الخلق والعبادة تعمير الأرض فالمرآة مستورة فى القرآن لأنها تابعة
للرجل فالله عز وجل لم يذكر المؤمنات فى القرآن إلا فى حالة وجود أوامر خاصة بهن
وباقى آيات القرآن
( يا
أيها الذين آمنوا ) فتشمل الرجل والمرأة فالمرآة لا تجاهد وجهادها حج بيت الله
الحرام فالإنسان إذ ا أخذ كل النعيم فى دنياه ألا يؤرقه شىء ولا يخيفه شىء فالذهاب
لمكان لا تموت فيه ( الجنة للمؤمنين ) والنار ( للكفار والمنافقين والمكذبين بيوم
البعث ) فالجنة بها ما لا أذن سمعت و لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر ) فالفوز
بالجنة دليل على حب الله للعبد المؤمن الصالح التقى الورع المتواضع الصدوق فالفوز بالجنة من فضل الله عز وجل فقال رسول
الله ( ص ) ( لا يدخل المؤمن الجنة بعمله فقط
ولكن حين يتغمده الله برحمته قالوا ولا أنت يا رسول الله قال لا إلا أن
يتغمدنى الله برحمته )
( من
كان يظن أن لن ينصره الله فى الدنيا والآخرة فليمدد بسبب إلى السماء ليقطع الحبل
ليصبح كالمشلول ( هل يذهبن قوله ما يغيظ ) الظن فى الله بالقول أنه موجود ومعه
شريك فالناس يقولون إن القرآن ليس من عندالله
الكفالر والمنافقين
بل من
عند محمد ( ص ) والبعض يقولون بانكار البعث يوم القيامة أءذا كنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون أو أباؤنا
الأولون
فهذا ظن
السوء على قيد مركز الظن فى العقيدة ( الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء )
سميت بالحديبية حين أتى المسلمون للحج ولكن المشركين منعوهم من دخول مكة هذا العام
ويأتوا العام القادم لآداء فريضة الحج فعن طريق المفاوض من المشركين ( سهيل بن
عمرو ) حيث وضعت عدة شروط للصلح من بينها أن من أراد الدخول فى عهد قريش دخل فيه
ومن أراد أن يدخل فى عهد محمد دخل فيه وتصالحوا على مدة ( 10 ) سنوات يأمن فيه
الناس وإذا خالف أحدهم الشروط نقض الصلح كله
فاستغلها المسلمون فى نشر دعوة الاسلام للجزيرة العربية جمعاء حيث دخل فى
الاسلام عدد كبير من المسلمين الجدد ( المؤلفة قلوبهم ) ( إن الذين يبايعونك إنما
يبايعون الله ) البيعة الحق قسمين :
1 )
المبايعة على الموت فى سبيل الله
2 ) المبايعة على عدم الفرار من المعركة
فراوية
البخارى الذى روها ( سلمة بن الأكوح ) يبايع على الموت فى سبيل الله وفى رواية
مسلم أنهم بايعوه على الفرار
( سيقول
لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا
وأهلونا فاستغفر لنا يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم ) المخلف الذى طلب منه
الرسول العظيم بالاتيان معه لاحدى المعارك فتخلفوا بقولهم ( سيقولون لك المخلفون
من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا ) فقولهم استغفر لنا يدل على أن قولهم ليس
صحيحا فيدل أنهم أذنبوا فالله أوحى لرسوله بما فى نفوسهم فقال لهم الرسول إنكم
ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون لأهليهم أبدا فقالوا إن محمدا لن يرجع من هذه
المعركة فكانت قريش ومعها من الكفار أقوياء من بنى قريطم وكنانة وثقيف وبكر وتعلب
وبنى مضر من اليهود لعنة الله عليهم أجمعين فالقرآن يتلى فى الصلاة فقالوا عند
تحويل القبلة من المسجد الأقصى للمسجد الحرام ( ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا
عليها قل لله المشرق والمغرب ) ( ولنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام
وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره )
(
فسنيريهم آياتنا فى الآفاق ) فالمخلفون من الأعراب كانوا أكثر من قبيلة ( 7 قبائل
) قبائل أشجع ومزينة وهواشم فالحق سبحانه وتعالى فتخيير ملك لليهود وقتها فقال
المخلفون نريد الذهاب لخيبر لأن فيها الخير من وجهة نظرهم
( قل
فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا ) فالأموال والنبوة
فهل تستطيعون هدايتهم فالله هو الهادى وله الأسماء الحسنى فادعوه بها .
( بل
كان الله بما تعملون خبيرا وزين ذلك فى قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا )
فالأرض البور التى ليس فيها نبات ولا ماء
ولا خير ( ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإن أعتدنا للكافرين سعيرا ) فقدر الله
أن جميع الناس سيؤمنون ويدخلون الجنة وقدر أن كل الناس سيدخلون جهنم فإذا جاء يوم
القيامة أخذ المؤمنون أماكن الكفار فى الجنة ولقد أخذ الكفار أماكن المؤمنين فى
النار .
( أولئك
هم الوارثون حقا الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ) ( ولله ملك السموات والأرض
) يوجد ملك بضم الميم
وفى ملك
بكسر الميم وفى ملك بتشديد الميم
الفرق
بينهما :
1 )
الملك بكسر الميم : ما تملكه وتتصرف
فيه
2 )
الملك بضم الميم : التصرف فى مالكيه
3 )
الملك بتشديد النميم : ما أخلفنا موعدك
بملكنا
( ولله
ملك السموات والأرض ) يأتى بالملك بكسر الميم للظرف ويأتى بالملك بضم الميم للمظروف فالمظروف أعلى من الظرف فالاكتشاف العلمى
أن للهواء ليس للتنفس فقط بل له أدوار
متعددة منها المساعدة فى تلقيح الزهور والنباتات وإنزال المطر عن طريق الرياح
والسحب والغيوم .
فالبحث
فى الأرض باكتشاف الذهب والماس والأحجار الكريمة من ( الزمرد والياقوت والماس )
والجرانيت والرخام وغيرها من المعادن والنفائس
فثروات الحضارات قائمة على ما يأتى به من ثروات الأرض .
( يغفر
لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان الله غفورا رحيما ) والله لا يهدى القوم الكافرين
والمنافقين بكفرهم وعنادهم وقولهم على الله ورسوله بهتانا عظيما ) فالايمان يطرد
الكفر من القلوب ويدخل الايمان مكان الكفر فى قلوب المؤمنين بحيث يصبح الكافر
مؤمنا بإذن الله فالكفر ينافس الايمان فالمقارنة بين الكفر والايمان فيدخل الايمان
مكان الكفر فى القلوب ( أن تقوموا لله مثنى وفرادى ) ( قل إننى أعظكم أن تقوموا
لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة بكسر الجيم
الجنة : التعرف من غير ترتيب
فصفات
الرسول من الصدق والأمانة والاخلاص فيقول الكافرين أنه لساحر أو شاعر أو مجنون
وهذا بهتان عظيم ( فقد لبثت فيكم عمرا من قبله أفلا تعقلون ) ( إذا انطلقتم لمغانم
لتأخذوها ) ( مغانم خيبر ) ( ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله )
( لو
خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولا وضعوا خلالكم يبتغونكم الفتنة وفيكم سماعون
لهم ) ( قل لن تتبعونا كذلك قال الله من قبل فيقولون بل تحسدودنا ( أن نأخذ من
الغنيمة ) ( بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا ) ( قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى
قوم أولى بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون ) مدة حرب الردة ( يؤتكم الله أجرا حسنا
وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما ) ( ليس على الأعم
ى حرج
ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن يطع الله ورسوله ( فى غير الجهاد ) (
يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما لقد رضى الله عن
المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم
فتحا قريبا ) ( مغانم كثيرة تأخذونها وكان الله عزيزا حكيما )
( وعدكم
الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدى الناس عنكم ولتكن آية للمؤمنين
ويهديهم صراطا مستقيما وأخرى لن تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل
شىء قديرا ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة
الله التى قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) ( وهو الذى كف أيديهم عنكم
وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفرهم عليكم وكان الله بما تعملون بصيرا هم
الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله ) الهدى وجود
الهدى دليل على قيامهم بالحج
( ولولا
رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطوءهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم يدخل
الله فى رحمته من يشاء
( لو
تزينوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما اذكروا إذ جعل الذين كفروا فى قلوبهم
الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين والزمهم كلمة
التقوى وكان الله بكل شىء عليما ) لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق
الرؤيا
: لأن رسول الله أن قال للصحابة رضوان الله عليهم أجمعين حيث لم يحدد وقت الطواف
حول الكعبة ( لتدخلون المسجد الحرام محلقون رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم
تعلموا فجعل من ذلك فتحا قريبا )
الفتح
القريب : فتح مكة .
( لقد
صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤسكم
ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك فتحا قريبا )
الحق
سبحانه وتعالى يقص على المسلمين وشوقهم بعد غربتهم عن مكة المكرمة واشتاقوا للحرم
لكن حمية الجاهلية الكاذبة إن القوة لا تعطى إلا لصاحب القوة وإن القوة التى تؤدى
شذ لصاحب القوة فليست محمودة بل مذمومة ولكنها قوة كاذبة تبنى بالظلم والطيش
والالحاد والحق سبحانه وتعالى حين تكلم عن هذه المسألة يتكلم عنها كأنها رؤيا
والرؤيا ما يراه الناس من أشياء فى المنام فهذه الأشياء قد يكون لها واقعا وقد لا
يكون لها واقع والرؤيا القرآن تكلم عنها كلاما واسعا فى أوله ولقصة يوسف عليه
السلام حين قال يوسف لأبيه حين رأى ( 11000 كوكبا ) والشمس والقمر لى ساجدين فقال
يا بنى لا تقصص رؤياك على اخوتك فيكيدوا لك كيدا )
المستشرقون
لا يفهمون الأمر فيعترفون عليها وعلى أم الكتاب ( القرأن الكريم العظيم ) لكن الله
عز وجل كرر كلمة الرؤيا لأنك لا تعرف يقينا هل الشمس والقمر والكواكب إلا إذا
عرفتها غير ساجدة ثم طرأ عليها السجود فيوجد ( 2 ) من الرؤى
1 ) أنك
رأيتها على حالها 2 ) أنك
رأيتها ساجدة
فكرر
كلمة الرؤيا للتأكيد مع أن السجود كانةثابتا ثم تحرك
1 )
السجود الثابت 2 ) السجود المتحرك
فالله
عز وجل لا يجعلهم يفهمون الأمر بالخطا ولكن يصحح لهم الأمر حتى يؤمنوا بالرسالة (
رسالة الاسلام ) كأن أبو يوسف علم أن هذا السجود من الكواكب والشمس والقمر دليل
على علو شانه ونبوته فإخوة يوسف حقدوا عليه وتآمروا عليه بإلقاءه فى البئر ( وجاءت
سيارة فأرسلوا واردهم قال يا بشرى هذا غلام وأسروه بضاعة وكانوا فيه من الزاهدين )
فكيف إذا عرفوا أن الأمر من السجود من الشمس والقمر والكواكب ليوسف عليه السلام
دليل على نبوة يوسف عليه السلام فإن أخوة يوسف أخذوا عليه بأنهم عصبة ( قالوا إن
أبانا لفى ضلال مبين ) ( قالوا إن يوسف أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة ) فأكنهم جاءوا
بالجواب ضد انفسهم ( هؤلاء من الأسباط
) الأسباط الأنبياء فكيف يتأتى فيهم الحسد والغيرة والحقد
والكذب ... الخ من الصفات الذمومة فالغيرة
تثبت على من أغير عليه ( يوسف عليه السلام ) فينزل الحقد لدرجة التقديس ( فقالوا
اقتلوا يوسف أو اطرحوة أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين ) (
قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف ارسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له
لحافظون قال إنى أخاف أن يأكله الذئب وانتم عنه غافلون ) (قالوا لأن أكله الذئب
ونحن عصبة إءنا إذا لخاسرون ) ( وجاءوا
على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على من
تصفون ) ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين ) فلما مكن الله
ليوسف عليه السلام بأن جعله مسؤولا عن خيرات مصر من الغذاء ( قال اخوة يوسف منع
منا الكيل فقال لهم يوسف لا كيل لكم عندى حتى تؤتون لى موثقا من الله ) ( وراودته
التى هى عن نفسه قد شغفها حبا ) فحينما كان يوسف عليه السلام فى السجن مر عليه
فتيان فقال أحدهم قال إنى أعصر خمرا وقال الأخر إنى أرى ان أعصرا فوق رأسى خبزا
تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين ) ( قال لا ياتيكم طعام
ترزفانه حتى أونبئكم يتأويله يا صاحبى السجن أما احدكما يعصر خمرا والأخر يأكل
الطير من رأسه قدر الله الذى فيه تستفتيان ) وحين رأى ملك مصر رؤيا مفادها ( إنى
أرى سبع بقرات سمان ياكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخرى يابسات ) ( يوسف أيها
الصديق أفتنا فى سبع بقرات سمان سأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخرى يابسات ) (
قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه فى سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتى
بعد ذلك سبع سنين شداد يأكلهن ما قدمتم لهن ثم يأتى عام فيه يغاث الناس وفيه
يعصرون ) فقال يوسف عليه السلام ( اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم ) ( إن
هذه رؤياى قد جعلها ربى حقا
فالرؤيا
الحق = ( 1 /46 ) من النبوة فالرؤيا تأتى والإنسان نائم فوجود بعض المؤمنين فى مكة
المكرمة ستروا ايمانهم عن قريش فإذا دخلتم مكة عنوة لقامت معركة قد يقتل فيها
الذين آمنوا سرا ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) فالكرامة عند الله بالتقوى لا
بسيطرة الغرور ( هو الذى أرسل رسوله بالحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
) ( أولئك على هدى من ربهم ) فالهدى يعطيك الخير المطلق والغاية الجميلة
فمن
يتبع الهدى يدخل الجنة ومن يكفر بالهدى
يدخل النار خالدا فيها فتحريم الربا يقدر للفقير والغنى كل شىء
( محمد
رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا ييتغون فضلا
من ربهم ورضوانا ) .
( محمد رسول الله ) ومعنى محمد يكثر الناس الحمد
عليه فكان يسمى الصادق الأمين المتواضع لله عز وجل العفيف .
.. الخ
من الصفات الحميدة فحادثة وضع الحجر الأسود بالكعبة المشرفة فاختلف الناس على من
يضعه واتفقوا على محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليضعه فى مكانه فمولد رسول
الله ( ص ) أمه آمنة بنت وهب وأبوه عبدالله بن عبد المطلب ولقد رأت آمنة بن وهب أن نورا يخرج من بطنها
ولقد توفى والده وهو فى بطن أمه ثم ماتت
أمه وهو فى السادسة من العمر وحين ولد أرضعته حليمة السعدية وكانت من الاعراب
الذين يعيشون فى الصحراء وكان عندها أغنام وكانت عنمتها ضعيفة وهزيلة فلما أخذت
محمد رسول الله اصبحت عنمتها قوية سريعة فالشىء الكونى يخرج مرة واحدة فعيسى عليه السلام
يكلم الناس فى المهد أما محمد ( ص ) الرسول الخاتم للناس أجمعين وللأزمنة عامة (
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) فمن الكتب المقدسة ( التوراة والانجيل
والقرآن ) فقد طلب الله من اليهود والنصارى بالمحافظة على كتبهم السماوية ولكنهم
حرفوا الكتب السماوية ( التوراة والانجيل ) ( والربانيون والأحبار بما استحفظوا من
كتاب الله ) فالتكليف قد يطاع وقد يعصى وسيظل ذكر القرآن ز
ففى
النار بالنسبة للكفار والمنافقين ( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جنودا غيرها ليذوقوا
العذاب ) ( ورب المشارق ورب المغارب ) فكل مكان له مشرق ومغرب فأمام كل مشرق مغرب
وأمام كل مغرب مشرق
حادثة
الاسراء والمعراج حيث أسرى برسول الله ( ص ) على ظهر البراق من المسجد الحرام
للمسجد الأقصى الذى باركنا حوله حيث صلى رسول الله ( ص ) بالأنبياء والرسل إماما
ثم عرج به للسماء السابعة وفى الفردوس الأعلى قال جبريل لرسول الله إن تقدمت خطوة
احترقت وإن تقدمت لاخترقت فصدقه أبوبكر الصديق .
( محمد
رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا
من ربهم ورضوانا )
فحينما
قامت حروب الردة بسبب انكارهم فريضة الزكاة وظهور مسيلمة الكذاب حيث أنه ادعى
النبوة كذبا وافتراء فقاتلهم أبو بكر الصديق لانكارهم فريضة الزكاة .
( وإن
ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ) ( ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن
أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ) ( سيماهم فى وجوههم من أثر السجود
ذلك مثلهم فى التوراة ) لأن السجود أقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد ) ( يوم
تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين ابيضت وجوههم ففى رحمة الله ومن اسودت وجوههم
أكفرتم بعد ايمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) ( فأخرجنا به ثمرات كل شىء )
قسم النبات
( ومن
الجبال جدد بيض مختلف ألوانها وغرابيب سود ) قسم الجماد فالاسلام مع العلم الكونى لا ضده
( ومن
الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله من عباده العلماء كذلك مثلهم
فى التوراة ومثلهم فى الانجيل كزرع أخرج شطأه ) فموسى عليه السلام كتابه التوراة
التى يوجد فيها أمور مادية أما عيسى عليه السلام يكلم الناس فى المهد وكتابه
الانجيل ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ( فمن زحزح عن النار
وأدخل الجنة فقد فاز ) ( والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين أمنوا وعملوا
الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )
Comments
Post a Comment