تفسير سورة الحجرات للشعراوى
تفسير سورة الحجرات للشعراوى
( يا
أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله ) هذه السورة ( الحجرات ) بعد ما
حصل فى الموقعة التى حكاها الله فى غزوة الحديبية وكان للمسلمين رأى وهو الحج فى
هذا العام ورأى الرسول ( ص ) الاتيان تحت الشجرة من صلح للحديبية فأتى المؤمنون
تحت الشجرة حيث تعاهد سهيل بن عمرو مع رسول الله ( ص ) حيث قال رسول الله بسم الله
الرحمن الرحيم فقال سهيل بل اكتب بسمك اللهم هذا ما تعاهد عليه رسول الله فقال
سهيل لو لم أشهد أنك رسول الله لم أقاتللك فتعاهدوا على
( 10
سنوات ) يأمن فيه الناس ومن أراد الدخول فى عقد قريش دخل فيه ومن أراد أن يدخل فى
عقد الاسلام دخل فية ولقد استثمر المسلمون الوقت فى الدعوة للاسلام حيث قاموا
بدعوة الفرس والروم والمجوس للدخول فى الاسلام على المبادىء التالية : 1 )
الدخول فى الاسلام 2 ) دفع الجزية 3 ) القتال ( الحرب )
وإذا لم
يرضى المسلمون رأى رسول الله ( ص ) فهذا تعصب للاسلام .
فالله
يعلم أنه إذا دخل المسلمون مكة هذا العام غصبا عن قريش عنوة قامت معركة فربما يقتل
فيها من أسلم سرا فالحق علم ما لم يعلمه المسلمون فهو الحق العليم القدير على كل
شىء فلقد رضى رسول الله ( ص ) بمبدأ الصلح حرصا على سلامة المسلمين سرا والحج بعد
سنة .
وقبل
الدخول فى صلح الحديبية دخل الرسول الكريم على أم سلمة قائلا هلك المسلمون فقالت
لماذا قال آمرتهم فلم يستجيبوا فقالت أم سلمة افعل ما تريده بنفسك يا رسول الله
فإن فعلت فسيفعلون مثلك .
( إن
الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ) حيث
عرف رسول الله ( ص ) فى القرآن بالرؤوف الرحيم فخادم رسول الله ( ص ) لم يقل له
لشىء فعلته لما فعلته وإذا لم أفعل شيئا لماذا لم أفعله .
حيث
امتحن الله قلوب المؤمنين للتقوى بابلاغ الأمم رسالة الاسلام على كل الأرض بعد
وفاة الرسول الكريم ( ص ) ورسالة الرسل والأنبياء السابقين على رسول الله ( ص )
حيث كان رسول الله ( ص ) خاتم الأنبياء والمرسلين حيث أمر الاسلام
ب ( 3
أمور ) 1 ) الدخول فى الاسلام 2 ) دفع الجزية 3 ) القتال ( الحرب )
لأنهم مفوضين
لحمل الأمانة ( أمانة رسالة الاسلام ) للعالم كله فلابد من الاختبار فامتحان الله
للمسلمين لحمل الأمانة أمانة الاسلام لابلاغها للعالم كله فى كل الأوقات والأزمنة
والأماكن حتى قيام الساعة .
( وكذلك
جعلناكم أمة وسطا لتكنوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) فالرسول ( ص
) قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء ليلها
كنهارها وكل مسلم ومؤمن مطالب بتبليغ رسالة الاسلام لجميع الأمم على وجه الأرض .
إن
الذين يقدمون أنفسهم فى المعارك ضد الكافرين ويستشهدون فى سبيل الله أولئك الذين
نجحوا فى الامتحان وفازوا بالرحمة ودخول الجنة ( كل نفس ذائقة الموت ) فمكافأة
الله للشهداء فى سبيل الله أنهم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتهم الله من
فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم فيموت الشهيد عند الناس ولا يموت عند الله
فهو فى رحمة وعيش دائم وسعادة غامرة .
( لهم
مغفرة وأجر عظيم ) ( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجرا عظيما ) (
إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم
لكان خيرا لهم والله غفور رحيم ) ( يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ
فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ).
فتكرار
( يا ايها الذين آمنوا ) فى سورة ( الحجرات ) يدل على أن الله عز وجل يكلف عباده
بأوامر الاسلام ونواهيه عن طريق رسوله الكريم ( ص ) .
( يا
بنى لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن
المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) ( ولا تصعر خدك للناس ولا تمش
فى الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور ) .
فرفع
الأصوات عند رسول الله من المحرمات مما يستوجب مسح الحسنات والاتيان بالسيئات .
( يا
أيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبأ ) الفاسق : صاحب الكبائر والمنكرات والرذائل
فالايمان يغلف المؤمن ويصونه من الآفات فإذا خرج عن الايمان يعتبر فاسق .
( يا
أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على
ما فعلتم نادمين ) فإذا أصيب القوم بجهالة فالذى أصيب بالجهالة له الحق وإنكم أيها
المسلمون عليكم الحق فانقلبت الآية ولماذا الندم لأنها حينما تأتى بالحق على أحد
بدون مبرر تندم لأنك قلبت الموقف فالنفس الانسانية تصيب بالخطأ والجهالة والندم
على فعلتها وهناك من يعمل معصية ويفرح بها ( إنما التوبة على الله الذين يعملون
السوء بجهالة ) من غير ترتيب بل وقعت عليهم المعصية ثم يتوبون من قريب ( إنما
التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب أولئك يتوب الله
عليهم وكان الله عليما حكيما وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم
الموت قال إنى تبت الأن )
والندم
على المعصية أول مراحل التوبة .
إن
الوليد بن عقبة بن معيض والله ورسول الله ( ص ) فى جباية مال ال زكاة من مال
المصطفى ( ص ) فتأكد رسول الله وتبين من صدق الخبر وقال إنما خرجنا فرحا به .
رسول
الله ( ص ) بلغه أن مارية ابنة ابراهيم رضى الله عنها لها ابن عم كان يزورها ويسكن عندها فلما بلغ ذلك رسول الله
( ص )
قال يا على خذ هذا السيف واذهب فإذا تداركته فاقتله اقتله أم يرى الشاهد ما لا يرى
الغائب .
فلما
ذهب وجده عند ماريا فصعد الوليد على النخلة خوفا من القتل ولما صعد بحيث لا يتناوله السيف ألقى بنفسه على
الأرض
(
واعلموا أن فيكم رسول الله لويطيعكم فى كثير من الأمر لعنتم ) ( لقد جاءكم رسول من
أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ) ولكن الله حبب اليكم
الايمان لوجوده فيكم ( تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله
وسنتى ) فقلب المؤمن يحتوى الله ورسوله ( ولكن الله حبب إليكم الايمان وزينه فى
قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ) ( وإن طائفتان من
المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى
حتى تفىء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما )
القسط : العدل القسط
: الظلم من فعل قسط
(
واتقوا الله لعلكم ترحمون ) ( يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن
يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ) فكل مخالفة لأمر الله
تظهر العورات فى المجتمع وكل استجابة لأمر الله تصون العورات فى المجتمع
( يا
أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء
عسى أن يكن خيرا منهن )
المؤمن
قسمان : حاضر وغائب ( ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب ) فالحاضر قال لا
يسخر قوم من قوم
الغائب
لا يغتب بعضكم بعضا فالله قال لأحد المؤمنين بأنهم ليسوا مؤمنين ولكن مسلمين ولم
يدخل الايمان لقلوبهم
عندما
يقول الله عزوجل ( لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء ) لأن السخرية والاستهزاء
فالسخرية والاستهزاء بالغنى على الفقير بالقوى على الضعيف بالكبير على الصغير فإذا
تتبع انسان عيوب انسان آخر ويكون الآنسان الآخر أفضل منه عند الله بفضائل كثيرة
تتبع الله عورته حتى يفضحه فى عقر داره
( رفع
بعضكم فوق بعض درجات ) فيوجد مرفوع ويوجد مرفوع عليه مرفوع فى شىء ومرفوع عليه فى
شىء آخر فكل انسان مسخر لانسان آخر فى شىء ويستطيالقيام بعمل ما ويوجد مرفوع عليه
فى شىء ما آخر وهكذا فمؤلف الموسيقى
(
بتهوفن ) أنتج الموسيقى وهو أصم لا يسمع .
فالله
عز وجل لم يتخذ صاحبة ولا ولدا فالله يأمرنا أن نعدل بين أولادنا فى القبل
( إذا قيل لكم تفسحوا فى المجالس فافسحوا يفسح الله لكم ) ( فقلنا يا آدم إن هذا
عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) ( ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا
بالألقاب ) التنابذ : الترك الترك
لقب واسم وكنية فقول الانسان السلام عليكم عند الدخول فيرد عليه وعليكم
السلام فيكون المسلم سلم على نفسه بنفسه ( بئس اسم الفسوق بعد الايمان ) ( ومن لم
يتب فأولئك هم الظالمون ) ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض
الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا )
الظن : ظن حسن
ظن سىء الظن الحسن الاحتياط من
الشىء
التجسس
: تتبع عورات الناس التحسس : طلب الشىء لاعورة فيه
الغيبة : ذكر المرء ما يكره وهو فيه فقد اغتبته وإن لم
يكن فيه فقد بهته
( أيحب
أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم ) ( يا أيها
الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند
الله أتقاكم إن الله عليم حكيم ) ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم حكيم )
فعندما يقول الله عز وجل فى كتابه الكريم
(
القرآن ) يا أيها الناس يعنى كل الناس المؤمن والكافر على السواء
وإذا
تكلم يا أيها الذين آمنوا المقصود تكاليف الاسلام ( أوامره ونواهيه ) ( يا أيها
الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا
ونساءا فالرجال والنساء الكثير أصبحوا شعوبا وقبائل كالشعب العربى والرومانى
والفارسى حيث أن الشعوب انقسمت لقبائل والقبائل لبطون فالله قد جعل التكامل بين
الشعوب والقبائل وإنما جعل التكامل فى نعم الله فالشعب العربى ثورته البترول الشعب المصرى
العقول العلمية المصرية
الشعب
الأمريكى التكنولوجيا
فالمرأة
ليست ضد الرجل وإنما مكملة للرجل فالرجل له مهمة والمرأة لها مهمة ( والليل إذا
يغشى والنهار إذا تجلى ) فالليل للسكون والنهار للسعى والعمل ( قل أريتم إن جعل
الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون
قل أريتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم
بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون )
(
والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى )
فمهمة
المرأة الحنان لأنها تحنوا على الطفولة الموجودة فى بطنها فالشيطان يأمر الانسان
بالشرور كلها ومنها ( ولأمرنهم فليغيرن خلق الله ) ( أفلا يعلم من خلق وهو اللطيف
الخبير ) ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله
عليم حكيم ) فالزوج والزوجة لهما أطفال كثر فلابد من إعطاء كل طفل اسم ليميزه عن
غيره من الأطفال من أجل التكامل فالشعوب والقبائل أكرمهم عند الله أتقاهم إن الله
عليم خبير ) ( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا بل قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان
فى قلوبكم ) الأعراب : سكان البادية ( وإن
تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم فبعض الأيات يقدم
الله فيها المغفرة فوق الرحمة وفى آيات أخرى يقدم الرحمة فوق المغفرة ( والذين آمنوا
واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم ) ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله
ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله ) فمن ضحى بماله
ونفسه فى سبيل الله أدخله الله فسيح جناته وهو حى يرزق عند الله
( إن
الله يعلم غيب السموات والأرض والله بصير بما تعملون ) إن السموات والأرض لها ( 3
أساليب ) فى القرآن :
1 ) له
ملك السموات والأرض
2 ) له
ما فى السموات وما فى الأرض
3 ) إن
الله يعلم غيب السموات والأرض
والسموات
والأرض رغم العجائب فيها والتكوين الهندسى الرائع البديع ظرف لما فيها فإن الظرف دائما
المظروف فيه أنفس منه فالخزانة التى فى البيت ونضع فيها نفائسنا النفائس فيها أثمن من الخزانة نفسها فإن ما فى
السموات والأرض شىء أنفس مما فى السموات والأرض نفسها .
إن الله
يعلم غيب السموات والأرض فالمراحل المتعددة تدلنا على عظمة الظرف أولا وعظمة
المظروف فيه ثانيا وعظمة المظروف فى المظروف ثالثا .
Comments
Post a Comment